تنظيم داعش خطر كبيرعلى الأمن الدولي
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
السواريس تتفقد أقسام المديرية للاطلاع على آلية العمل والمتابعة .مع تزايد لامركزية داعش، أصبح التنظيم تهديدًا متزايد الخطورة على أجزاء متزايدة من العالم. آفا ويليامز – ناشيونال إنترست
أطلق مسلح موال لداعش النار على موكب ماردي غرا في نيو أورلينز، في يناير 2025، مما أثار عناوين رئيسية متجددة حول "عودة" داعش. وبينما انهارت خلافة التنظيم الإقليمية قبل سنوات، بقي تنظيم داعش نفسه. وعلاوة على ذلك تكيف مع الوضع، وانشق إلى فروع لامركزية اندمجت في مناطق من الساحل إلى جنوب آسيا.
يتطلب هذا التهديد المتطور استجابات تكيفية من الحكومات في جميع أنحاء العالم، وليس فقط من أجهزة مكافحة الإرهاب التقليدية. ولم تعد الأدوات التي ساعدت في تفكيك الخلافة كافية. فضربات الطائرات دون طيار، وعمليات القتل المستهدف، والحملات العسكرية غير مناسبة لمواجهة شبكة لامركزية مدعومة بأيديولوجية. كما لا يمكن لهذه الأساليب أن تفعل ما يكفي لتعطيل النظم البيئية الرقمية، والروابط العابرة للحدود الوطنية، والمظالم المحلية التي لا تزال تغذي التطرف.
في الحقيقة من الضروري اتباع نهج طويل الأمد يركز على بناء المرونة المحلية. وهذا يستلزم دعم جهود مكافحة التمرد الإقليمية، وتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية، والاستثمار في مبادرات تعزز الحوكمة والشرعية في المناطق المعرضة للخطر. ويقدم التعاون الناشئ بين تركيا والأردن والعراق نموذجاً واعداً لما يمكن أن يبدو عليه التنسيق العملي القائم على أسس إقليمية.
وهذا النهج مطلوب بشدة في أفريقيا، حيث وجد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مساحة لإعادة تنظيم صفوفه والتوسع. وقد ترسخت فروع داعش في الدول الهشة ومناطق الصراع، مستغلةً الحدود غير المحكمة وضعف الحوكمة.
وعلى سبيل المثال ازداد تنظيم داعش في غرب أفريقيا (ISWAP) في نيجيريا تطوراً، مستخدماً القنابل المزروعة على جوانب الطرق والكمائن لاستهداف القوافل العسكرية في ولايتي بورنو وأداماوا. وقد أسفرت هذه الهجمات عن مقتل العشرات منذ أوائل عام 2025. وفي الجنوب، في أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، صعّد مسلحون مرتبطون بداعش، مثل تحالف القوى الديمقراطية، من عنفهم: مجازر بحق القرويين، وحرق منازل، ومهاجمة مدارس.
هذه محاولات متعمدة لتفتيت المجتمعات وتقويض ما تبقى من سلطة الدولة. في موزمبيق، استهدفت الهجمات بشكل متزايد البنية التحتية للطاقة والمسؤولين المحليين، مما يشير إلى طموحات طويلة الأجل لتقويض الحوكمة والانتعاش الاقتصادي. في هذه السياقات، من الواضح أن داعش لا يكتفي بالبقاء؛ بل أصبح أكثر تنسيقاً وطموحاً وتهديداً.
يتجلى هذا بشكل خاص في توجه التنظيم نحو المناطق الساحلية في غرب إفريقيا. فمن خلال الوصول إلى الموانئ، تسعى الجماعات المرتبطة بداعش إلى تحويل تمرداتها غير الساحلية إلى شبكات إقليمية متجذرة ذات قدرات عابرة للحدود الوطنية.
وكما حذر الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا، فإن هذه المواطئ الساحلية الناشئة يمكن أن توفر شريان حياة عملياتي واقتصادي حيوي للمسلحين المرتبطين بداعش، مما يعزز بشكل كبير من نطاق انتشارهم وقدرتهم على الصمود.
لقد أصبحت جنوب آسيا أيضاً جبهة حاسمة في حملة داعش المتطورة. وكثّف فرعها الإقليمي، تنظيم داعش في خراسان (ISIS-K)، المتمركز في أفغانستان وباكستان، عملياته من خلال سلسلة من الهجمات البارزة التي استهدفت سلطات طالبان والمجتمعات الشيعية والمصالح الأجنبية.
