محاكاة التجربة السعودية لدعم ريادة الأعمال
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
تراجع الفائدة على قروض الرهن العقاري في الولايات المتحدةيُعد الأردن من الدول العربية الرائدة في مجال ريادة الأعمال والابتكار، بفضل موارده البشرية المتميزة وشبابه الطموح، حيث يحتل الأردن المرتبة 73 من ضمن 133 اقتصاداً مدرجاً في مؤشر الابتكار العالمي Global Innovation Index لعام 2024، مع نمو بنسبة 25% في عدد الشركات الناشئة بين عامي 2020 و2024، ومع ذلك لا تزال البيئة الريادية بحاجة إلى تطوير، وفي هذا السياق تبرز أهمية الاستفادة من التجارب الناجحة في المنطقة، وعلى رأسها التجربة السعودية في بناء منظومة متكاملة لدعم رواد الأعمال.
شهدت المملكة العربية السعودية تحولاً ملحوظاً في بيئة ريادة الأعمال، حيث احتلت المرتبة 47 في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024، وقد نجحت السعودية بتطوير منظومة شاملة قائمة على ثلاثة محاور رئيسية وهي التمويل وتطوير المهارات والدعم الحكومي، ففي مجال التمويل ساعدت مبادرات مثل "صندوق ساب فنتشرز" في تسريع نمو الشركات التقنية، وعلى صعيد تطوير المهارات برزت برامج مثل قدوة-Tech التي تقدم تدريباً متخصصاً للشباب، أما في الدعم الحكومي فقد أسهمت برامج مثل رخصة العمل الحر في تسهيل تأسيس وتشغيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، هذه المحاور تتكامل مع بيئة ريادية تشمل تمويلاً، ودعماً للأفكار، ونمواً تشغيلياً، وتنظيماً حكومياً، وتعزيزاً للثقافة الريادية، مما يعكس نجاح السعودية في خلق منظومة متكاملة لدعم الابتكار والنمو.
ورغم الفرص المتاحة أمام الأردن للاستفادة من النموذج السعودي، هناك تحديات ملحوظة بحاجة إلى معالجة، ومن أبرز هذه التحديات مثل محدودية مصادر التمويل، ونقص البرامج المتخصصة في تطوير المهارات، والحاجة إلى المزيد من التنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة لدعم الابتكار، مما يتطلب توفير منظومة متكاملة للتمويل عبر إنشاء صناديق استثمار وطنية متخصصة لتمويل المشاريع الريادية، واستقطاب المستثمرين المحافظين وصناديق رأس المال الجريء المحلي والإقليمي، وإنشاء مزيد من الحاضنات والمسرعات المنتشرة جغرافياً خارج عمان الكبرى لتشمل المحافظات، مع التركيز على القطاعات التكنولوجية والصناعات الإبداعية، ومثال على ذلك في دول المنطقة، نجحت الإمارات في إنشاء "مسرعات الأعمال" مثل "برنامج 500 Startups"، بينما أسهمت البحرين في تطوير بيئة ريادية عبر مبادرة "Bahrain FinTech Bay"، ما أدى الى زيادة تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر الى هذه الدول في السنوات الأخيرة، ويمكن للأردن تكييف هذه المبادرات من خلال تخصيص مسرعات لدعم قطاعات التكنولوجيا الخضراء والابتكار الصناعي في المحافظات.
علاوة على ذلك يمكن للأردن الاستثمار في بناء القدرات البشرية من خلال إطلاق برامج وطنية لتطوير المهارات الريادية، تشمل التدريب على التفكير الابتكاري، والإدارة المالية، واستراتيجيات التوسع، والتعامل مع الأسواق العالمية، مستوحاة من مبادرات مثل"Qimam Fellowship" السعودية، ودعم التغطية الإعلامية والإعلام الريادي بايجاد منصات إعلامية متخصصة على غرار ما تقوم به منصات مثل "رؤية السعودية 2030" الإعلامية لنشر قصص نجاح الشركات الناشئة الأردنية وتحفيز ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب لتشجيع الاستثمار في هذا المجال.
لدى الأردن مبادرات محلية واعدة مثل "برنامج الشركات الناشئة" المدعوم من البنك المركزي، لكنها تحتاج إلى تعزيز واستدامة وتوسيع نطاقها لتصل إلى جميع المحافظات، مع الاهتمام بالقطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا الخضراء والصناعات الإبداعية. اضافة الى ذلك، يحتاج الأردن الى إنشاء خريطة وطنية لريادة الأعمال، مشابهة للخريطة السعودية، ليس فقط بانشاء منصة رقمية تتيح بيانات الشركات الناشئة، والحاضنات، والمستثمرين، والمبادرات الحكومية والخاصة في كافة أنحاء المملكة، إنما تحديث البيانات والمؤشرات بشكل دوري المتعلقة بنجاح هذه المبادرات كمعدل نمو الشركات الناشئة أو عدد الوظائف التي تم خلقها، لتساعد على تحديد الفرص الاستثمارية، والموارد المتاحة، والمناطق الأكثر نشاطاً في مجال ريادة الأعمال، ونسب النجاح، مما يسهل على رواد الأعمال الوصول إلى الدعم والتمويل والمشورة المتخصصة.
يستطيع الأردن الاستفادة من التجربة السعودية بتكييفها محلياً وتساعده على تكوين رؤية واضحة حول كيفية تحفيز الابتكار في القطاعات الاستراتيجية ليتحول إلى مركز إقليمي للابتكار والتنمية المستدامة، مستفيداً من إمكانياته البشرية والعقول المبدعة التي يمتلكها، ليعود على الأردن بزيادة نسب النمو، وزيادة نسب العمل والتوظيف وتحسين جودة حياة الناس.