العدوان الإسرائيلي على دمشق: تصعيد خطير يستدعي تحركاً عربياً عملياً يتجاوز الإدانة! #عاجل
klyoum.com
العدوان الإسرائيلي على دمشق: تصعيد خطير يستدعي تحركاً عربياً عملياً يتجاوز الإدانة! #عاجل
كتب اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني *
في عدوان سافر ليس الأول وقد لا يكون الأخير، شنت إسرائيل امس غارات جوية عنيفة استهدفت قلب العاصمة السورية دمشق ، طالت مقارّ حكومية وعسكرية من بينها وزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي وقد خلّف الهجوم قتلى وجرحى. هذا التصعيد الجوي الصهيوني جاء بتزامن مع ألاحداث المضطربة التي تعيشها محافظة السويداء جنوب سوريا، بل في سياق محاولة فرض وقائع إقليمية جديدة على حساب سيادة سوريا ووحدة اراضيها واستقرارها. فما هي خلفيات هذا الإعتداء؟ ولماذا يُنتظر من الدول العربية أن تتجاوز حدود الإدانة إلى مواقف عملية رادعة؟
أولاً: القصف الإسرائيلي… الرسائل والدلالات
الذريعة المعلنة من الجانب الصهيوني كانت "حماية الأقليات الدرزية" في محافظة السويداء، التي تشهد منذ بداية الشهر الجاري اضطرابات شديدة ومواجهات داخلية بين مجموعات درزية مسلحة وميليشيات محلية وبعض التشكيلات المرتبطة بالحكومة، وهو عذر كما يقولون اقبح من ذنب! فبأي صفة يتدخل كيان خارجي لحماية الأقليات في دولة أخرى وهو محتل لأراضي الغير ويرتكب مجازر متواصلة لم يشهد لها التاريخ مثيلا منذ اكثر من 22 شهرا بحق اكثر من مليونين انسان من اهل غزة المحاصرين العزل ؟ غير أن المراقبين السياسيين يجمعون على أن هذا الإعتداء السافر يعكس نوايا توسعية وضغط عسكري وابتزاز سياسي مباشر للحكومة السورية الجديدة من اجل التأثير في مستقبل سوريا السياسي ، وليس مجرد تدخل دفاعي او لحماية الأقلية الدرزية في سوريا. وقد يكون هذا الإعتداء على العاصمة السورية ايضا بمثابة عرض عضلات هدفه امتصاص غضب الرأي العام في الداخل الإسرائيلي بعد الضربات الأخيرة الموجعة والقاتلة التي تلقتها القوات الصهيونية على يد المقاومة في غزة.
ثانيا: انعكاسات التصعيد على مستقبل المنطقة
يهدد هذا التصعيد بتوسيع الفوضى جنوب سوريا، وتعطيل محاولات العودة إلى الحل السياسي، ويعيد إلى الواجهة احتمال تدويل النزاع السوري مجددًا بعد فترة من الاحتواء الإقليمي ونجاح المقاومة السورية في الإطاحة بنظام الأسد ، ويهدف ايضا الى منع النظام السوري الجديد برئاسة احمد الشرع من التقاط انفاسه واستكمال اعادة بناء الدولة السورية الموحدة والتي قد تشكل تهديد مستقبلي لدولة الكيان الصهيوني . كما أن قصف دمشق، بما تحمله من رمزية، قد يُستخدم لاحقًا كمبرر لاستهداف عواصم عربية أخرى تحت شعارات أمنية أو طائفية.
ثالثا: الموقف العربي والدولي — بين التنديد والتقاعس
أدانت معظم العواصم العربية الغارات على دمشق والمناطق الجنوبية لسوريا، بما في ذلك الأردن ومصر والعراق وقطر والسعودية ولبنان والكويت. لكن عمليا وعلى الأرض، بقيت هذه الإدانات دون أي إجراءات دبلوماسية أو اقتصادية رادعة. ولم تدعُ الجامعة العربية إلى اجتماع طارئ، كما لم تعلن أي دولة عربية عن مراجعة علاقاتها مع تل أبيب. أما دوليًا، فقد عبّر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن "القلق"، فيما تجنبت واشنطن أي انتقاد مباشر لحليفتها إسرائيل، مكتفية بالتحذير من"مخاطر التصعيد".
رابعا: نداء لتحرك عربي يتجاوز الإدانة
إنّ استمرار الصمت العربي أو الاكتفاء بردود الفعل الشكلية يُشكل خطرًا مضاعفًا، ليس على سوريا فقط، بل على هيبة القرار العربي بأسره. وحتى لا تنطبق علينا مقولة "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"، فإنّ الموقف الواجب اتخاذه من الدول العربية اليوم كإجراء فوري يوجّه رسالة رفض قاطع للعدوان ويكون على مستوى الحدث يجب ان يتمثل في تجميد أو تقليص العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وتعليق التعاون الأمني والاقتصادي في حال لم تلتزم تل أبيب بوقف التصعيد ودعوة عاجلة لاجتماع عربي طارئ يضع خريطة طريق دبلوماسية وإعلامية موحدة لردع أي تكرار للانتهاكات.
وفي الختام، دمشق ليست فقط عاصمة دولة عربية وعاصمة الخلافة الأموية وأقدم عاصمة في العالم ، بل هي عنوان لكرامة الأمة العربية وسيادتها. وإن لم تتحرك الحكومات اليوم، فإن الغد قد يشهد عواصم أخرى تُستباح تحت نفس الذرائع.
* الكاتب عضو المكتب السياسي ورئيس المجلس الإجتماعي/حزب المستقبل والحياة الأردني