اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كوني دبلوماسيَّة وأُمّاً، كثيراً ما أُفكّرُ في كيفية تطوُّر العالم، الذي ينشأ فيه أطفالنا. فصداقاتهم، وتعلّمهم، وحتى ماهيَّتُهم، لم تعد تتشكّل فقط في الصفوف الدراسية أو الحدائق، بل أيضًا على الشاشات.
السؤال عن كيفية حماية الأطفال في العالم الرقمي، كان لُب الحوار في فعالية الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، بعنوان «حماية الأطفال في العصر الرقمي»، في نيويورك، حيث ترأس رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، قادة العالم في الدعوة لتعزيز التعاون الدولي من أجل السلامة على الإنترنت.
في استراليا، اتخذت الحكومة خطوة جريئة في حماية وسلامة الشباب والعائلات في العصر الرقمي، واعتباراً من 10 ديسمبر 2025، ستُطبّق أستراليا قانوناً جديداً، يحدّد سن 16 عاماً كحدٍّ أدنى لإنشاء حساب على منصات التواصل الاجتماعي.
هذا القانون لا يعطّل الوصول إلى المحتوى المتاح، بل يؤخر القدرة على إنشاء حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى سن 16عاماً، بدلاً من السن الحالية وهي 13 عاماً.
القيود العُمرية ستشمل منصات التواصل الاجتماعي المتمثلة في فيسبوك، إنستغرام، سناب شات، تيك توك، إكس، ويوتيوب، بالإضافة إلى منصات أخرى. وستواجه هذه المنصات غرامات تصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي، إذا لم تتخذ خطوات مسؤولة لمنع المستخدمين دون سن 16 عاماً من إنشاء حسابات على خدماتها.
هذا القانون لا يُعد تراجعاً عن الحياة الرقمية، بل يُعتبر محاولة لإعادة التوازن بين نمو الطفل والتعرُّض الرقمي، وسيمنح هذا القانون الأطفال الأستراليين ثلاث سنوات إضافية، ليتم تشكيلهم من خلال التجارب الواقعية، وليس عبر الخوارزميات.
يمنح هذا القانون الأُسر مساحة من الراحة، إذ لم يعد أولياء الأمر ومقدمو الرعاية مضطرين للخوض في جدالات مع أطفالهم حول المقارنات المستمرة، أو شرح سبب قدرة «الجميع» على فعل ما لا يستطيع أطفالهم فعله. إنه يرفع العبء عن كل أسرة، ويضع معياراً جماعياً واضحاً.
وقد التفت رئيس الوزراء ألبانيز إلى أهمية هذا الأمر بوضوح في الأمم المتحدة مؤخراً، قائلاً: «نريد للأطفال أن يعيشوا طفولتهم، أن يعيشوا حياة تضيئها التجارب الإنسانية الرائعة، لا وهج الشاشات».
النهج الأسترالي بسيط: يجب أن تكون البيئة الرقمية آمنة للأطفال. تُعرِّضُ مَنصّات التواصُل الاجتماعي أطفالَنا لمجموعة من المخاطر، تتراوح بين تَدَفُّقات المُحتوى اللامتناهِية، ومحفِّزات التَّفاعُل، والتَّعرُّض للعُنف والمُحتوى غير المُناسب.
تعكس سياستنا القيم الأسرية الأسترالية، التي أعلم أن الكويت تشاركنا فيها.
في الكويت، تُعد وسائل التواصل الاجتماعي جُزءاً من الحياة اليومية – من التَعلُّم، إلى التعبير، ثم التَّواصل. يُردِّدُ المعلّمون وأولياء الأمور الكويتيون المخاوف نفسها، التي أسمعها في أستراليا: كيف نحافظ على سلامة أطفالنا؟ كيف نحميهم من المحتوى الضار؟
وقد نفذّت الكويت أيضاً مبادرات عديدة لحماية الأطفال من الأضرار الناجمة عن الانترنت، وتشمل هذه الخطوات إدراج وزارة التربية في الكويت مؤخراً مفاهيمِ التوعيةِ بالأمنِ السيبراني ضمن المناهج الدراسية الوطنية، والحملات الوطنية، لرفع الوعي بالمخاطر السيبرانية، واستراتيجية الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت، وكلُّ ذلك يُجسِّدُ انخراط الكويت المتزايد في هذا الملف.
تَشهدُ كلتا دولتينا جُهوداً وطنيّة لتوحيد الاستراتيجيات، التي تحمي أطفالنا من أضرار الإنترنت ووسائل التواصُل الاجتماعي.
وهنا تلتقي تجاربنا. ما نقوم به صعب بلا شك — لكن العبء، الذي تضعه وسائل التواصل الاجتماعي على كاهِل شبابنا، قد يكون أثقل بكثير.
ما يهمُّ هو أنَّنا نُواصلُ الحوار – من على طاولات مطابخ منازلنا، إلى الفصول الدراسية، وبين صُنّاع السياسات والقادة، وصولاً إلى الساحة العالمية – فمعاً يُمكنُنا أن نَعمل على ضمان توفير المساحة اللازمة لنُموِّ الأطفال بأمانٍ، ودعم قِيمنا الأُسريَّة المُشتركة.
السفيرة ميليسا كيلي
سفيرة أستراليا لدى الكويت


































