نتحصن لكي لا ندفع فواتير التقمّص والانقسام
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
شاهد.. الأسطورة باكياو العجوز يحرج بطل العالم للملاكمةزاد الاردن الاخباري -
كتب : حسين الرواشدة - منذ نحو عامين، ما زال سؤال «ماذا بعد؟» يلاحقنا، ماذا بعد غزة، حزب الله، طهران، وصولا إلى السويداء، المنطقة في مرحلة المخاضات الكبرى، ملامح الولادات القيصرية بدأت تتشكل، لكن الإجابات لم تحسم حتى الآن، أسوأ ما يمكن أن نفعله هو أن نتلاوم ونتصارع، والأخطر أن نتقمص المشهد ونخلط الأوراق، ثم نجلس على مدرجات المتفرجين بانتظار المصير المحتوم الذي ربما يقرره غيرنا بالنيابة عنا.
وعليه، لابد أن نتكاشف؛ بلدنا الآن وسط النيران، لا يوجد أي ظهير سياسي يمكن أن نعتمد عليه، او نستند إليه، فيما مضى تقمص بعضنا صراعات خارج حدودنا، ودفعنا أثماناً باهظة، ولا نزال، جراء هذا التقمص، صحيح، لدينا امتدادات اجتماعية وسياسية تفرض على الدولة أن تشتبك، سياسيا وأمنياً، مع محيطنا، كما تفرض على مجتمعنا أن يتفاعل مع الأحداث ويتعاطف مع ضحاياها ويساندهم، لكن لا يجوز أن يتحول هذا التفاعل إلى صراعات داخل المجتمع، أو أن يشكل عامل ضغط على الدولة للتشويش على خياراتها وقراراتها.
ما حدث في «السويداء «مثلا، وربما ما قد يحدث لاحقاً في غيرها من أنحاء سوريا، يهمنا ويؤثر فينا، ويجب أن نتعامل معه على مسطرة حماية مصالحنا العليا، الدولة الأردنية تجاوزت -أو هكذا يفترض - دعوات التسمين والتكبير التي روّجت لها بعض التيارات والصالونات السياسية، لا نريد أن نتسمّن ديموغرافياً، أو نتوسع جغرافياً، هذه الوصفات هي أقصر طريق للوقوع في فخ الأدوار المشبوهة، هدف الأردنيين أن يتحصنوا داخل بلدهم، ويحافظوا على صلابة جبهتهم الداخلية، وواجبهم أن يكشفوا الأشباح التي تتحرك بينهم لزرع الثنائيات، واستدعاء المظلوميات، وتوظيف المشاعر لتمرير الفواتير السياسية القادمة.
لا مصلحة للأردن بالتدخل في أي حرب أو صراع، ولا مصلحة للأردنيين بتقمص أي دور أو قضية خارج حدودنا، المرحلة ملغومة، وأي خطوة غير محسوبة ستكون مكلفة، ملف اللجوء مهما كانت مصوغاته يجب أن يُغلق، ملف التيارات السياسية التي تحركها الارتباطات الخارجية يجب أن يحسم نهائيا، ملف الاستدارة إلى الداخل وترتيب البيت الأردني يجب أن يحظى بالتوافق العام وكل الاهتمام، عنوان هذه المرحلة : أن نكون أردنيين بدون أي مواربة أو إضافة أو استدراك هو المخرج الوحيد للنجاة والصمود والحفاظ على هوية الدولة وقوتها، وعلى تماسك المجتمع أيضاً.
أمامنا أيام صعبة، خاصة على صعيد محاولة تصفية القضية الفلسطينية التي تشكل لدى الكيان المحتل غاية الحرب وهدفها، وعلى صعيد محاولات التقسيم والتفتيت التي تتطابق مع هذا الهدف وتتجاوزه لإخضاع المنطقة كلها، مبدأ (التحصن ) الذي يجب أن نذهب إليه يستدعي -أولا - إزالة اي التباسات في فهم العلاقة بين الدولة الأردنية وفلسطين، ليس فقط لأن ذلك من شأنه أن يحمي الأردن وفلسطين، ويحافظ على هوية الشعبين معا، وإنما -وهو الأهم- لقطع الطريق على الكيان المحتل الذي يضع على أجندته تصفية القضية الفلسطينية، وتحميل أعباء هذه التصفيه للأردن.
أكيد، إزالة الالتباسات والخروج من حالة التقمص تحتاج إلى نقاشات طويلة، لكن أهم ما يجب أن نتوافق عليه: الأردن هو الأردن وطن للأردنيين، وفلسطين هي فلسطين وطن للفلسطينين، لكل شعب منهما هويته ومستقبله الذي يقرره بنفسه.