مستجدات العصر (٢)

تحدثنا في الأسبوع الماضي عن مستجدات العصر، وبدأنا بأشهرها وأوسعها انتشاراً وهو «النت»، فعرضنا لمعناه ونشأته وتطوره الى أن اصبح جزءاً من حياتنا، ثم انتقلنا إلى تطبيقاته فأشرنا إلى البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، واليوم نستكمل استعراض هذه التطبيقات، فمنها مواقع الويب web sites، وهي برامج تتيح للباحث التعرف على المعلومات والبيانات التي تهمه، وهي في الأصل أرقام ولكن تتم ترجمتها إلى كلمات تعرض على الشاشة، ومنها أيضاً «الاجتماعات والمؤتمرات»، فيستطيع مستخدم الشبكة (الإنترنت) أن يتابع ما يعرض في الاجتماعات والمؤتمرات من خلال برامج نقل الصورة والصوت عبر الشبكة بكل سهولة، ويستطيع أيضاً أن يشارك فيها عن بعد، مما اتاح الفرصة لإنشاء «الجامعة الالكترونية»، وهي مؤسسات جديدة تستخدم الإنترنت كوسيلة لنشر المعرفة والارتباط بالطلبة، وعن طريقه تعقد منتديات الجامعة التي تمكنها من سرعة التواصل وتفتح مجالاً مباشراً للنقاش والحوار بين الطلبة والاساتذة والدكاترة وطلاب العلاقات العامة.

وقد تبدت الأهمية القصوى لهذه المخترعات بصفة خاصة هذه الأيام في ظل انتشار ڤيروس كورونا، فلولاها ما أمكن عقد أي اجتماع أو متابعة أي لجنة أو مؤتمر، ولما استطاع الطلبة متابعة المحاضرات أو أداء الامتحانات.

كما أدى انخفاض تكلفة الاتصال عبر شبكة الإنترنت وسهولة تبادل الأفكار والمعلومات، إلى تطوير العمل التعاوني بشكل كبير، فقد اصبح بالإمكان الاتصال بتكلفة منخفضة وعلى نطاق واسع عبر شبكة الإنترنت، كما أصبح في إمكان المجموعات التي لها اهتمامات مشتركة ان تنشئ مواقع للربط بينها.

وفي الوقت نفسه أتاح الإنترنت لمستخدميه إمكانية الاتصال الصوتي، ففي إمكانه نقل الصوت خلال «بروتوكول» الإنترنت، وقد بدأت هذه الظاهرة كأداة مساعدة لأنظمة الدردشة لنقل الصوت في اتجاه واحد، ولكن في السنوات الأخيرة انتشرت العديد من الأنظمة الصوتية كما أصبحت سهلة الاستخدام ومريحة كأي هاتف عادي، مما يبشر باستخدام شبكة الإنترنت لإجراء الاتصالات الصوتية، فهي تتميز بتكلفة أقل بكثير من المكالمة الهاتفية العادية، وخاصة للمسافات الطويلة، ولكن يعيبها أن نوعية الصوت قد تختلف في كثير من الأحيان من كلمة إلى أخرى، مما قد يحتاج إلى بعض الوقت حتى تصبح بالنوعية نفسها كالهواتف التقليدية، كما اكتسب النت أيضاً شعبية متزايدة في مجال الالعاب الرياضية، باعتباره شكلا من أشكال الاتصال بين اللاعبين، ومن أكثر الأنظمة شعبية في مجال الصوت عبر الإنترنت نظام (سكايب).

وبالاضافة إلى ذلك، خلق الإنترنت سوقا رائجة للشركات التجارية، فبعض الشركات حقق أرقاماً قياسية من التسوق عبر الإنترنت، الذي أصبح يعرف بالتجارة الإلكترونية، وقد تحققت هذه الأرباح بفضل الوفر الكبير في تكلفة الإعلان والتسويق، وبهذا أحدثت ثورة في عالم التسوق، وأصبحت أسرع وأسهل طريقة لنشر المعلومات على أكبر عدد من الأفراد، فلو فرضنا مثلاً أن أحد الأشخاص يرغب في الحصول على اسطوانة مدمجة فانه يستطيع شراءها عبر شبكة الإنترنت، فتصله عبر البريد العادي خلال يومين، كما أن في إمكانه تنزيلها مباشرة عبر الإنترنت، فتصله في الحال من دون مقابل أو بمقابل زهيد.

كما أتاح الإنترنت لمستخدميه عملية التسوق الشخصي، فعن طريقه تستطيع الشركة أن تسوق منتجاً معيناً لشخص معين أو مجموعة معينة من الأشخاص بطريقة أفضل من أي وسط إعلاني.

ويعتبر النت أفضل وسيلة للاعلان عن المنتجات، ففي مجتمعات الإنترنت التي يدخلها الآلاف من مستخدمي شبكة الإنترنت ليعلنوا عن أنفسهم ويعقدوا صداقات عبر الشبكة، وهم في الغالب من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و25 عاماً، فإنهم حين يعلنون عن أنفسهم، يعلنون أيضاً عن هواياتهم واهتماماتهم، ومن هنا تستطيع شركات التسوق عبر الإنترنت استخدام هذه المعلومات للإعلان عن المنتجات التي توافق رغباتهم واهتماماتهم، وبهذا تتمكن الشركات من التسويق عن طريق شبكة الانترنت بصورة أفضل من أي مكان في العالم.

ومع ذلك، فان استخدام شبكة الإنترنت لا يخلو من بعض السلبيات التي يتعين التنبيه إليها، منها مثلاً أن استخدام الأطفال لمواقع الإنترنت قد يعرضهم لخطر التحرش من قبل بعض مرضى النفوس، كما أن الجلوس طويلا أمام شاشة (الكمبيوتر) أو الجلوس بطريقة خاطئة، يسبب أضراراً صحية ينبه اليها الأطباء كثيراً، منها التسبب في زيادة الوزن، أو ضعف الإبصار، أو خشونة الرقبة، أو انحناء العمود الفقري، الى جانب بعض الامراض النفسية التي قد يسببها الانعزال عن المجتمع لفترات طويلة، كما أن الاستخدام الكثير لشبكة الإنترنت يقلل من الاجتماع بأفراد العائلة وقضاء فترة اجتماعية مع الأهل والأصدقاء، فضلاً عن أن زيارة الشباب أو الناس بصفة عامة للمواقع الممنوعة على الشبكة العنكبوتية، التي أصبحت في متناول الجميع ومنتشرة بكثرة، يؤدي إلى حالة من الانعزال عن المجتمع وعدم التواصل معه. ومع ذلك كله، فإن استخدام النت في تزايد مستمر في جميع أنحاء العالم، فقد أظهر إحصاء أجري في 5 نوفمبر 2015 أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم بلغ 3.345.832.772 مليار شخص، وتعد الصين أولى دول العالم في عدد مستخدمي الإنترنت، فقد بلغ عددهم 221 مليون شخص في شهر فبراير 2008.

أما في الدول العربية فيتفاوت عدد مستخدمي النت من دولة الى أخرى ربما تبعاً لعدد السكان، فوفقا لإحصاء أجري في مارس 2013 بلغ عدد مستخدمي النت في المغرب ما يربو على 14 مليونا، وفي الجزائر 2 مليون وفي السعودية ٩ ملايين، وفي تونس مليون مستخدم، وفي الكويت 724 ألفا، والاردن 3 ملايين وفي مصر 11 مليونا. وللحديث بقية..

المستشار عادل بطرسa.botrosfarag@alqabas.com.kw