النعيمات يكتب: ماذا تعرف عن الأمراض النفس-جسمية وتأثيراتها
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
بينها تدخين الشيشة .. 5 أفعال قد تؤدي للإصابة بالسرطانتتجلى العلاقة بين النفس والجسد في أوضح صورها من خلال ما يُعرف بالأمراض النفس-جسمية، وهي أمراض عضوية في ظاهرها، لكن جذورها تعود إلى اضطرابات نفسية وعاطفية يعاني منها الإنسان. في كثير من الحالات، يتنقل المريض بين العيادات والمستشفيات بحثًا عن تفسير لأعراض جسدية مؤلمة، دون أن يدرك أن منشأ تلك الأوجاع ليس فيزيائيًا بقدر ما هو نفسي. فحين تعجز النفس عن التعبير، يتكفل الجسد بذلك من خلال الألم.في عالم تتزايد فيه الضغوط وتتسارع فيه وتيرة الحياة، يجد الإنسان نفسه محاصرًا بهموم العمل، ومشكلات العلاقات، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، ما يجعله عرضة للإرهاق النفسي المزمن. هذا الإرهاق لا يبقى في دائرة المشاعر، بل يتسلل إلى الجسد عبر بوابات متعددة كالجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والقلب، والجلد، ويأخذ شكل أمراض واضحة مثل القولون العصبي، وقرحة المعدة، والربو، والصداع النصفي، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات النوم، وتساقط الشعر، وغيرها من الأعراض التي يصعب تفسيرها عضويًا فقط.الخطورة في هذه الأمراض لا تكمن في شدتها فحسب، بل في كونها غالبًا ما تُهمل أو تُشخّص تشخيصًا خاطئًا، مما يُطيل من معاناة المريض ويزيد من تعقيد حالته. وفي بعض الثقافات، يُنظر إلى المعاناة النفسية نظرة سلبية تُعيق المريض عن الاعتراف بها أو طلب المساعدة المناسبة، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع وتحوله إلى مرض مزمن أو حالة يصعب علاجها لاحقًا.التعامل مع الأمراض النفس-جسمية يتطلب وعيًا ذاتيًا وتكاملاً في العلاج، يجمع بين الطب النفسي والطب الجسدي، إلى جانب الدعم الاجتماعي والروحي. فالعلاج لا يقتصر على تناول الأدوية، بل يشمل أيضًا جلسات العلاج النفسي، وأساليب الاسترخاء والتأمل، وتعديل نمط الحياة، وتبني استراتيجيات فعالة لمواجهة الضغوط، مثل تنظيم الوقت، والتفريغ الانفعالي، وممارسة الرياضة، وبناء علاقات صحية.إن التوعية بهذه العلاقة بين النفس والجسد يجب أن تبدأ منذ الصغر، من خلال تعزيز الذكاء العاطفي والقدرة على التعبير عن المشاعر، وتوفير بيئة أسرية ومدرسية تدعم الصحة النفسية. فالتربية النفسية السليمة تشكل درعًا واقيًا من كثير من الأمراض التي قد لا يظهر أثرها إلا بعد سنوات طويلة.لا يمكن الحديث عن صحة حقيقية دون الاهتمام بالنفس، ولا يمكن تحقيق التوازن الجسدي دون استقرار نفسي. الجسد مرآة لما يدور في الداخل، وعندما يُصاب الداخل بالاضطراب، لا بد أن يظهر ذلك على السطح. من هنا، فإن الوقاية من الأمراض النفس-جسمية تبدأ بالإنصات للنفس، ومراعاة مشاعرنا، والتعامل مع الضغوط بوعي، وطلب الدعم عند الحاجة، فالعقل السليم لا يكون فقط في الجسم السليم، بل في النفس السليمة أيضًا.د.محمود هارون النعيمات الإرشاد النفسي والتربوي
تتجلى العلاقة بين النفس والجسد في أوضح صورها من خلال ما يُعرف بالأمراض النفس-جسمية، وهي أمراض عضوية في ظاهرها، لكن جذورها تعود إلى اضطرابات نفسية وعاطفية يعاني منها الإنسان. في كثير من الحالات، يتنقل المريض بين العيادات والمستشفيات بحثًا عن تفسير لأعراض جسدية مؤلمة، دون أن يدرك أن منشأ تلك الأوجاع ليس فيزيائيًا بقدر ما هو نفسي. فحين تعجز النفس عن التعبير، يتكفل الجسد بذلك من خلال الألم.
في عالم تتزايد فيه الضغوط وتتسارع فيه وتيرة الحياة، يجد الإنسان نفسه محاصرًا بهموم العمل، ومشكلات العلاقات، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، ما يجعله عرضة للإرهاق النفسي المزمن. هذا الإرهاق لا يبقى في دائرة المشاعر، بل يتسلل إلى الجسد عبر بوابات متعددة كالجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والقلب، والجلد، ويأخذ شكل أمراض واضحة مثل القولون العصبي، وقرحة المعدة، والربو، والصداع النصفي، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات النوم، وتساقط الشعر، وغيرها من الأعراض التي يصعب تفسيرها عضويًا فقط.
الخطورة في هذه الأمراض لا تكمن في شدتها فحسب، بل في كونها غالبًا ما تُهمل أو تُشخّص تشخيصًا خاطئًا، مما يُطيل من معاناة المريض ويزيد من تعقيد حالته. وفي بعض الثقافات، يُنظر إلى المعاناة النفسية نظرة سلبية تُعيق المريض عن الاعتراف بها أو طلب المساعدة المناسبة، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع وتحوله إلى مرض مزمن أو حالة يصعب علاجها لاحقًا.
التعامل مع الأمراض النفس-جسمية يتطلب وعيًا ذاتيًا وتكاملاً في العلاج، يجمع بين الطب النفسي والطب الجسدي، إلى جانب الدعم الاجتماعي والروحي. فالعلاج لا يقتصر على تناول الأدوية، بل يشمل أيضًا جلسات العلاج النفسي، وأساليب الاسترخاء والتأمل، وتعديل نمط الحياة، وتبني استراتيجيات فعالة لمواجهة الضغوط، مثل تنظيم الوقت، والتفريغ الانفعالي، وممارسة الرياضة، وبناء علاقات صحية.
إن التوعية بهذه العلاقة بين النفس والجسد يجب أن تبدأ منذ الصغر، من خلال تعزيز الذكاء العاطفي والقدرة على التعبير عن المشاعر، وتوفير بيئة أسرية ومدرسية تدعم الصحة النفسية. فالتربية النفسية السليمة تشكل درعًا واقيًا من كثير من الأمراض التي قد لا يظهر أثرها إلا بعد سنوات طويلة.
لا يمكن الحديث عن صحة حقيقية دون الاهتمام بالنفس، ولا يمكن تحقيق التوازن الجسدي دون استقرار نفسي. الجسد مرآة لما يدور في الداخل، وعندما يُصاب الداخل بالاضطراب، لا بد أن يظهر ذلك على السطح. من هنا، فإن الوقاية من الأمراض النفس-جسمية تبدأ بالإنصات للنفس، ومراعاة مشاعرنا، والتعامل مع الضغوط بوعي، وطلب الدعم عند الحاجة، فالعقل السليم لا يكون فقط في الجسم السليم، بل في النفس السليمة أيضًا.
د.محمود هارون النعيمات
الإرشاد النفسي والتربوي