العملات النقدية القديمة بالخليج.. هواية وثقافة وشغف وتجارة

كامل جميل - الخليج أونلاين

ما هو جمع العملات؟

هواية تنتشر في جميع أنحاء العالم.

لماذا يجمع البعض العملات؟

ما أهم العملات الخليجية؟

يعتبر جمع العملات النقدية واحدة من أقدم الهوايات التي تنتشر في جميع دول العالم، ويمارسها أشخاص لهم رغبات متعددة، لكن جميعهم يتعاملون بحب واحترام لهذه العملات، سواء كانت مسكوكات معدنية أو مطبوعات ورقية.

بعضهم يعتبرها أعمالاً فنية، وآخرون يعتبرونها استثماراً مثالياً لتحقيق أرباح مادية، ومنهم من يجمعها لشغفه بالتاريخ والثقافات التي تحملها هذه النقود، وآخرون يغمرهم حب لا حدود له تجاهها، فيحاولون جمع أكبر عدد منها.

وتتوقف قيمة العملة على عاملين؛ حالتها ومدى سهولة الحصول عليها، وأكثر العملات قيمة هي تلك العملات غير المتداولة والنادرة في نفس الوقت.

وفي الخليج عدد كبير من هواة جمع العملات وعشاقها، وبينهم من يمتلك أندر العملات وأكثرها أهمية على مستوى العالم.

عملة قطر ودبي

وتملك العديد من العملات الخليجية أهمية بالغة، والأبرز بينها والأكثر أهمية عملة ورقية من فئة 50 ريالاً وتساوي اليوم أكثر من 10 آلاف دينار بحريني (26.5 ألف دولار)، بحسب رئيس جمعية البحرين لهواة العملات عبد الله السهلي الذي يملك نسخة منها.

هذه العملة كانت تستخدم في منطقة الخليج، وتسمى بعملة قطر ودبي، وأصدرت سنة 1966، واستمرت إلى سنة 1973، واليوم تعد من النوادر، وخصوصاً الفئات الكبيرة منها، 'فئة 25 ريالاً، وفئة 50 ريالاً وفئة 100 ريال'، وفق ما ذكر السهلي لصحيفة 'البلاد' البحرينية.

السهلي يقول إن هذه العملات تعتبر 'استثماراً ممتازاً، فكل سنة يرتفع سعرها فمن قبل 5 سنوات كان سعرها لا يتجاوز 5000 دينار (13 ألف دولار)، حتى في المزادات العالمية فيتم بيعها بأسعار ضخمة ويتم شراؤها من قبل أمراء وحكام من دول العالم، وتمثل هذه العملة حقبة زمنية مهمة للتعاون الخليجي'.

وأكد أن في عالم العملات الورقية القديمة أسراراً وخفايا 'عجيبة وغريبة' لا يعرفها إلا الهواة والباحثون في هذه الهواية.

طموح ومصاعب

لا يتوقف جمع العملات على جيل معين، فهي تستمر في جذب الهواة لمزاولتها، ويبرز  بينهم العديد من الشباب، ومنهم الشاب العماني سالم بن مسعود الهطالي، الذي يقول لصحيفة 'أثير' إنه بدأ ممارسة هواية جمع العملات منذ طفولته.

ويضيف الهطالي أنه يجمع العملات من المحلات تارة، وأخرى عند سفر زملائه الذين يطلب منهم جلب عملة البلاد التي يُسافرون إليها.

ومع مرور الأيام يقول إنه وجد نفسه غارقاً في حب هذه الهواية التي بدأت بالعملات العمانية إلى أن وصلت إلى عملات دول العالم المختلفة.

الهطالي صار يملك معلومات عديدة عن العملات مع اهتمام بجمعها، وأخذ يمارس الشراء والبيع عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتوسع في معرفة العملات والتعمق فيها، ومعرفة شريحة كبيرة جداً من هواة جمع العملات ليس فقط من السلطنة بل حتى من خارجها.

