اخبار الاردن

وكالة رم للأنباء

سياسة

صعوبة امتحانات العلمي: تساؤلات مشروعة وهواجس مقلقة.

صعوبة امتحانات العلمي: تساؤلات مشروعة وهواجس مقلقة.

klyoum.com

رم - الدكتور صبري راضي درادكة

في كل موسم امتحانات للثانوية العامة، تعلو الأصوات، وتتباين الآراء، لكن هذا العام بدا المشهد مختلفًا. حالة من الارتباك تسود بين الطلبة، المعلمين، الأهالي، وحتى المنصات التعليمية. الجميع يتحدث عن صعوبة غير معتادة في أسئلة الفرع العلمي، وكأن الأمر يأتي في سياق "عقابي" يستهدف كل من له صلة بهذا المسار التعليمي الصعب.

وفي المقابل، تخرج تصريحات رسمية تؤكد أن الامتحانات جاءت وفق المعايير، وأنها تقيس الفهم لا الحفظ، ولا تتجاوز الإطار الموضوعي في إعداد الاختبارات. وبين الرأيين، يقف الطلبة في المنتصف، يدفعون ثمنًا قاسيًا من أحلامهم ومستقبلهم.

لكن لنسأل بموضوعية:

إذا بقيت نسب النجاح كما هي، وانخفضت فقط المعدلات، فما الهدف من ذلك؟

هل هو تقليل أعداد المقبولين في تخصص الطب في الجامعات الأردنية؟

أم هو منع الطلبة من التوجه إلى الجامعات الخارجية؟ خصوصًا أن الجهات الرسمية كانت قد سبقت إلى فرض حد أدنى لمعدل القبول في الطب خارج الأردن، وهو 90%.

هذا الواقع يطرح تساؤلًا أعمق: هل نحن أمام توجه لخصخصة التعليم العام؟

إذا استمر هذا التضييق، فقد يجد كثير من الطلبة وأهاليهم أنفسهم مضطرين للاتجاه نحو البرامج الدولية داخل الأردن، والتي تقدم تعليمًا بديلاً وإن كان باهظ الكلفة. ومع الوقت، سيصبح التعليم الجيد حكرًا على القادرين ماليًا، وتتكرس الفجوة الطبقية في أحد أخطر قطاعات الدولة: التعليم.

ومع ذلك، لا ينبغي لأصحاب القرار أن يطمئنوا كثيرًا لهذا السيناريو.

فـ"أبناء الحراثين" كما يُقال، لن يستسلموا. سيواصلون طريقهم، وسيلتحقون بجامعات خارج الأردن في مختلف التخصصات، ومنها الطب تحديدًا. وربما يتجاوزون بذلك متطلبات الاعتماد في الأردن، ويكتفون باعتراف الدول المانحة لتلك الشهادات، ما يعني أن موجة "الهجرة الأكاديمية" ستتسع، وستخرج من تحت السيطرة.

أبناء الفقراء، مهما ضاقت عليهم السبل، لا يغادرون حلم التعلم الجيد.

وإذا لم يُعد النظر في فلسفة الامتحانات والتشريعات المرتبطة بها، فإننا أمام مشهد تتعمق فيه أزمة الثقة بين المواطن ومؤسسات التعليم، وتتعاظم فيه الفروقات الطبقية، ويُقبر فيه حلم كثيرين في أن يصبحوا أطباء، أو علماء، أو حتى مجرد خريجين يحملون شهادة لها وزن حقيقي في سوق العمل أو في ضميرهم.

*المصدر: وكالة رم للأنباء | rumonline.net
اخبار الاردن على مدار الساعة