اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
في ظل تصاعد المواجهات الدامية في محافظة السويداء السورية، طغى هذا الملف الإقليمي الساخن على المشهد السياسي اللبناني، مثيراً قلقاً واسعاً لدى القيادات السياسية والروحية، وفي مقدمتها وليد جنبلاط، الرئيس السابق للحزب 'التقدمي الاشتراكي'، الذي تحرك سريعاً لتطويق تداعياته ومنع ارتدادها على الداخل اللبناني، خصوصاً في الجبل.
التحرك الجنبلاطي جاء في وقت ينهمك فيه لبنان الرسمي بإعداد ردّه على المقترحات التي قدمها المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، بشأن آلية وقف إطلاق النار، بينما يواكب في الوقت عينه إجراءات 'منظمة التحرير الفلسطينية' لإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية في سياق التفاهم اللبناني الفلسطيني على سحب السلاح من المخيمات.
اتصالات مكثفة وتحركات ميدانية
جنبلاط أوكل إلى نجله، النائب تيمور جنبلاط، مهمة التواصل مع قيادة الجيش، فزار برفقة وفد من 'اللقاء الديمقراطي' قائد الجيش العماد رودولف هيكل. كما تلقى وليد جنبلاط اتصالات تضامنية من رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ورؤساء الحكومات السابقين، إضافة إلى استمراره في التنسيق الوثيق مع شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الدكتور سامي أبو المنى، تحضيراً لاجتماع المجلس المذهبي الدرزي.
وفي هذا السياق، أكد المفتي دريان وجنبلاط في اتصالهما المشترك على ضرورة الحفاظ على وحدة الصف بين الدروز والسنّة، ووضع حد لأي محاولة لاستغلال التوترات لتأجيج الفتنة.
تدابير أمنية غير مسبوقة في الجبل
مصدر بارز في 'اللقاء الديمقراطي' أكد لـ'الشرق الأوسط' ارتياحه للإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش اللبناني في منطقتي الشوف وعاليه، بالتوازي مع الإشكال الأخير في بلدة شارون. وقد شملت هذه التدابير تعزيز الانتشار العسكري، وتنسيقاً سياسياً وميدانياً بين 'التقدمي' والقيادات البلدية، لمنع أي احتكاك بين الوافدين من السويداء والعمال السوريين، ومعظمهم من الطائفة السنّية.
كما أفاد المصدر أن تعميماً صدر بمنع تجوّل العمال السوريين في القرى والبلدات الدرزية بعد السابعة مساءً، ضمن إجراءات تهدف إلى منع التصعيد، وهي تسري أيضاً في قضاءَي راشيا وحاصبيا، مع تشديد التدابير الأمنية في محيط المساجد التي يرتادها السوريون.
استنفار سياسي وانفتاح حواري
بالتوازي، أكد المصدر أن الحزب 'التقدمي الاشتراكي' في حالة استنفار سياسي مستمر، وينفتح على جميع القوى السياسية السنّية من أجل قطع الطريق على محاولات استغلال الأزمة السورية لنقل الفتنة إلى لبنان. وشدد على أن وحدة سوريا يجب أن تحظى برعاية لبنانية، مع ضرورة دعم أي حوار سوري تحت رعاية الرئيس أحمد الشرع وبمظلة عربية.
كما جدد 'التقدمي' رفضه المطلق لأي دعوات للتدخل الأجنبي أو الحماية الدولية، خصوصاً من قبل إسرائيل، محذراً من أن تدخلها لا يصب في مصلحة حماية الدروز، بل يهدف إلى تقسيم سوريا.
السلاح والدولة: معادلة الحسم
من جانبه، دعا مصدر وزاري عبر 'الشرق الأوسط' إلى وحدة الموقف اللبناني اليوم أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط لتحييد لبنان عن نيران السويداء، بل أيضاً لتحصين الساحة الداخلية ومنع أي محاولة للانزلاق نحو الفتنة. وشدد على ضرورة الالتفاف حول 'حصرية السلاح بيد الدولة'، داعياً 'حزب الله' إلى اتخاذ خطوة شجاعة بتسليم سلاحه للدولة، معتبراً أن الاحتفاظ به بات عبئاً.
واختتم المصدر الوزاري بالتأكيد على أن وليد جنبلاط يلعب دور 'صمام الأمان' في هذه المرحلة الحرجة، وأن لبنان لا يملك ترف الاختلاف، بل عليه أن يلتف حول المبادرات الهادفة لحماية استقراره من تداعيات النزاع السوري، بدءاً من الجبل ووصولاً إلى الساحة الوطنية.