ولم يتوقف عن جمع العملات بل جعل منها عملاً مربحاً، حيث يقول إنه في عام 2019 جاءته فكرة مشروع بيع وشراء العملات المعدنية والمقتنيات والتحف القديمة النادرة والفريدة.

وأوضح الهطالي: 'في عام 2020 كرّست جل جهدي للوقوف على التسويق الذاتي للمشروع؛ فالتسويق لمثل هكذا مشاريع يحتاج وقتاً طويلاً من ساعات يومي، فالهدف الوصول إلى المبتغى لما فيه مصلحة هذه الهواية'.

متحف خاص

رغم عشقه للرياضة وركوب الخيل والغوص في أعماق البحر، لكن المهندس الإماراتي الشاب أحمد المطوع وجد في عالم جمع العملات طريقه الذي منحه معظم وقته، فدشن متحفاً يحكي تاريخ الدول، والفترات التاريخية المتباينة وعاداتها وتقاليدها المختلفة من خلال العملات الكثيرة التي جمعها على مدار سنوات.

وفق ما ذكرت صحيفة 'الرؤية'، بدأ المطوع رحلته في عالم جمع العملات بعد أن سافر إلى الخارج للمرة الأولى، ولاحظ الفرق بين العملات الإماراتية وعملات الدول التي سافر إليها.

دفعه شغفه بهذه الهواية للبحث عن العملات النادرة وطرق شرائها، ومنها انطلق لعالم جمع الطوابع، حتى أصبح في مدة قياسية واحداً من أهم هواة جمع العملات والطوابع الورقية في الإمارات.

عن متحفه الخاص، أوضح المطوع أن عشقه للعملات والطوابع بكل أشكالها شجعه على تأسيس متحف لها، وهو ما يزال في البداية.

ويقول إن فكرة إنشاء متحف جاءته بعد رغبته في مشاركة الناس هذه الهواية، وتعريفهم على بعض المعلومات التاريخية التي تحملها مجموعة العملات والطوابع التي يمتلكها، محاولاً أن يجمع في متحفه الصغير بين التاريخ والفن والتكنولوجيا.

كما نجح المهندس الإماراتي في امتلاك كنز يضم أكثر من 3 آلاف طابع، تحمل مناسبات وذكريات، وتلخص تاريخ الإمارات ونشأتها وقيام الاتحاد والنهضة الشاملة والتقدم والازدهار الذي تحقق على مر السنين.

دخول موسوعة غينيس

السعودي هشام النجار عكف لأكثر من 20 عاماً على جمع العملات المعدنية، وتنقل بين بلدان العالم لجمعها ليرسم بها لوحات فنية لملوك السعودية عبر العديد من اللوحات المبهرة.

جمع النجار أكثر من 100 ألف عملة معدنية من مناطق مختلفة حول العالم، عبر مزادات التحف والعملات النادرة.

بحسب موقع 'العربية'، أنشأ النجار خزانة من العملات المعدنية، واستثمرها في رسم لوحات فنية احترافية بطريقة لوحية وجدارية.

وأضاف أن الهدف من رسم اللوحات بالعملات المعدنية هو الحفاظ عليها بشكل جميل، عبر لوحات فنية تجذب عين المشاهد إليها.

وكشف أنه صمم صورة للملك سلمان بن عبد العزيز بأكثر من 9 آلاف عملة معدنية من مختلف عملات العالم، مشيراً إلى أن لديه 40 صورة صنعت بالعملات المعدنية لملوك السعودية، وأمرائها وأمراء دول الخليج.

أما طموحه من خلال هذه الأعمال الفنية فهو عمل أكبر جدارية في العالم مصنوعة من العملات المعدنية، سواء في مكة المكرمة أو جدة أو الرياض أو أي مدينة، والدخول بها في موسوعة 'غينيس' للأرقام القياسية.

