اخبار الاردن

وكالة رم للأنباء

سياسة

حزب الجبهة وجماعة الإخوان المحظورة .. القادم أصعب

حزب الجبهة وجماعة الإخوان المحظورة .. القادم أصعب

klyoum.com

رم - بقلم: باسم البقور

من العقبة هذه المرة، وحسب المعلومات التي تم تداولها إعلاميا بخبرمنسوب الى وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أحبطت الأجهزة الأمنية محاولة عدد من الأشخاص بينهم "نائب" تهريب وثائق ومستندات من داخل مقر تابع لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. ادعى ذلك النائب بأن الشقة مستأجرة لصالح أحد الأحزاب، والهيئة المستقلة للانتخاب صرحت بأن الحزب" المقصود حزب جبهة العمل الإسلامي" لم يعلن عن هذه الشقة ضمن البيانات الرسمية المقدمة لها .انتهى الخبر.

وبالولوج الى ما وراء الخبر مباشرة ودون توطئة أو مقدمات تسويغية، فإن الدلالات تؤشر بأن الجماعة المحظورة بقرار قضائي ما زالت تمارس أعمالها، والعلاقة التنظيمية بين الجماعة وحزب الجبهة مستمرة دون انفكاك، والاستهتارالإخواني بالموقف الرسمي ما زال قائما، والعقلاء في التنظيم قد تم تغييبهم منذ بدايات العقد الماضي، والتيار الإخواني المتشدد هو القابض على القرار بدعم من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين السائرفي استهداف الدولة الأردنية واعتبارها إحدى الساحات التنظيمية.

إذن أين الإشكالية في إدراك وتفهم الإخوان المسلمين لجدية الدولة في التعاطي معها؟ الإجابة : منذ "الخريف" العربي قبل عقد وأكثر - والإخوان المسلمين أحد أبرز أدواته - وبعد سقوط بعض الأنظمة العربية - اختار إخوان الأردن منهج "التوحش" السياسي مستغلين هيجان الشارع العربي، استنادا الى الإستراتيجية التنظيمية القاضية بتنفيذ "مرحلة التمكين" أي الانقلاب والسيطرة على الحكم، فاختّطوا اللغة العدائية ضد الدولة مع محاولات إسقاط رمزية النظام وخلخلة المجتمع الأردني وإثارة الفوضى. كل ذلك بدعم من إخوان مصر أصحاب السلطة في مصر "آنذاك" وبرعاية من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وجهات خارجية أخرى.

تجاوز الأردن تلك المرحلة بحنكة القيادة الهاشمية ووعي الشعب وصلابة مؤسسات الدولة، وعلى الرغم من ذلك لم يستدرك الإخوان في الأردن بأن مخططاتها تكشّفت أمام الدولة الرسمية، فتوغلوا في ممارساتهم الى حد الإسفاف والمغالاة في الاستعداء للدولة وتثوير الرأي العام واختراق البنى المجتمعية دون هوادة لإعادة إنتاج نفسها تمهيدا لحقبة جديدة، تحت لافتات الحرية ولقمة العيش وتوطين العقل بالمظلومية وظلامية الدولة. لم تكتف الجماعة بذلك، بل حمّلت الأردن - مع استثناء مقصود لكل الدول العربية والإسلامية - وزرالإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وآخر الأمثلة على ذلك محاولتها ضرب مصداقية سلوك وخطاب الدولة الأردنية تجاه غزة المكلومة التي جوع أهلها ودمرت بنيتها التحتية وارتقى الآلآف من شبابها وأطفالها ونسائها الى السماء.

