تشرين يلهب غابات لبنان بنار الحرائق والمشاحر ومبادرات وطنية مبتكرة للري والتحريج

ألهب تشرين الغطاء الأخضر في لبنان بالتصحر والحرائق والمشاحر... وباتت الحاجة ملحّة اليوم مع انعدام الأمطار لتفعيل التشجير والبحيرات الجبلية وضبط التفحيم العشوائي.

ومع اقتراب فصل الشتاء وفي ظل غياب الرقابة تحوّلت غابات لبنان الى مدفأة لفقراء الأرياف.. حيث تعمّ الحرائق كل يوم المناطق الحرجية التي تتحوّل أشجارها الى حطب مدافئ في ظل الحرارة المرتفعة وغياب الدعم على المحروقات وطبعا فقر الحال لتأمين تدفئة الشتاء في البيوت الجبلية.

شحّ الأمطار وارتفاع معدلات الحرارة غير المتوقعة في هذه الفترة من السنة زادت نهم تجار الفحم والعارفين في المشاحر الذين باتوا يجتاحون الغابات دون رقيب أو حسيب بحثا عن موارد رزقهم مع حطب الشتاء.

.. وفي إطار المبادرات المحلية لمكافحة التعدّيات على الأحراج والغابات، نفّذ مركز أحراج وصيد جونية، بمؤازرة سرية جونية في قوى الأمن الداخلي مداهمة بين العُبرة وقرقريا في قضاء كسروان، أسفرت عن مصادرة أربع آليات وحوالي ثلاثة أطنان من الفحم الناتج عن أعمال تفحيم غير شرعية.

وكان المخالفون يعمدون إلى نقل الفحم من قعر الوادي بواسطة سلك فولاذي معلّق في الهواء، لتُرفع الكميات إلى أعالي الجبل حيث يتم تحميلها في الآليات تمهيداً لإخراجها من المنطقة، في أسلوب غير مألوف وصعب الرصد بسبب وعورة التضاريس.

هذه المبادرة المذكورة تبقى يتيمة في ظل غياب الضوابط الفعلية لمنع التفحيم العشوائي الذي يجبر أهالي الجبال على أن تكون اخشاب غابات لبنان مدفأة الفقراء. نشير أن مديرية التنمية الريفية والثروات الطبيعية هي الجهة المخوّلة إصدار تراخيص التشحيل والتفحيم وفق الأصول القانونية ولمن يستوفي الشروط البيئية والفنية.

ولعلّ أبرز مشروع يمكن أن يتشارك فيه شباب لبنان وطلاب المدارس مع بداية فصل الأمطار هو مشروع تحريج جوانب الطرقات الذي تطلقه وزارة الزراعة في 5 و6 و7 كانون الأول في مختلف المناطق اللبنانية.

وفي إطار المبادرات المضادة للحرائق والتصحر ورفع نسبة الغطاء النباتي، افتتحت نقابة الممثلين في لبنان حديقة تحمل اسمها في بلدة مرستي ضمن محمية أرز الشوف، حفاظا على سنديانها الروماني العريق، على درب المسيح الشهير، مما يمنحها بُعداً بيئياً وروحياً وثقافياً مميّزاً.

نقيب الممثلين نعمة بدوي، اعتبر أن الحديقة «ليست مجرد مشروع هندسي أو مساحة خضراء، بل تحية تقدير إلى المبدعين الذين أغنوا خشبات المسرح وشاشات الوطن»، مضيفاً: «زرع الأرزة ليس فعلاً رمزياً فقط، بل هو امتداد للذات، نغرسها لتبقى شاهدة على العطاء والجمال». وأكد بدوي أن الحديقة ستبقى «رمزاً للمحبة وعلامة احترام لدور الفن في صون صورة لبنان الثقافية». وأضاف: «حديقة الفنانين حلقة تجمع بين البيئة والثقافة، بين الشجرة والريشة، بين التراب والصوت».

