أزمة «كورونا» تترك ندوباً طويلة الأمد في الاقتصاد العالمي

كما يعاني بعض مرضى «كورونا»، الذين يتعافون من اعراض طويلة الاجل فقد اصبح من الواضح ان الامر نفسه سيصيب الاقتصاد العالمي بمجرد مرور مرحلة الانتعاش هذا العام.

وقال تقرير لوكالة «بلومبيرغ»: في حين ان الحزم المالية العالمية، التي ناهزت الـ 26 تريليون دولار لدعم الاقتصادات في مواجهة اثار كورونا، وبدء حملات التلقيح، قد اديا الى تعاف اقتصادي اسرع مما توقعه الكثيرون من الخبراء الاقتصاديين والمعاهد المالية، فان توقف نشاط التعليم التقليدي واقتصاره على التعليم عن بعد، وخسارة مئات ملايين الوظائف وارتفاع مستويات الديون واتساع اوجه عدم المساواة بين الاعراق والاجناس والاجيال ستترك ندوبا واثرا سلبيا دائما في معظم الدول خصوصا الفقيرة منها.

ونقل التقرير عن فيلور آرثي الاستاذ من جامعة كاليفورنيا: من السهل جدا بعد عام شاق او اكثر ان نشعر بالارتياح لعودة بعض الامور الى مسارها الصحيح، لكن الكثير من الاثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية تاريخيا غالبا ما تستمر لعقود ولا يمكن معالجتها بسهولة.

وذكرت ان الناتج الاجمالي العالمي انخفض العام الماضي الى ادنى مستوى منذ الكساد الكبير في 1929، فيما قدرت منظمة العمل الدولية ان ازمة كورونا تسببت بخسارة 255 مليون شخص لوظائفهم بدوام كامل، ويعتقد باحثون في مركز «بيو» للابحاث ان الطبقة المتوسطة عالميا تقلصت للمرة الاولى منذ تسعينات القرن الماضي.

حوافز.. وابتكار

من جهتها، قالت كارمن واينهارت كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي: ان عودة الاقتصاد العالمي الى ما كان عليه قبل كورونا سيستغرق وقتا، وستبقى اثار الازمة على اغلب الدول حتى الغنية منها. ونقلت عن معظم الخبراء انه لم يكن هناك فترة طويلة ضائعة لاعادة النشاط الاقتصادي الى ما كان عليه قبل كورونا في حال تم اتخاذ خطوات سياسية واقتصادية صحيحة، لا سيما في مجالات اعادة تاهيل العمال ودعم من تضرر بشدة من الازمة، بالاضافة الى خلق حوافز للاعمال التجارية في مجالات الابتكار والاستثمار وتغير المناخ.

وتقول كاثرين مان كبيرة الاقتصاديين في «سيتي غروب»: ان المزيج من كل هذه السياسات قد يدفع الاقتصاد العالمي الى تعافي الاقتصاد العالمي من ازمة كورونا بشكل كامل. وتضيف: ان الابتكار يدعم نموا اعلى للانتاجية والاستثمار يرفع مستويات المعيشة. كما ان مفتاح التعافي ايضا يتمثل باستراتيجيات الاحتفاظ بالعاملين وتدريبهم للاستفادة من فرص انتاجية اعلى.

أنماط الاستهلاك

من جانبه، اوضح ادم بوزين رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: هناك عدم يقين حقيقي بشكل مدى تغير سلوك الناس فيما يتعلق بانماط الاستهلاك نتيجة ازمة كورونا، خصوصا فيما يتعلق بعودتهم الى تناول الطعام في المطاعم والمولات والقيام برحلات سياحية وترفيهية وممارسة الرياضة في النوادي.

واضاف: ان الكثير من هذه الصناعات والمجالات ستنتعش، ولكن من الممكن ايضا ان تتغير اذواق الناس بشكل جذري وحقيقي، وفي هذه الحالة سيكون هناك مزيد من البطالة الانتقالية، ولن تكون هناك اصلاحات حكومية جيدة لهذه المشكلة.

الروبوتات بدل البشر في الصناعة والخدمات

لفتت «بلومبيرغ» الى ان ازمة كورونا ادت الى تسريع استخدام الروبوتات في الصناعة والخدمات، حيث يحتاج العمال والعملاء الى الحماية من انتشار الامراض، ورغم ان استخدام الروبوتات يحفز الامال بعودة نمو الانتاجية فانها تهدد ملايين الوظائف عالميا. وكانت شركة «ماكنزي»للاستشارات توقعت ان يحتاج اكثر من 100 مليون شخص في 8 من اكبر اقتصادات العالم الى تبديل مهنتهم بحلول 2030، مرجحة ان يعاني هؤلاء من فجوات كبيرة في المهارات المهنية على المدى الطويل. من جهته، قال اريك روبرتسن رئيس الابحاث العالمية في بنك «ستاندرد تشارترد»: ان الكثير من الوظائف قد تختفي الى الابد، خصوصا ذات الاجور المنخفضة لدى الشركات او القطاعات الموردة لشركات اصيبت بالافلاس. سيكون هناك كثير من الشركات اكثر قدرة على التكيف مع ملء فراغات وظيفية لديها لكن بعدد اقل من العمال.