وصل القصور السياسي لإخوان الأردن الى الشلل في التعاطي مع الأحداث السياسية المتوالية في الإقليم، والتكلس في العقلية لفهم التبدلات التي أصابت الإقليم وارتداداتها على التنظيم الإخواني، كتصنيفها في دول المنطقة تنظيما ارهابيا، وإضعاف حماس سياسيا وعسكريا على الرغم من الضجيج الإعلامي المعاكس لذلك، وضرب إيران في العمق السياسي والعسكري والنووي، وتحجيم ميليشياتها في الإقليم، والانقلاب السلطوي في سوريا بدعم دولي، وتقليص الساحة التركية أمام النشاطات الإخوانية،وإنهاء التنظيم في تونس وحبس قياداته بعد عشر سنوات من الحكم عافها الشعب التونسي ،والتحول التدريجي في أوروبا.

في هذا المقام وللأمانة الأخلاقية، لا بد أن نستذكر سويا القيادات الإخوانية الوطنية الأردنية التاريخية، التي تجلت منذ التأسيس بالفكر الإخواني المعتدل، ومنحت الأردن قيادة وشعبا وأرضا الصدارة في أمنه واستقراره، والتي تبوأت المناصب ما بين الوزارات ومجالس النواب والأعيان، وأقسموا اليمين على كتاب الله بالإخلاص للملك والمحافظة على الدستور وخدمة الأمة والقيام بالواجبات بأمانة، فكانوا على مسافة معتدلة ما بين البيعة التنظيمية والقسم الرسمي أمام جلالة الملك، فأسسوا للتقارب الوطني التاريخي بين التنظيم والدولة، وحتى في أصعب الظروف مارسوا المعارضة الأردنية العقلانية والمنضبطة.

الشعب الأردني يتحمل جزءا من مغالبة الإخوان للدولة، لأنهم - ومن دون قصد من الأغلبية وبقصد من البعض- أتاحوا لهم اختراق البنى المجتمعية والسياسية تحت تأثير خطاب ديني طوع لخدمة أجندتهم وأهدافهم، مثلهم كمثل الشعوب العربية الأخرى، ولا ننكربنفس الوقت قدرة الإخوان المسلمين على إقناع هذه الشعوب بأنهم "حاملي مفاتيح الجنة" و"مناديب الله على الأرض" و"المخولين دون البشربنصرة الدين" "والأحق بالسمع والطاعة العمياء"، وإيهام هذه الشعوب بأنها تعيش حالة التيه الدنيوي المعاصر كتيه اليهود في مصر. ولا بد من القول إن المسوؤلية هنا لا يتحملها الفرد العربي خصوصا في ظل غياب وتغييب النخبة من المفكرين وتقاعس بعض مؤسسات الدولة الذين يتحملون مسؤولية تحريرالعقل العربي من الموروث الديني المغلق، ويتوجب عليهم تفكيك الخطاب الأيديولجي الديني الذي صاغه الموتورين المتشددون.

آن الأوان للدولة الأردنية إنهاء المشروع الإخواني في الأردن، وذلك بالاحتكام للدستور والقوانين الناظمة للحياة السياسية بمجملها، وتلك مسوؤلية الدولة ودين في رقبتها أمام الأردنيين جميعا على ما اقترفه الإخوان المسلمين عبر كل العقود المنصرمة من جرائم بحق الوطن والشعب الأردني والدين. لقد استنزفت هذه الجماعة الدولة بما فيه الكفاية سياسيا وأمنيا ومجتمعيا وتنمويا، وعلى الدولة أن تتفرغ للبناء الحداثي للفكرالديني وتحصين العقول، والمضي في إرساء الدولة المدنية بمفهوم وإرادة أردنية محضة وبتشاركية من كافة الفئات، وإيلاء الأوضاع الاقتصادية الأولوية القصوى لرفع المستوى المعيشي وتخفيف نسبة البطالة ومواصلة برامج التحديث السياسي والاقتصادي المدعومة ملكيا، على أن تبقى الثوابت الأردنية قوية بمواجهة مشاريع التصفية الصهيونية للقضية الفلسطينية والوقوف خلف جلالة الملك صاحب الشرعية الدينية والتاريخية والسياسية الذي لم ولن يعييه هذا الحمل الثقيل.

*المصدر: وكالة رم للأنباء | rumonline.net
اخبار الاردن على مدار الساعة