اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٦ كانون الأول ٢٠٢٥
نظمت «رابطة قنوبين للرسالة والتراث» و«مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية» واللجنة الثقافية في أبرشية طرابلس المارونية ندوة حول كتاب بعنوان «الوادي المقدس (قاديشا) بضفتيه حلقة اللقاء بين قنوبين والفيحاء»، نشرته مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية. الكتاب كناية عن مجموعة أبحاث حرّرها ١٧ باحثاً وقدّم له البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي والمفتي الدكتور مالك الشعار والمطران يوسف سويف. وعرض فيلم وثائقي بعنوان «طرابلس والجوار» كتب نصّه التاريخي الزميل جورج عرب، وصوّره وأخرجه ميلاد طوق.
أقيمت الندوة في قاعة سابا قيصر زريق للأنشطة الثقافية في مدرسة المطران الخيرية المتصلة بقلّاية الصليب، مقر كرسي مطرانية طرابلس المارونية، في حضور رئيس أساقفة طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، ممثل النائب اللواء أشرف ريفي كمال زيادة، النائب السابق الدكتور أحمد فتفت، رئيس رابطة قنوبين نوفل الشدراوي، الرئيس السابق لبلدية الميناء عبد القادر علم الدين، رئيس إقليم «كاريتاس» - الجبة الدكتور إيليا إيليا، مؤرخ طرابلس د. عمر تدمري وعقيلة رئيس الهيئة الإدارية لمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية أمية أبي صعب زريق، وحشد من الأدباء ورؤساء الأندية والجمعيات والهيئات المحلية والمؤسسات التربوية.
بداية، النشيد الوطني ونشيد الفيحاء للشاعر زريق.
زريق
وألقى الدكتور سابا قيصر زريق كلمة قال فيها: «إن كان للوادي المقدّس ضفتان، قنوبين جبلاً وواد وفيحاؤنا سهلاً ويم، فهما حتماً بغنى عن اصطناع جسور وهمية لتجمعهما. تضع رابطة قنوبين للرسالة والتراث اليوم بين أيادينا دليلاً قاطعاً ولا أوضح على ذلك. دليل يرشح عن روحية ما بشّرت به كلمات البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي والمطران سويف والمفتي مالك الشعار في تتويجها صفحات الكتاب؛ وكذلك ما أدلى به سبعة عشر شاهداً من أهلنا جندوا أقلامهم في أبحاث أحاطت ليس فقط بعمق العلاقة التاريخية بين قنوبين وطرابلس وهي علاقة فرضتها مواطنية كل منهم، مواطنية واعية لعضوية العلاقة المتجذّرة في تاريخ طويل من التفاعل الإنساني البناء، فحسب، بل تطرقوا إلى مفهوم الدين وتعاليمه والقيم الموحدة التي يُرشدنا إليها. كما كشفت تلك الأبحاث أن في شمالنا الحبيب توأمين في الإيمان والإنسانية».
أضاف: «يحضن كتاب الوادي المقدس (قاديشا) بضفتيه حلقة اللقاء بين قنوبين والفيحاء»، بين دفتيه شهادات حيّة وصادقة، بقلم أرباب فكر وعلم وأدب وتاريخ، أبرزوا مجتمعين تراث المكانين الديني والثقافي والإجتماعي والسياسي والاقتصادي. فكم من المؤمنين من مدينتي أمّوا ذلك الوادي المتميّز بعزلته ليشعروا بقربهم من رب العالمين، لاجئين إليه، متضرعين ومكترين».
تابع: «إن المشارب التي غرف باحثونا منها مُحَكَّمة. أطلعهم رحالة وقناصل ومترجمون وكتّاب آخرون على الأحوال الاجتماعية في شمال لبنان منهم من اتكأ على قيود المحاكم الشرعية التي تنطق بأمانة بمدى تداخل حياة أهل المدينة بحياة الوافدين إليها من الجوار المسيحي القريب والأبعد. سبروا أغوار الصحافة والمدارس الشمالية وأرشيف بعض الجهات والجاليات الأجنبية في المدينة والأديرة والمنتديات الثقافية، التي جسّدت الألفة بين الطرابلسيين وإخوان لهم من المناطق الأخرى. وهم لم يغفلوا عن إبراز الدور التجاري المحوري الذي أدّته طرابلس في القرن الخامس عشر. كما أعلمونا بأن طرابلس تستقبل الموارنة منذ منتصف الألفية الراحلة».
