اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
كانت كلمة 'البالة' حتى سنوات قليلة مضت، ترتبط في ذهن الناس بالفقر والعوز.
كانت ملاذًا لمن ضاقت بهم الحياة، ومكانًا يختارون منه ملابسهم بأقلّ التكاليف.
محال صغيرة متواضعة، تعجّ بالملابس المستعملة القادمة من بلدانٍ بعيدة يقصدها الفقراء اما اليوم فإن هذه 'البالة' التي كانت عنوانًا للحاجة، أصبحت عنوانًا للتميّز والذوق الرفيع، يرتادها الأغنياء والفنّانون ومدوّنو الموضة بحثًا عن قطع فريدة ومميزة تباع خارج هذه المحلات بأسعار خيالية.
هذا التحوّل الاجتماعي يعبّر عن دلالات كثيرة أولها ان الانسان يتأثر بالبروباغندا وثانيها ان الاسعار المرتفعة ليست دائمًا معيارًا للاناقة.
تقول فايا وهي مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي انها في الماضي كانت لا ترتدي الا الماركات ولكن خلال اقامتها في احدى الدول الأوروبية وجدت ان معظم رفيقاتها في الجامعة يدفعون احيانا يورو واحد ثمن قطعة مستعملة ولا اجمل وان موضة 'البالة' صارت 'تراند' والتهافت على القطع النادرة في أسواق الالبسة المستعملة بات مفخرة لذا توجهت الى البالة وبات نصف محتوى خزانتها منها.
وسائل التواصل الاجتماعي زادت من انتشار هذه الظاهرة، فالمؤثرون والمصممون بدأوا يروّجون لمبدأ “الستايل الواعي”، الذي يجمع بين الذوق والوعي البيئي، إذ إن شراء الملابس المستعملة يُعتبر نوعًا من إعادة التدوير ومقاومة الاستهلاك المفرط. بذلك، اكتسبت “البالة” بُعدًا أخلاقيًا وثقافيًا جديدًا، لم يعد مرتبطًا بالحرمان، بل بالوعي والتميّز والاستدامة.
الا ان هذه الموضة، رغم جمالها الظاهري، أثارت جدلاً أيضاً، فبينما يجد فيها البعض تحوّلًا إيجابيًا يعيد الاعتبار لما هو بسيط وأصيل، يرى آخرون أنّها سلبت الفقراء آخر ملجأ لهم. فحين يتهافت الأثرياء على متاجر 'البالة' ويرتفع الطلب، ترتفع الأسعار بدورها، ويجد المحتاج نفسه خارج اللعبة التي كانت تخصّه يومًا.
في لبنان، صارت 'البالة' جزءاً من المشهد اليومي، من أسواق طرابلس الشعبية إلى شوارع بيروت وصيدا وغيرها من المناطق.
هناك تتجاور الطبقات من دون حواجز، حيث يدخل الزبائن من مختلف المستويات الاجتماعية، يجمعهم شغف البحث عن قطعة مميزة ما دفع بعض المحال القديمة الى تجديد واجهاتها وفتح صفحات لها على مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الزبائن الذين ترتفع اعدادهم بسرعة هائلة فكل موضة جديدة لها رهجتها واليوم الموضة هي 'البالة' ومعظم طلاب الجامعات باتوا زوارها من صبابا وشباب.
بين الموضة والحاجة، تبقى الحقيقة أنّ ما يلمع ليس دائمًا جديدًا، وأن ما هو قديم لا يفقد بريقه، بل ربما يزداد سحرًا كلّما مرّ عليه الزمن.











































