ومن كرم شباط حيث تتعانق الكنيسة مع المسجد، ومن حيث تطلّ على الهرمل وفنيدق وعكار العتيقة والقبيات غرباً وعلى البقاع شرقا، ومن حيث ترسم حدود الجغرافيا اللبنانية طريقاً ترابياً فاصلا بين الأراضي السورية واللبنانية على بُعد أقل من مرمى حجر بين المحافظتين، رعى مدير عام الدفاع المدني العميد الركن عماد خريش، مبادرة تحت عنوان «خلي كل العالم تزرع»، بغرس العشرات من أشجار الأرز واللزاب، لمكافحة التصحر على الحدود الفاصلة، تعويضا عما التهمته الحرائق وما ارتكبته أيدي العبث والفوضى من مجازر بحق الأشجار المعمّرة.

أيضا وأيضا وفي إطار المبادرات الوطنية الرائدة وتأكيدا منها على دور جامعة الروح القدس في مجال الاستدامة والتغيير الإيجابي في لبنان من خلال إعادة التحريج في ظل التغيير المناخي في لبنان، شارك خريجو الجامعة والطلاب للسنة الرابعة على التوالي في نشاط بعنوان: «أرز الروح القدس، معاً نحو لبنان أكثر اخضراراً»، الذي يهدف إلى زرع 1500 أرزة في غابة صنين.

واعتبر القيّمون على المشروع أن مبادرة «أرز الروح القدس» هي حدث يرسّخ روح العطاء والمساهمة في الوطن على قطعة أرض مخصصة تحمل اسم «غابة جامعة الروح القدس - الكسليك»، ما يعكس ارتباط الخرّيجين العميق بأرضهم، وخطوة عملية نحو خدمة البيئة والمجتمع وتعزيز هوية الخرّيجين وتقوية روابطهم بوطنهم، ونشر الوعي حول المسؤولية البيئية والمساهمة في مكافحة التصحر.

نشير أيضا أنه وفي مجال الحاجة إلى مشاريع ري مبتكرة تكافح التصحر وشحّ الأمطار، تحتضن اليوم بلدة مدرستي الشوفية إحدى المبادرات الزراعية الرائدة في مجال الري، إذ هي تضم أحد أكثر أنظمة الري الأكثر تطوراً في لبنان وتعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد حاجات كل محصول من المياه، ما يمكّن المزارعين من إدارة مواردهم عبر هواتفهم الذكية.

وفي إطار المبادرات الوطنية لمكافحة التصحر وحماية المحاصيل الزراعية، بادر المشروع الأخضر إلى إطلاق نداءات إلى البلديات للتعاون في إنشاء بحيرات جبلية على أن يتكفل المشروع الأخضر بكامل تكلفة إنشاء البحيرة الجبلية بشروط:

1- ملكية الأرض: قطعة أرض تابعة للدولة اللبنانية، أو أملاك بلدية مشاع، أو أملاك عامة.

في حالة الأوقاف، توضع الأرض تحت تصرف المشروع الأخضر لمدة لا تقلّ عن 30 عاماً.

أما في حالة الملكية الخاصة، فيتم نقل الملكية رسمياً وفقاً للقوانين المرعية الإجراء.

2 - الحد الأدنى للمساحة: 8000 متر مربع.

3- مصادر المياه: وجود مصدر دائم أو موسمي (نبع، وادي، مياه ذوبان الثلوج، أمطار، إلخ..).

4 - الطبيعة البيئية: أرض غير مغطاة بالغابات والأحراج، ذات تضاريس وتربة مناسبة.

5 - الالتزام بـ:

- تعهد بصيانة الموقع وإدارته بعد الإنشاء.

- تقديم قائمة بأسماء المزارعين المستفيدين (30 مزارعاً على الأقل).

- تعهد بإدارة الأرض بشكل مشترك مع المزارعين.