ختم: «أجاد الدكتور عرب في استقطاب أقلام متنورة لتشارك القارئ حصيلة أبحاث كيفما قرأناها رأيناها تصب في خانة من الود والوئام والتكامل الوطني. شكراً من القلب له ولرابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث، وللجنة الثقافية في أبرشية طرابلس المارونية لجمع شملنا في هذه الأمسية المباركة، والشكر لسيدنا سويف، داعية الحوار والتلاقي، سيد هذا الصرح، على رعايته الدائمة والمميّزة لفعاليات ينضح منها عبير الإيمان الجامع. وقد أسعدني أن يُزيّن الكتاب الذي نحتفي به اليوم إصدارات منشورات مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية، مغدقاً عليها بنعمة من نور وبركة من رجاء».
الشدراوي
وألقى رئيس «رابطة قنوبين للرسالة والتراث» نوفل الشدراوي كلمة قال فيها: «نأتيكم من أعماق قنوبين بما تحمل أعماق القلوب من محبة ومودّة وأخوّة، من قنوبين الى الفيحاء امتداد متكامل في التاريخ وفي الجغرافية وفي القيم الوطنية والإنسانية، إنه جسر اللقاء هدّام الجدران، إنه مسار المشترك الجامع، ومسيرة الوحدة المنقذة بين قنوبين والفيحاء لقاء إنساني يستكمل تلك المسيرة الحضارية التي حصّلها المسيحيون والمسلمون معاً، وجسّدوا من خلالها شراكة جامعة أبرزت أصالتهم وتراثهم المشترك في لبنان والشرق. يُسعد رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث أن تُنتج هذا العمل الثقافي الحامل أبعاداً وطنية في صميم البناء الوطني العام. ويُسعدها أكثر أن تقدّم هذا العمل في طرابلس الفيحاء، مدينة العلم والعلماء، بالتعاون مع مؤسسة شاعر الفيحاء الثقافية سابا زريق، التي يجمعنا بها نظامياً ميثاق شراكة وتعاون، ويجمعنا بها واقعياً هذا المشترك العميق من الأمانة لتراثنا ولرسالتنا».
أضاف: «يطيب لنا عرض هذا العمل برعاية القادة الدينيين وحضور هم، رعاة اللقاء الإنساني الواسع، العاملين على ترجمته بمبادرات عملية ملموسة تمجد لله بمحبة أبنائه وخدمتهم، وتفتخر رابطتنا لتعاونها مع نخبة من أهل الفكر والعلم والثقافة سواء أولئك الذين أنتجوا العمل بوجهيه الوثائقي المصور والكتابي، أو الذين يتحدثون اليوم فيه شكراً للرعاة وللمستضيفين وللمنظمين وللمتحدثين وكلهم أمناء، بشهادة الحياة المعيوشة، لمسيرتنا الثقافية الجامعة، التي تشكّل أبرز مقومات الوحدة الوطنية».
ختم: «نخاطبكم خطاب محبة قنوبين لكل المؤمنين في هذا الوطن الرسالة، ويأتينا قداسة البابا لاوون الرابع عشر ليدفع بزخم أكبر طاقات الأمانة والشهادة للبنان الوطن الرسالة، وهذا المساء نجتمع لنجمع بخور قنوبين بأرض الفيحاء المشرعة على الحوار والتلاقي، ولنحمل من أريج الفيحاء عبق المحبة أيضاً الى قنوبين التيار الثقافي الراسخ في مفهومي الايمان بلله والولاء للوطن. شكراً لكم جميعاً، والعهد أن نظل معاً شركاء المحبة والأخوة والمواطنة لحماية لبنان وبناء مستقبله المنشود، والسلام».
الحلوة
وألقى كلمة اللقاء للحوار الديني والاجتماعي الدكتور مصطفى الحلوة كلمة قال فيها: «هي ليست ندوة حول كتاب فحسب ، بل هو لقاء العيش معاً.. لقاء الشراكة المسيحية - الإسلامية، تلك الشراكة التي لطالما لهج بها البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الجزيل الاحترام. ولقاؤنا اليوم، أيّها الأحبّة، يأتي في الزمن المناسب وفي المكان المناسب. هذا اللقاء الفيحاوي - القنّوبيني، نعيشُهُ، فعلَ إيمانٍ حقيقيًّا، عشيَّة زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر، مُترسِّماً خُطى سَلَفيْه، قداسة البابا القديس مار يوحنا بولس الثاني، وقداسة البابا بنديكتوس السادس عشر. أجل! تنعقد هذه الندوة، في هذا الصرح التربوي المبارك، الذي يُحاور قلاّية الصليب، حيث يُذكر اسمُ لله، ويُتعبَّد له، آناء الليل وأطراف النهار! فَنِعْمَ الزمانُ ونعم المكان، ونعم القيّمون عليه، وفي طليعتهم سيادة المطران يوسف سويف، أحد كبار الدُعاة للعيش الوطني الواحد، في طرابلس والشِمال، وعلى مستوى الجغرافيا اللبنانية».
