القبس ترصد صراعاً قبلياً في صعيد مصر بسبب تجارة الإقامات

محمد عبدالناصر- القاهرة‬

‎رغم مرور أكثر من عام على قضايا تجارة الإقامات التي كشفت عنها جائحة كورونا، لا تزال تداعياتها تثير المزيد من المشكلات وتكشف عن آلاف الضحايا الذي فقدوا مدخراتهم ووقعوا في فخ المتاجرين بعرق الفقراء.

وعلمت «القبس» من مصادر مسؤولة في الحكومة المصرية أن صراعات اندلعت مؤخراً بين قبائل في صعيد مصر من ناحية، وسمسار إقامات يعمل لمصلحة شركات في الكويت من ناحية أخرى، بسبب بيعه لآلاف الإقامات لعمال من محافظة سوهاج، وبعد مجيئهم إلى الكويت تبين أن هذه الشركات لا أساس لها على أرض الواقع.

ووفق المصادر، فإن هذا السمسار جمع حوالي 100 مليون جنيه من آلاف الأشخاص الباحثين عن فرص عمل في الكويت، وبعد رحيل الضحايا من الكويت من دون عمل إقامات لهم، طالبوه بالأموال التي دفعوها له، غير أنه توارى عن الأنظار.

وكشفت المصادر أن عائلات الضحايا يصعدون حالياً ضد «سمسار الإقامات» الذي اعتاد استقدام العمالة من محافظات الصعيد إلى الكويت وقد تبين للضحايا أنهم اشتروا إقامات وهمية لشركات لا تقوم بأي نشاط حقيقي.‬

‫وأضافت المصادر أن تاجر الإقامات الذي يدعى «ع»، قام خلال المدة من 2018 وحتى 2020 ببيع 2000 فيزا وهمية، في محافظة سوهاج، بمبالغ تصل نحو 2000 دينار كويتي للفيزا الواحدة ، ومن ثم تحصل على مبالغ تصل إلى 4 ملايين دينار كويتي، أي ما يتجاوز 100 مليون جنيه مصري، وجميعها فيز وهمية لمشاريع صغيرة، ومزارع وغيرها.‬

‫ ‬ثروة طائلة

‎‫وبينت المصادر بأن تاجر الإقامات الذي يتخذ من مركز «البلينا» في سوهاج مقرًا لنشاطه، لديه ثروة طائلة، وبيوت وعقارات وغيرها من الممتلكات التي ظهرت لديه بعد عمله في تجارة الإقامات الوهمية في الكويت، كما لديه من النفوذ والعلاقات مع الوكلاء في الكويت الذين يسهلون له كل الإجراءات، وكذلك من النفوذ في مصر الذين يساعدونه في نشاطه.‬

‬‫وكشفت المصادر بأن خلال الأسابيع الماضية، تجمع المئات من ضحايا تاجر الإقامات، ودشنوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لفضح أنشطته، بينما قام عدد من الضحايا برفع قضايا ضده، وأخرون قدموا شكواهم إلى السفارة الكويتية في القاهرة.‬

‫ ‬وذكرت المصادر أن أهالي ضحايا تجار الإقامات مستاؤون للغاية بسبب صورتهم السيئة التي جرى ترويجها في الكويت، وأنهم يشعرون بالأسى، بعدما تسبب أحد أبناء منطقتهم في ضياعهم وترحيلهم وتشويه صورتهم، بعد أن أصبحوا عمالة غير قانونية وهامشية، بينما كانوا قد قرروا السفر إلى الكويت من أجل العمل في مهنة قانونية وبشكل شرعي وبصورة مشرفة.‬

محاضر وقضايا ‬

وقال حسين نعمان أحد ضحايا سمسار الإقامات في سوهاج، إنه قام بعمل محضرين تحت رقم «1900» لسنة 2021، ورقم «2076» في مركز شرطة «البلينا» في سوهاج، يتهم فيهما تاجر الإقامات المشار إليه بالإتجار بالبشر، بعدما وقع ضحيته وعشرات الأشخاص الآخرين الذين باع لهم إقامات وهمية.‬

‫وأوضح نعمان «القبس»: أنه سافر ضمن 80 شخصاً إلى الكويت في 2018، ووجد نفسه أمام إقامة وهمية متعلقة بمشروعات صغيرة، وبعدما دفع كل شخص مبلغ نحو 2000 دينار كويتي، اكتشفوا أنهم خدعوا بعدما تم إيهامهم بأنهم جاؤوا الكويت بفيز حرة، وعندما عدنا إليه قام بالتخلي عنا، ثم قام الكفيل بعمل بلاغات تغيب ضدنا، وهو ما أدى إلى عودتنا إلى مصر طواعية، أو عن طريق الإبعاد والترحيل.‬

‎‫ واعترف نعمان بأنه كان يساعد المتهم من خلال الترويج لفيز الكويت لكنه استدرك بتأكيده أنه لم يكن يعلم بأنها فيز وهمية، وأنه حاول مساعدة أهل منطقته في السفر والعمل، لكنه اكتشف أن المتهم خدعه واستخدمه للإيقاع بالمزيد من الضحايا.

‬حملة على مواقع التواصل

قال كامل أحمد وهو أحد الضحايا الذين دشنوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاسبة سمسار الإقامات «ع»: أن هذا النصاب لديه شبكة من الوكلاء في الكويت، ويتعامل مع كويتيين من أصحاب المشروعات الصغيرة، وكان على ملف كل شركة عشرات العمالة، وجرى التعاون بين الكفلاء وسمسار الإقامات «ع»، لجلب العمالة من مصر وخاصة محافظات الصعيد، مقابل مبالغ مالية كبيرة جدًا.

وأضاف أحمد لـ القبس: اعتاد «ع»، بيع سمات الدخول للكويت بعقود عمل وهمية لعشرات الأشخاص شهرياً، بحكم علاقاته ونفوذه وامتلاكه لاعتمادات توقيع وغيرها من الصلاحيات والعلاقات التي ساعدته على عمله في الإتجار بالإقامات الوهمية‬.

إبلاغ السفارة الكويتية

كشف علي أنور وهو أحد ضحايا سمسار الإقامات عن نية واضحة من الجهات الأمنية في سوهاج للاهتمام بتلك القضية وإنصاف الضحايا، مبينًا بأنه قام بإبلاغ السفارة الكويتية ويستعد لتقديم طلب لمباحث الأموال العامة للنظر في تضخم أرصدته البنكية، وإثبات وجود معاملات بنكية خاصة بتجارة الإقامات.