الدراما الأردنية على طريق العودة: بين الأصالة والتجديد
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
التربية: المبالغ المالية المقتطعة لصالح النقابة ستعاد إلى المعلمينتُرى، هل يمكن لدراما نشأت من عمق الصحراء وتاريخ الحضارات أن تُنافس صخب الشاشات الحديثة؟ سؤال يُطرح بقوة في المشهد الفني العربي، مع عودة الدراما الأردنية لتخطو بثقة نحو استعادة مكانتها البارزة.
الدراما الأردنية ليست مجرّد نتاج أعمال تلفزيونية، بل حكاية مجتمع وثقافة تمتد لعقود. بدأت مسيرتها في ستينيات القرن الماضي ببساطة آسرة، ثم ازدهرت في السبعينيات والثمانينيات، حين أصبحت حاضرة في كل بيت عربي عبر أعمال بدوية وتاريخية تركت بصمة واضحة على الذاكرة الجمعية. أعمال مثل "رأس غليص"، و"نمر بن عدوان"، و"الخنساء" لم تكن مجرّد مسلسلات، بل سردًا ملحميًا لقيم الشجاعة والكرم ونمط الحياة الصحراوي الأصيل.
تميزت الدراما الأردنية في تلك الفترة بفرادتها، واستثمرت طبيعة الأردن الجغرافية والتاريخية كعنصر جذب بصري وثقافي. كما لامست نبض المجتمع المحلي بصدق، عبر مسلسلات اجتماعية ناقشت هموم الناس وتفاصيل حياتهم اليومية، لتُثبت حضورها العربي كدراما صادقة ومؤثرة.
غير أن مسيرة الدراما الأردنية لم تخلُ من التحديات. فقد شهدت بدايات الألفية الجديدة تراجعًا ملحوظًا في الإنتاج والتمويل، ما دفع البعض للاعتقاد بأن مرحلة الازدهار قد انتهت. لكن هذه المرحلة الصعبة كانت، في نظر بعض المهتمين بالشأن الدرامي، فرصة لإعادة التفكير والتجديد، إذ أجبرت صنّاع الدراما على البحث عن صيغ جديدة وموضوعات معاصرة تتماشى مع تطلعات الجيل الجديد.
اليوم، يبدو أن المشهد الدرامي الأردني يشهد يقظة حقيقية. المنصات الرقمية العالمية التي فتحت أبوابها للمحتوى الأردني أسهمت في تغيير المعادلة، إذ أصبح الإنتاج أكثر احترافية، والانتشار أوسع، والفرص أمام المواهب المحلية أكثر تنوعًا.
الدراما الأردنية تمتلك عنصرين قويين يمكّنانها من المنافسة عربياً وعالمياً: الأول هو تراثها الغني الذي يمكن تقديمه بأساليب حديثة، خصوصًا في ظل امتلاك الأردن لمواقع تصوير طبيعية مذهلة كالبتراء ووادي رم. أما العنصر الثاني، فهو الواقع الأردني المعاصر بقصصه الإنسانية المتجذرة في أصالة المجتمع وتفاصيله اليومية التي تشبه حكايات كل عربي.
المشهد اليوم يحمل في طياته بوادر نهضة، وربما عودة قوية للدراما الأردنية إلى الواجهة، ليس فقط كحنين إلى الماضي، بل كقوة إنتاجية تحمل أدوات الحاضر وتطلعات المستقبل. فهل نشهد قريبًا ولادة موجة درامية جديدة تعيد الأردن إلى خريطة التأثير الفني العربي؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.
مخرج في قناة الريان القطرية.