وتعكس الهجمات الأخيرة، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية والهجمات الحضرية المعقدة، براعة تكتيكية واستراتيجية مدروسة لزعزعة استقرار المنطقة. ويقدّم تنظيم داعش في خراسان نفسه بشكل متزايد كزعيم للجهاد العابر للحدود. وبهذه الطريقة، يهدّد تنظيم داعش في خراسان بشكل روتيني المصالح الغربية ومصالح حلفاء الغرب، ويسعى لتجنيد عناصر من دول آسيا الوسطى المجاورة.
كما يعكس هذا المسار، الملاحظ في أجزاء من أفريقيا، تحوّلاً من العنف المشتّت إلى حملات منسقة تهدف إلى توسيع النفوذ واستعراض القوة عبر الحدود. وإلى أن نبدأ في إدراك أن هذه الهجمات جزء من نمط أوسع، سنظلّ نتجاهل حجم التهديد.
لا يقتصر التهديد الذي يشكله تنظيم داعش على ساحات المعارك الخارجية، بل يتجلى تأثيره في الغرب، حيث يواصل إلهام التطرف المحلي وهجمات الأفراد. ولا تزال أيديولوجية التنظيم راسخة في الفضاءات الرقمية والمجتمعات الضعيفة، وغالبًا ما تكون متأصلة في منصات مشفرة، وحملات دعائية عبر الإنترنت، وشبكات هامشية يصعب رصدها وتتبعها.
ويمثل هذا الشكل اللامركزي من العنف، الموجه أيديولوجياً، تحدياً خطيراً لأجهزة الأمن الغربية، التي يتعين عليها التعامل مع القيود القانونية وقلة الموارد أثناء الاستجابة لتهديد متقلب وسريع التطور، ويصعب اكتشافه بشكل متزايد.
في أواخر عام 2024، قدم كين ماكالوم، المدير العام لجهاز المخابرات البريطاني (MI5)، أول تحديث وطني للتهديدات في المملكة المتحدة منذ عام 2022، مشيراً إلى أن داعش هو التهديد الذي يقلقها أكثر من غيره. ومع ذلك، أقر أيضاً بالضغط الهائل الذي تتعرض له أجهزة الاستخبارات، مشيراً إلى أنها "مجهدة للغاية" ومجبرة بشكل متزايد على اتخاذ قرارات صعبة بشأن أولوياتها.
وتنطبق تصريحات مكالوم على العالم الغربي بأكمله، وليس فقط على المملكة المتحدة. وهي تكشف عن حقيقة بالغة الأهمية: لا يمكننا الاكتفاء بمراقبة التهديدات؛ بل يجب علينا تعطيل الظروف التي تسمح بنموها. ومنع التطرف يعني تقليل عدد الأفراد الذين يتطورون إلى تهديدات خطيرة، مما يقلل من وتيرة الحالات عالية الخطورة، ويخفف العبء على الأجهزة الأمنية.
وقد فشلت المحاولات السابقة في كثير من الأحيان، بسبب ضعف ثقة المجتمع والاعتماد المفرط على المراقبة. إن الوقاية الناجحة تتطلب أكثر من مجرد التدخل المبكر؛ بل تتطلب استراتيجية طويلة الأمد ترتكز على بناء الثقة، والمشاركة المحلية، ومعالجة الظروف التي تسمح للأيديولوجيات المتطرفة بالترسخ.
إن هذه الاستراتيجية ضرورية لحماية الشباب، الذين يزدادون عرضة للتلقين، لا سيما عبر الإنترنت، حيث ينتشر المحتوى المتطرف بسرعة ويمرّ دون أي رادع. ويتطلب التصدي لهذا الأمر استثماراً مستداماً في التعليم، والتواصل مع الشباب، ومحو الأمية الرقمية، وتزويد المجتمعات بالأدوات اللازمة لتحديد التأثير المتطرف ومواجهته. وللمدارس والأسر والقيادات الدينية والسلطات المحلية أدوار حاسمة في بناء نوع من المرونة الشعبية يمنع التطرف قبل أن يترسخ.
وإذا كنا جادين في معالجة خطر التطرف والتشدد على الشباب والمجتمع ككل، فعلينا إدراك التهديد المستمر الذي نواجهه. وفي ظل هذا المشهد الأمني المتقلب، حيث الموارد شحيحة والأزمات المتنافسة تهيمن على عناوين الأخبار، يجب أن تكون الاستجابة ملتزمة وقابلة للتكيف.
في النهاية لم يعد تجاهل التهديد حتى يندلع على عتبة دارنا خياراً. فسلامتنا لا تعتمد على رد الفعل على الهجوم التالي، بل على منع الظروف التي تجعله حتمياً.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب