اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٨ كانون الأول ٢٠٢١
عندما تفشى فيروس كورونا حول العالم، اضطر مئات ملايين الناس في الكوكب إلى العمل من منازلهم لمواجهة الجائحة وحفاظاً على صحتهم. واصبح مفهوم العمل عن بعد لبعض الوظائف ينتشر حتى مع انحسار الفيروس في العام الحالي، نظرا لتوفير تكاليف العمل من مساحة وطاقة وتكاليف النقل وزيادة الانتاجية، لكن هل سيصبح هذا المفهوم الوظيفي سائداً في المستقبل ام ان تطبيقه سيفشل مع عودة الحياة الى طبيعتها؟
لقد ألّف الزوجان الصحافيان تشارلي وارزل وهيلين بيترسن كتابا بعنوان «العمل خارج المكتب»، ويرويان فيه كيف انتقلا من بروكلين (نيويورك) الى مونتانا في 2017 والعمل عن بعد منها، وكانا يظنان انهما استبدلا مزايا نوعية في مونتانا، مثل التمتع برياضة المشي، ورياضة تجديف القوارب، والتزلج على المياه، برحلة شاقة يومياً في المترو الى مانهاتن، لكنهما اكتشفا انهما يقضيان وقتا اضافيا لمزيد من العمل لمصلحة جريدتهما في نيويورك.
إصلاح علاقة مقطوعة
وشهد ملايين الأميركيين شيئا مشابها خلال تجربة العمل عن بعد بسبب كورونا، وجعل اندماج المنزل والعمل معا الاتصالات بالعمل اكثر صعوبة، وبعد مرور نحو عامين على تفشي الوباء يرى الكتاب ان العمل عن بعد سيكون افضل في حال اصلاح العلاقة المقطوعة مع الوظيفة اولا، ولمعالجة المشاكل الاكبر مثل رعاية الاطفال واساليب العمل غير الفعالة والارهاق.
ورغم تحقق توقعات الخبير الاقتصادي جون ماينارد في 1930 بأن الاجيال القادمة قد ترث عالما يكون العمل فيه لمدة 15 ساعة اسبوعيا ممكنا، حيث تصبح الوظائف اكثر كفاءة بسبب التكنولوجيا، فإن ادمان العمل اصبح يشكل قاعدة اميركية، كما يكتب المؤلفان وارزل وبيترسن، واصبحت الوظيفة مرادفة لهوية الفرد، وتشكل المحور الرئيسي لحياة البشر، وفي حين ادت زيادة الانتاجية والثروات الى زيادة اوقات الفراغ في بلدان غنية أخرى مثل ألمانيا وهولندا، فقد خالفت الولايات المتحدة هذا الاتجاه، حيث صنفتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كواحدة من اكثر الدول الغنية المرهقة للحياة.
شروط ضرورية للنجاح
ان المضي قدما في «ثورة العمل من المنزل» من دون تلبية احتياجات الموظفين قد يؤدي الى خسارة قيمة الشركة وعادات العمل للشركة، لذلك يحتاج ارباب العمل اولا للنظر الى الامور الداخلية في الشركة وتقليل الاجتماعات غير الضرورية، وتقليل اداء الموظفين لاعمال غير رئيسية، مثل ارسال رسائل بريد الكتروني اثناء الاجازة او في اوقات خارج عملهم، لاثبات انهم في حالة عمل بشكل دائم.
وتتمركز النقطة الرئيسية للكتاب حول امر بسيط، وهو «العمل الافضل غالبا ما يعني عملا اقل وساعات اقل». ويرى الكاتبان ان هذه الاطروحة ستجعل الناس اكثر سعادة واكثر ابداعا واكثر استثمارا في العمل الذي يقومون به.
قلق من عدم الحضور
الا ان إحدى النتائج الثانوية السلبية التي قد تظهر في مفهوم العمل عن بعد بحسب المؤلفين تتمحور حول التسلسل الوظيفي الهرمي الذي سيظهر بعد ذلك، حيث سيشعر الموظف الذي يعمل عن بعد بقلق بالغ من عدم حضوره للشركة، وسيعيش بخوف من المديرين، وسيقوم بتعويض ذلك بارهاق اضافي في عمله.
قد تصبح حالة العمل عن بعد حالة وظيفية حتمية بعدما كانت وليدة لحظة عابرة وفوضوية في العام الماضي، وقد يصبح هذا المفهوم في افضل الاحوال دليلا لكيفية تمتع ادارة الشركة وموظفيها بعلاقة أصح للمضي قدما، ويقول وارزل وبيترسن ان العمل عن بعد دائما وليس فقط اثناء الجائحة او تحت الضغط والاكراه قد يغير حياتنا في حال اتباع الموظف والشركة الخطوات الصحيحة من الطرفين.
توظيف من حول العالم
خبيرة التوظيف الكندية هوارد ليفيت ترى ان العمل من المنزل قد تترتب عليه مستقبلا بعض السلبيات، مثل البطالة وانخفاض الرواتب والانتقال من شركة الى اخرى، ووجود طبقة من الموظفين البعيدين عن اتخاذ القرار وفرص الترقية الوظيفية.
كما لم يعد هناك اتصال بشري مباشر بين الموظف والمديرين، ما يجعل ولاء الموظف اقل، وتقول ليفيت عن ذلك إنه من دون علاقة شخصية حقيقية للموظف عن بعد، فإنه يمكن للشركة توظيف موظفين جدد من أي مكان في العالم بأجر أقل.