مشاركات خارجية

في دول الخليج، مثل ما عُرف عنها في بقية دول العالم، تتشكل جمعيات ومراكز ونوادٍ خاصة لهواة جمع العملات النقدية، يجرون اجتماعات ويشاركون في مناسبات محلية وخارجية على مستوى الأفراد والمجاميع.

المركز القطري لهواة الطوابع والعملات، التابع لوزارة الثقافة القطرية، يلتزم بالمشاركة في فعاليات ومناسبات تتعلق بالعملات النقدية تقام في الخارج.

ووفق بيان لوزارة الثقافة القطرية، يقول حسين رجب الإسماعيل، مسؤول الطوابع والعملات بالمركز القطري، إن المشاركة في المناسبات الخارجية تأتي 'انطلاقاً من حرص المركز على التعاون والتواصل مع مختلف الجمعيات والجهات المعنية بالطوابع والعملات، في الدول العربية والعالم'.

خلال مشاركة المركز في معرض عمّان الدولي الرابع للعملات والطوابع، الذي أقيم في يوليو 2022، قال الإسماعيل: إن 'هذه المشاركة تأتي في إطار الحرص على إبراز التاريخ العريق للطوابع والعملات القطرية في مختلف المحافل العربية والدولية'.

وأضاف أن المشاركة تأتي أيضاً 'لتوثيق الروابط بين المركز القطري لهواة الطوابع والعملات، ومختلف الجهات ذات الصلة، علاوةً على إطلاع المشاركين في مختلف الفعاليات على التاريخ العريق للعملات والطوابع القطرية'.

ولفت إلى أن 'مسيرة المركز الطويلة أسهمت في تحقيقه للعديد من الإنجازات، منها حصده لجوائز عالمية، من خلال مشاركاته في المعارض والمزادات التي تشهدها مختلف دول العالم'.

وأكد أن الكثيرين من الهواة في الخليج والوطن العربي ودول العالم يحرصون على 'اقتناء الطوابع والعملات القطرية، لما تمثله من قيمة تاريخية كبيرة'.

ومن بين أبرز ما حققه هواة جمع العملات القطريون نجاح حسن علي عبد الله النعيمي في جمع الرقم 18 على جميع عملات دول العالم، ابتهاجاً بتاريخ تأسيس دولة قطر الذي تحتفل به الدولة في 18 ديسمبر من كل عام.

واستعد النعيمي لجمع العملات النقدية من شرق العالم إلى غربه بالكثير من عمليات البحث والجهد، وتمكن من أن يجمع الكثير من العملات النقدية التي تحمل الرقم 18.

مزادات العملات النقدية

للحصول على ما يحتاج إليه الهواة من النقود لتكملة النقوصات في مجموعاتهم النقدية أو لإنشاء مجموعات نقدية، فإن المزادات التي تقام في مواعيد محددة تعد أحد طرق الحصول عليها.

يقول الباحث في تاريخ العملة الكويتية باسم الإبراهيم لصحيفة 'الأنباء' الكويتية، إن المزادات التي تقام لبيع العملات الورقية والمعدنية القديمة تشهد إقبالاً كبيراً على شراء العملات القديمة.

وأوضح أن هواية جمع العملات القديمة مفضلة للكثير ممن يرغبون في اقتناء تلك العملات.  

وأضاف الإبراهيم أن التبادل ومعرفة ما هو مستجد بعالم العملات؛ هو الهدف الرئيسي من إقامة المزادات إضافة إلى معرفة العملة الأصلية من المقلدة وحالة العملة إن كانت جيدة أو رديئة.

وأشار إلى أن تلك المزادات تعتبر ملتقى ثقافياً وعلمياً؛ لكونها تجمع بين هواة جمع العملات التي تعتبر واجهة الدول، لافتاً إلى أن المزاد يشمل العديد من العملات سواء الخليجية أو العربية أو الأوروبية إضافة إلى العملات الورقية والمعدنية.