اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٩ كانون الأول ٢٠٢٥
لم يكن عام 2025 عاماً عاديّاً على لبنان. ففي ظلّ تحديات أمنيّة واجتماعيّة واقتصاديّة غير مسبوقة، وجد البلد نفسه مُحاطاً بمزيج من التّهديدات: حدود جنوبية وشمالية قابلة للاشتعال، تهديداتٌ إسرائيلية متواصلة على وقع الاستهدافات اليوميّة، تفلّتٌ اجتماعي، جريمة منظمة، فضلا عن التلويح بفتنة داخليّة قد تشتعل في أي لحظة. ومع ذلك، مرّ العام، حتّى الآن، من دون الانفجار الكبير الذي كان كثيرون يخشونه. فماذا في جردة صمود لبنان في الـ2025؟ وأيّ انجازات أمنيّة برزت في سنة كانت الأخطر على اللبنانيّين منذ سنوات طويلة؟
من الجنوب بدأ الامتحان الأكبر، حيث ثبّت الجيش اللبناني انتشاره وجهوزيّته تنفيذاً لخطة درع الوطن الهادفة إلى حصر السلاح. عالج 177 نفقاً وأغلق 11 معبراً على طول مجرى نهر الليطاني، وضبط 566 راجمة صواريخ، وأعلن أنّه نفذ أكثر من 300 ألف مهمة عسكريّة في جنوب الليطاني منذ بدء تطبيق الخطة بفضل وجود 10 آلاف عسكري في هذه المنطقة رغم الصعوبات والاعتداءات الإسرائيليّة المتكرّرة، في وقتٍ اعتمدت فيه إسرائيل سياسة الضغط على الجيش ليكون أكثر صرامة وسرعة في تنفيذ الخطّة، طالبة منه تنفيذ عمليات تفتيش في المنازل الجنوبية بحثاً عن أسلحة تابعة لـحزب الله، وهو ما رفضته القيادة العسكريّة التي أكّدت في المقابل التعاون الكامل من قِبل الأهالي معها. ورغم بدء مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل بمشاركة السفير اللبناني السابق سيمون كرم، إلا أنّ هذه الخطوة أتت كفرملة للعمليّة العسكريّة التي هدّدت بها إسرائيل لمطلع الـ2026 كما يجزُم مراقبون.
في البقاع والحدود الشرقية، استمرت العمليات الأمنيّة ضد شبكات التهريب، سواء تلك المرتبطة بالمحروقات أو السّلاح أو المخدرات. وتمكّنت وحدات الجيش من تنفيذ عمليّات دقيقة في حربها الشرسة ضدّ تجّار المخدرات ما أدى إلى توقيف مطلوبين خطرين من بينهم بارون المخدّرات نوح زعيتر، وعلي منذر زعيتر الملقب بـأبو سلّة، وتفكيك مجموعات وعصابات مسلّحة في البقاع. كما سطّرت القوى الامنية بطولات إضافيّة في هذا الملف عبر سلسلة عمليات نوعية أسفرت عن تفكيك مصانع تنتج ملايين وأطنان الحبوب المخدّرة، وضبط كميات هائلة كانت موجهة للأسواق الخارجيّة.
وفي الداخل، بدا واضحاً أن الأجهزة الأمنيّة استطاعت تسجيل تقدّم في ملف الجريمة المنظّمة. فبعد سنوات شكّلت فيها السرقة والخطف مقابل فدية هاجساً يوميّاً، سجّل العام 2025 تراجعاً ملحوظاً في معدلات هذه الجرائم، نتيجة لعمليات المداهمة المتواصلة ودوريات مشتركة بين الجيش وقوى الأمن. كما شهدت عدة مناطق سقوط شبكات متورطة في سرقة السيارات وتهريبها. في موازاة ذلك، واصلت الأجهزة الأمنية عملها في مكافحة الإرهاب. فقد تمّ توقيف خلايا مرتبطة بتنظيمات متطرفة وداعشيّة كانت تعمل على تجنيد شبان وإعداد مخططات للإخلال بالأمن.
ولا يُمكن في جردة 2025 تجاهل ملف النازحين السوريّين، فرغم تعقيدات هذا الملفّ وانعكاساته الأمنيّة، سُجّل خلال العام 2025 تقدّم ملموس على صعيد العودة، ما انعكس تخفيفاً نسبياً للضغط الأمني، فوفق بيانات الأمم المتحدة، عاد أكثر من 378 ألف لاجئ سوري من لبنان الى بلادهم ضمن المرحلة الثانية عشرة من برنامج العودة الآمنة والمنظمة. وقد أُطلقت خطة تُسهِّل العودة الطوعية عبر إعفاءات قانونية ودعم لوجستي. ورغم هذا التقدّم، يبقى الملف مفتوحاً على تحدّيات إضافية، إذ إنّ الضغط الأمني لا يزال قائماً ما دامت أعداد كبيرة من النازحين تقيم خارج الأطر القانونية، وما دام مسار العودة بحاجة إلى ضمانات أوسع وقرارات على مستوى أكبر.
أنجز لبنان الكثير أمنياًّ خلال هذا العام، إلا أنه سقط أيضاً في مطبّات أمنيّة أخرى شكّلت علامات سوداء كبيرة، ومنها جريمة قتل الشاب إيليو أبي حنّا برصاصٍ فلسطيني في ظلّ الجمود في ملف سحب السلاح الفلسطيني من داخل المخيّمات، فضلاً عن عدم تحقيق تقدّم ملموس في ملف انفجار مرفأ بيروت رغم الوعود الرسميّة في هذا الإطار.
في نهاية هذا العام الصعب، يبدو عنوان الجردة الأمنيّة واضحاً: لبنان بقي متماسكاً أمنيّاً رغم كل أسباب الانفجار. فالأجهزة الأمنية المختلفة، رغم التحديات وبعض الملاحظات، أدّت دوراً مُضاعفاً، وأحبطت محاولات لجرّ البلد إلى مواجهات داخلية وخارجية. مرّ لبنان بعامٍ خطير، وقف على الحافة ولكنّه لم يسقط. والسؤال الأساسي الذي يُطرح في آخر أيام الـ2025: ماذا ينتظرنا فجر الـ2026؟ أيضاً، هل بات لبنان يحتاج إلى ما هو أبعد من الأمن ليكتب فصلاً حقيقيّاً من الاستقرار والسّلام؟











































































