اخبار الاردن

وكالة مدار الساعة الإخبارية

سياسة

الأردن وتجربة التأهيل الجنائي عدالة بروح إنسانية

الأردن وتجربة التأهيل الجنائي عدالة بروح إنسانية

klyoum.com

مدار الساعة - كتبت المحامية الدكتورة نور مازن الحديد:في مشهد يتجاوز العقوبة إلى الغاية الأسمى من العدالة، يخطو الأردن بثقة نحو ترسيخ مفهوم التأهيل الجنائي، بوصفه أحد أعمدة منظومة العدالة الجنائية الحديثة.لم تعد الغاية من العقوبة محصورة في الردع أو القصاص، بل باتت تدور حول الإصلاح، وإعادة بناء الفرد ليغدو عضوًا فاعلًا في المجتمع.لقد تبنّى الأردن، خلال العقود الأخيرة، رؤية إصلاحية متقدمة تتناغم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ما جعل من تجربته نموذجًا رائدًا في المنطقة العربية. ويجسّد هذا التحوّل الفلسفي تغيير المسمّى من "إدارة السجون" إلى "إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل" عام 1986، في دلالة واضحة على الانتقال من منطق العقوبة إلى منطق التهذيب والتأهيل.ولم تقتصر هذه الجهود على البنية الفكرية وحسب، بل تُرجمت عمليًا من خلال إدخال نظام العقوبات البديلة، الذي جاء بموجب التعديل على قانون العقوبات رقم (27) لسنة 2017، ودخل حيّز التنفيذ عام 2018.وقد أتاح هذا النظام للمحاكم إمكانية اللجوء إلى عقوبات غير سالبة للحرية في الجرائم البسيطة، للحد من الاكتظاظ داخل مراكز الإصلاح، وفتح أفق جديد أمام فرص الإصلاح الحقيقي.وفي إطار تعزيز فرص التمكين داخل مراكز الإصلاح، انطلقت مبادرة "صُنع بعزيمة"، وهي مشروع ريادي يُعنى بتأهيل النزلاء عبر برامج تدريب مهني وحِرفي، تُزوّدهم بالمهارات اللازمة للاندماج في سوق العمل بعد الإفراج. وتُنفذ هذه المبادرة بشراكة بين إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، الذي ساهم في تطوير البنية التحتية للمشاغل المهنية، لا سيما في مركز إصلاح وتأهيل النساء في الجويدة.وبإشراف المصممة الأردنية بترا أورفلي، تكتسب هذه المبادرات طابعًا إبداعيًا، حيث تُعرض منتجات النزيلات ضمن المعرض الدائم "صُنع بعزيمة" والمتجر الإلكتروني التابع له، ما يمنح النزيلات شعورًا بالقيمة، ونافذة اقتصادية تعزز كرامتهن واستقلاليتهن.إلا أن التحدي الأكبر لا يكمن داخل أسوار مراكز الإصلاح، بل يبدأ لحظة الإفراج. فالمفرج عنهم غالبًا ما يواجهون تحديات نفسية، اجتماعية، واقتصادية قاسية، يتصدرها الوصم المجتمعي، وصعوبة الاندماج من جديد.من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى توسيع برامج المتابعة اللاحقة للإفراج، لضمان استمرارية عملية الإصلاح، ومنع العودة إلى الجريمة.إن بناء العدالة لا يكتمل إلا حين نمنح من أخطأ فرصة حقيقية للعودة، مؤمنين أن الإنسان قادر على التغيير، متى ما توفرت له بيئة داعمة، ومجتمع يؤمن بإمكانية النهوض.

مدار الساعة - كتبت المحامية الدكتورة نور مازن الحديد:

في مشهد يتجاوز العقوبة إلى الغاية الأسمى من العدالة، يخطو الأردن بثقة نحو ترسيخ مفهوم التأهيل الجنائي، بوصفه أحد أعمدة منظومة العدالة الجنائية الحديثة.

لم تعد الغاية من العقوبة محصورة في الردع أو القصاص، بل باتت تدور حول الإصلاح، وإعادة بناء الفرد ليغدو عضوًا فاعلًا في المجتمع.

لقد تبنّى الأردن، خلال العقود الأخيرة، رؤية إصلاحية متقدمة تتناغم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ما جعل من تجربته نموذجًا رائدًا في المنطقة العربية

. ويجسّد هذا التحوّل الفلسفي تغيير المسمّى من "إدارة السجون" إلى "إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل" عام 1986، في دلالة واضحة على الانتقال من منطق العقوبة إلى منطق التهذيب والتأهيل.

ولم تقتصر هذه الجهود على البنية الفكرية وحسب، بل تُرجمت عمليًا من خلال إدخال نظام العقوبات البديلة، الذي جاء بموجب التعديل على قانون العقوبات رقم (27) لسنة 2017، ودخل حيّز التنفيذ عام 2018.

وقد أتاح هذا النظام للمحاكم إمكانية اللجوء إلى عقوبات غير سالبة للحرية في الجرائم البسيطة، للحد من الاكتظاظ داخل مراكز الإصلاح، وفتح أفق جديد أمام فرص الإصلاح الحقيقي.

وفي إطار تعزيز فرص التمكين داخل مراكز الإصلاح، انطلقت مبادرة "صُنع بعزيمة"، وهي مشروع ريادي يُعنى بتأهيل النزلاء عبر برامج تدريب مهني وحِرفي، تُزوّدهم بالمهارات اللازمة للاندماج في سوق العمل بعد الإفراج. وتُنفذ هذه المبادرة بشراكة بين إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، الذي ساهم في تطوير البنية التحتية للمشاغل المهنية، لا سيما في مركز إصلاح وتأهيل النساء في الجويدة.

وبإشراف المصممة الأردنية بترا أورفلي، تكتسب هذه المبادرات طابعًا إبداعيًا، حيث تُعرض منتجات النزيلات ضمن المعرض الدائم "صُنع بعزيمة" والمتجر الإلكتروني التابع له، ما يمنح النزيلات شعورًا بالقيمة، ونافذة اقتصادية تعزز كرامتهن واستقلاليتهن.

إلا أن التحدي الأكبر لا يكمن داخل أسوار مراكز الإصلاح، بل يبدأ لحظة الإفراج. فالمفرج عنهم غالبًا ما يواجهون تحديات نفسية، اجتماعية، واقتصادية قاسية، يتصدرها الوصم المجتمعي، وصعوبة الاندماج من جديد.

من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى توسيع برامج المتابعة اللاحقة للإفراج، لضمان استمرارية عملية الإصلاح، ومنع العودة إلى الجريمة.

إن بناء العدالة لا يكتمل إلا حين نمنح من أخطأ فرصة حقيقية للعودة، مؤمنين أن الإنسان قادر على التغيير، متى ما توفرت له بيئة داعمة، ومجتمع يؤمن بإمكانية النهوض.

*المصدر: وكالة مدار الساعة الإخبارية | alsaa.net
اخبار الاردن على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com