اخبار الاردن

صحيفة السوسنة الأردنية

سياسة

أزمة الصّحافة الإلكترونية

أزمة الصّحافة الإلكترونية

klyoum.com

عندما انطلقت الصحافة الإلكترونية في المملكة مطلع القرن الحالي، أسّست لنوع جديد من الإعلام غير التقليدي التفاعلي والمتدفق، الذي ساهم إلى حد كبير في رفع سقف الحريات الصحفية. فكانت الصحافة الإلكترونية نافذة للكثير من الأردنيين التوّاقين إلى مساحات حرّة للتعبير عن الرأي، بعيداً عن الإعلام التقليدي الورقي أو الإذاعي أو التلفزيوني، فكانت تجربة ثرية وإضافة نوعيّة.

لكن، هذه التجربة تعرّضت حقيقة إلى التشويه والوقوع في المحظور عندما دخل إليها الكثير من أصحاب المهن الأخرى أو قليلي الخبرة، ما شكل أزمة حقيقية دفع الدولة الأردنية إلى تنظيم التجربة وفق قانون المطبوعات، عامَي 2011 و2012، ووضعت الشروط التنظيمية وفق المادة 49 من قانون المطبوعات والنشر الحالي.

هذا التنظيم القانوني، مضى عليه اليوم حوالى 15 عاماً، دون إعادة نظر، أو إجراء أيّ تصويب تشريعي يحسّن من التجربة "الجديدة"، وبقيت النصوص التشريعية متناثرة في قوانين مختلفة، تنظم عمل الصحافة الإلكترونية تارة، وتقيدها تارة أخرى، ما أفقدها جوهرها، لا سيّما "التفاعلية" من خلال النَّصِّ على تحمل الناشر ورئيس التحرير المسؤولية عن محتوى التعليق، ما دفع كثيراً من المواقع الإلكترونية الصحفية إلى حجب هذه الخاصية والخروج من "تجربة الإعلام التفاعلي"، خوفاً من الغرامات أو الحبس خاصّة وفق نصوص قانون الجرائم الإلكترونية بنسخته الجديدة.

الصحافة الإلكترونية اليوم بحاجة أكثر من أيّ وقت مضى إلى إعادة بثّ الروح فيها من جديد، فهي تحمل رسالة إعلامية وطنية تستطيع أن توصلها إلى أصقاع الدنيا بحكم الشبكة العنكبوتية، وأنْ لا تعتبرها بعض الجهات الرسمية خصماً لها يجب تقييدها، فهي تستطيع وقادرة أن تدافع عن الوطن وتتصدى لكثير من القضايا الإقليمية والعالمية وتوصل اسم الأردن بما يليق.

وهذا يقتضي، بالضرورة النظر للتجربة بعين وطنية ومهنية، وإعادة تقييمها، والعمل على تصحيح الإطار التشريعي الناظم لها من خلال إيجاد قانون للإعلام الإلكتروني، أو فصل أو باب في قانون شامل للصحافة والإعلام في الأردن، ينهض بهذا القطاع ويراعي ظروفه، ويكون قانوناً معيناً له لا مقيّداً أو مُقصياً له.

وهذا يقتضي فتح حوار موسّع ما بين الجهات المعنية من ممثلي المواقع الإخبارية ونقابة الصحفيين والجهات التشريعية وصولاً إلى صياغة تشريعية عادلة تنظّم عمل الصحافة الإلكترونية، وتنهض بها وتضعها في الإطار الوطني الصحيح، وتعبر عن الهوية الصحفية للجسم الصحفي الأردني دون غيره.

ومن المقترحات التي أنادي بها، ضرورة أن يكون ناشر الصحيفة الإلكترونية صحفياً أردنياً مضى على عضويته في نقابة الصحفيين مدة لا تقل عن عشر سنوات وبأثر رجعي، فلا يجوز مثلاً لمعلم اللغة العربية أن يفتح عيادة أسنان، وبالتالي لا يجوز لغير الصحفي أن يفتح مؤسّسة صحفية، وهذه إحدى صور الحفاظ على المهنة وإزالة التشوّهات.

ومن المقترحات أيضاً، ضرورة إعادة النظر بالرسوم المفروضة بالقانون حالياً، التي تصل إلى ألف دينار، فلا يعقل أن تدفع هذه المؤسسات البسيطة في رأس مالها وبنيتها مثل هذه الأرقام الكبيرة، فليس من المعقول أن يعامل موقع إلكتروني قد يعمل فيه شخص واحد أو شخصان، برسوم تساوي ما تدفعه مؤسّسة إعلامية كبرى رأس مالها بعشرات الملايين.

دور نقابة الصحفيين يحب أن يكون حماية الصحفي، لا تهديده باللجوء إلى القضاء، فلا يعقل أن يسير المجلس الحالي الذي تفاءلنا بخطواته التصحيحية، على خطا ما نعتبره تشوّهاً تشريعياً فيما يتعلق بالرسوم التي فرضت على الصحافة الإلكترونية، ويطالب تلك المؤسسات بدفع هذه الرسوم المتراكمة عليها، بل لا بدّ من إعادة تقييم التجربة برمّتها وتصويبها بما يحمي المهنة من أي تشوه ويحمي حقوق الصحفي، فالنقابات وجدت لهدف واحد دون غيره، الدفاع عن حقوق منتسبيها، وما دون ذلك خارج عن أهدافها الحمائية، ويخرج من جوهرها النقابي.

*المصدر: صحيفة السوسنة الأردنية | assawsana.com
اخبار الاردن على مدار الساعة