وقال: «لَكَمْ يُسعدني أن أكونَ أَحَدَ سبعة عشر باحثاً، في هذا السِفر القيِّم، الذي يُنتدى حوله اليوم ، وقد جاءت دراستي، بعنوان: «طرابلس العيش الواحد/ السِمة المتأصّلة في هُويّة المدينة». وكم يُشرّفني أن ألقي كلمة «اللقاء للحوار الديني والاجتماعي»، الذي انطلق، في حراكه، العام الماضي، ليشغل مساحةً في المشهد الحواري، بين أتباع الديانات، وفي إعارة حوار الحياة ما يستحقّ من اهتمام، وذلك من منظور العلاقة الجدليّة بين المعطيين الديني والاجتماعي».
سويف
وكانت كلمة للمطران سويف قال فيها: «كتاب الوادي المقدس (قاديشا) وضفتيه حلقة اللقاء بين قنوبين والفيحاء» هو من إعداد رابطة قنوبين البطريركيّة للرسالة والتراث، تنسيق الأستاذ جورج عرب «حارس الوادي» ومجموعة من الباحثين. نشرته مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافيّة، واليوم يقدّم في «المدينة» بالتعاون مع اللجنة الثقافيّة في أبرشيّة طرابلس المارونيّة التي تفتتح أعمالها بتنسيق الدكتور جان جبّور. أتمنّى للجميع ندوة مثمرة في فيحاء اللقاء والحوار والأخوّة الإنسانيّة، في زمن يحتاج فيه لبنان الى ترسيخ قيم المحبّة والغفران والسلام».
أضاف: «نلتقي اليوم في حضرة كتاب وفي حضرة وادٍ وفي حضرة قداسةٍ لا تُختصر في جغرافيا، بل تتّسع لتشمل القلب والروح والذاكرة. نلتقي لنوقّع كتاباً، نعم، لكننا في العمق نوقّع على عهدٍ جديد مع أنفسنا: أن نقرأ الأرض بعين الروح، وأن نسمع صمت الصخور كما نسمع تراتيلاً تفوح عطر قداسة من الوادي في ضفتيه. الوادي المقدّس في ضفّتيه، ليس مجرّد تضاريس أو تاريخ. هو مسارٌ روحيٌّ حيّ، كتبته أقدام النُسّاك مع أيادٍ ترتفع تضرعاً لأجل حياة العالم، ودموع المتصوّفين تعانق قلوبهم النقيّة في دينامية الحب الإلهي الذي يصافح كلّ امرءٍ وكلَّ خلقِ لله، ليحيا مع الكلّ في سلام وأمان».
ختم: «لبنان، هذا الوطن المجروح، الذي استقبل «خليفة بطرس» البابا لاوون الرابع عشر، يحمل في واديه المقدّس نبوءة الوحدة. وحدة روحية و وطنيّة وإنسانية وأخلاقية. وحدة تقول أننا نستطيع أن نلتقي في العمق، أن نصلّي بلغات مختلفة لكن بقلب واحد».
ثم عرض فيلم بعنوان: «طرابلس والجوار»، واختتم اللقاء بندوة أدارها الدكتور جان جبور عن الكتاب شارك فيها: الدكتور جان نخول حول موضوع «ظروف الكتاب ومضامينه، كما تحدث الدكتور فاروق حبلص في موضوع «النصارى في بلاد الشام في ظل الدولة العثمانية»، والدكتورة لبنى عطوي في موضوع «سوسيو انتربولوجيا وادي قاديشا: من التعايش إلى الشراكة».
أعقب الندوة حفل كوكتيل وتم تقديم الكتاب للحضور.











































































