الطعن في خاصرة الوطن: بين قناع المقاومة وأوامر الخارج… خفايا الدور المزدوج لجماعة الإخوان في زعزعة أمن الأردن
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
الناطق الحكومي: العمل من أجل فلسطين لا يكون باستهداف الاستقرار الأردنيزاد الاردن الاخباري -
كتب : الدكتور احمد الوكيل - في كل مرة تشهد فيها الساحة الأردنية حدثًا أمنيًا خطيرًا، تعود إلى الواجهة تلك التنظيمات ذات الوجهين، التي طالما ارتدت عباءة الوطنية والدين والمقاومة، لتخفي تحتها أجندات لا علاقة لها لا بالمقاومة، ولا بمصالح الوطن العليا.
فالكشف عن الخلية الإرهابية الأخيرة، والتي أثبتت التحقيقات الأولية ارتباطها بتدريبات تمت خارج الحدود في لبنان، يعيدنا إلى المربع الأول: جماعة الإخوان المسلمين وبعض المكونات المرتبطة بها، ودورها غير المعلن في تقويض استقرار المملكة عبر قنوات تنظيمية مشبوهة، وأفكار مسمومة مغلفة بشعارات دينية ووطنية.
________________________________________
شعارات المقاومة… قناعٌ يُخفي طعنة في الخاصرة
لطالما ادعت الجماعة دعمها لقضية فلسطين، وتغنت بشعارات "تحرير القدس" و"الوقوف مع غزة"، لكن في الواقع العملي، أثبتت الأحداث أن تلك الشعارات لم تكن سوى وسيلة للتجنيد والتحريض، وغطاء لخدمة أجندات خارجية تستهدف الأردن، لا إسرائيل.
من المفارقات أن تأتي أوامر بعض قيادات هذه الجماعة لا من ساحات النضال، بل من عواصم القرار المشبوه، حيث تتحكم أجهزة استخبارات إقليمية بخيوط اللعبة، وتوزع أدوارًا على أذرعها التنظيمية في المنطقة، ومنها الأردن، بهدف إثارة البلبلة، وإرباك الداخل، والضغط على الدولة سياسيًا وأمنيًا.
أين كانت هذه الجماعة حين كانت غزة تُقصف وتُحاصر فعلًا؟ أين دعمهم الحقيقي للمقاومة؟ هل عبر اللافتات والمظاهرات التي تعطل الحياة العامة في عمان والسلط وإربد؟ أم عبر بيانات رنانة تُوزع بالتوازي مع تعليمات تصل عبر تطبيقات مشفرة من جهات خارجية؟
عقلية التنظيم… لا علاقة لها بالوطن
من يراقب خطاب الجماعة في الداخل يلحظ بوضوح تحولًا خطيرًا: من نهج المشاركة إلى عقلية الاستهداف، من الإصلاح السياسي إلى التحريض الشعبي، من الدعوة إلى التغيير عبر المؤسسات إلى تبني أدبيات التحدي والصدام.
بل إن بعض مكوناتها باتت تتبنى مفردات إعلامية تُستخدم عادة في خطابات الميليشيات الخارجة عن القانون، فمرة يتم تهديد الدولة بـ"غضب الجماهير"، وأخرى يجري الحديث عن "انفجار شعبي وشيك"، وكأن الجماعة نصّبت نفسها وصية على الأردنيين، وحاملة لتفويض شعبي لا يملك أحد حق مساءلتها عليه.
حملات من الخارج وتوجيه من الغرف المغلقة
يبدو أن بعض مكونات الجماعة في الأردن لم تغادر أبدًا مرجعياتها الفكرية والتنظيمية المرتبطة بمركز القرار الإخواني في الخارج، وتحديدًا في تركيا ولبنان. فكلما أُغلقت نافذة تدخل، فتحت الجماعة بابًا جديدًا؛ إعلاميًا أو تنظيميًا أو تمويليًا، والهدف واحد: إبقاء الأردن في حالة صراع مع ذاته، وتشويه صورة الدولة، وبث مشاعر الاحتقان لدى الشارع.
هذا النمط من "الحرب الرمادية" التي تخوضها الجماعة لا يختلف في خطورته عن المخططات الإرهابية المادية، بل إنه أكثر خبثًا، لأنه يعمل على إضعاف الجبهة الداخلية من الداخل، ويزرع الشك في مؤسسات الدولة، ويفكك الثقة بين المواطن والدولة.
المظاهرات المُسيسة… أداة لابتزاز الدولة
ليس جديدًا على الجماعة أن تُلوّح بالميدان كلما اصطدمت مشاريعها بجدار الدولة. تتحرك تحت شعارات غامضة، تُجنّد الشباب في الجامعات، تستغل المناسبات الدينية والوطنية، وتدفع باتجاه التصعيد، وكل ذلك يُسوّق تحت عنوان "دعم القضية الفلسطينية"، رغم أن أول من يتضرر من تلك الفوضى هو الأردن نفسه، الذي احتضن القضية لعقود، وفتح حدوده لأشقائه في أحلك الظروف.
هنا لا بد من السؤال: كيف لجماعة تدّعي نصرة فلسطين أن تعمل على زعزعة أمن البلد الأقرب جغرافيًا وسياسيًا وإنسانيًا لغزة والقدس؟ أي دعم هذا الذي يتجلى في تفكيك الداخل الأردني بدل توحيده؟ وأي مقاومة تلك التي تتقاطع مع جهات لا تكنّ للأردن وشعبه إلا الحقد والتربص؟
كلمة لا بد منها: الدولة أقوى من كل المؤامرات
إن الأحداث الأخيرة، ومن ضمنها تفكيك الخلية الإرهابية وتزايد المؤشرات حول ارتباطها بجهات تنظيمية تابعة أو قريبة من جماعة الإخوان، تؤكد أن المواجهة ليست فقط أمنية، بل فكرية أيضًا.
هي مواجهة بين مشروع الدولة المدنية، المستند إلى الدستور والمؤسسات، وبين مشروع شمولي، يتخفى بالدين، ويؤمن بالتنظيم السري، ويتغذى على الفوضى وتفكك المجتمعات.
وقد أثبتت الدولة الأردنية، بجيشها وأجهزتها الأمنية، أنها يقظة، وأنها قادرة على ضرب كل من تسول له نفسه المساس بأمن الأردن واستقراره. لكنها بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وعي مجتمعي يميز بين من يرفع شعارات كاذبة، ومن يعمل في الخفاء على تقويض السلم الأهلي.
خاتمة: لا مكان للخيانة تحت أي عباءة
الأردنيون اليوم أكثر وعيًا من أي وقت مضى، وقد أثبتوا في كل المحطات الحساسة أنهم لا ينخدعون بالشعارات، ولا يسمحون لأي طرف بأن يحوّل وطنهم إلى ساحة للفوضى.
من يتآمر على الأردن، من أي جهة كان، هو خصم للأردنيين جميعًا، حتى لو لفّ نفسه برايات المقاومة أو لبس عباءة الدين. فالأردن كان وسيبقى أقوى من كل المؤامرات، ما دام شعبه موحدًا خلف قيادته، وجيشه وأجهزته الأمنية عين الوطن التي لا تنام.