اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٨ تموز ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
لا يزال اتفاق وقف النار في السويداء محل جدل حوله بين الأطراف المتواجهة في جنوب سورية. فهناك اتجاه يقوده الشيخ الهجري في السويداء – وهو مؤيد من الشيخ طريف في إسرائيل – يرفض أي اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة ويطالب بمساءلة الذين ارتكبوا مجازر بحق أهالي السويداء أولاً. فيما هناك اتجاه درزي آخر قبل بالاتفاق. أما إدارة أحمد الشرع فهي تحاول بحث كيفية استعادة منطقة جنوب سورية إلى كنف الدولة عملياً وفعلياً وليس شكلياً ومن خلال بند في اتفاق على الورق.
كل الخشية تقع في تحقق احتمال أن تصبح الخارطة الراهنة لمنطقة وقف النار في السويداء هي الخارطة المستقبلية والدائمة للدولة الدرزية في جنوب سورية؛ خاصة وأنه خلال بدايات القرن الماضي كان لهذه الدولة وجود؛ وعليه فإن ذاكرة العودة للحل من خلال وصفة تقسيم سورية لا تزال طرية؛ وليس مستبعداً أن يتم استعادتها مرة جديدة وذلك من باب أحداث السويداء وخروج مؤسسات إدارة أحمد الشرع منها لصالح انقيادها كما هو الحال الآن من جهات درزية محلية..
وعليه لا يبدو أن هناك ضمانة ملموسة ومادية بأن لا يصبح الاتفاق المؤقت الحالي بين إدارة الشرع وفعاليات السويداء، اتفاقاً دائماً؛ وأن تصبح خارطة وقف النار الحالية هي حدود السويداء المقبلة..
.. ووقف النار في السويداء لا يزال بحاجة إلى جانب شق إنهاء الاحتراب القائم، إلى بلورة شق آخر سياسي يعالج أسباب ما حدث؛ وإلا فإن حل وقف النار من دون حل سياسي لأسباب اندلاعه، ونموذج سلخ منطقة وقف النار عن مؤسسات الدولة السورية في دمشق؛ سيصبح مرشحاً لتعميمه على كل جغرافيات الخلاف مع إدارة الشرع؛ الأمر الذي يسمح باستعادة رسم خرائط تقسيم سورية لخمسة دول؛ واحدة للسنة في الوسط وواحدة للدروز في الجنوب وواحدة للعلويين في الساحل ودولة في الشمال لما يمكن تسميته بسنة تركيا وأخرى شرق الفرات للأكراد.
وفيما لو تأخر الحل السياسي في سورية الذي يجب أن يعالج كل مستويات أزمتها الداخلية؛ فإن المتوقع أن تذهب سورية نحو واحد من اتجاهين إثنين: إما السير في أثر النموذج الليبي؛ أي تتقسم سورية إلى مناطق سياسية وعسكرية متنابذة؛ وعلى السطح توجد دولة صورية في دمشق؛ وإما أن تتجه سورية نحو محاكاة أزمة البوسنة بين عامي ١٩٩٢ – ١٩٩٥ حيث تتجه داخل مسار من المجازر وتنتهي إلى تقسيم ينهي الحرب ولكنه يبقي الشرذمة قائمة داخل الدول التي خرجت من عباءة الدولة التي كانت موحدة!!.