حرب الـ12 يوماً: من انتصر ومن تراجع
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
الأردن .. محافظ الزرقاء يوعز بالقبض على معذب قطط ويأمر بتوقيفه شهرارم - أ.د علي النحلة حياصات
إسرائيل كسرت أنياب إيران... لكنها لم تقتلع رأسها
لأول مرة، تنتقل تل أبيب وطهران من المواجهات غير المباشرة عبر الوكلاء، إلى اشتباك عسكري مفتوح، تدخّلت فيه الولايات المتحدة علنًا، وراقبه العالم بكثافة , بينما اختفى اللاعبون العرب تماما من المشهد.
لكن رغم كثافة القصف وحجم الدمار، لم تُسقط الحرب نظامًا، ولم تُشعل الشرق الأوسط، بل انتهت فجأة، كما بدأت. فماذا حدث حقًا؟ ومن خرج منها منتصرًا؟ ومن تلقّى الضربة الأكبر؟
لم يكن الهدف المعلن لتل أبيب هو إسقاط النظام الإيراني، بل ضرب قدرة طهران على الاقتراب من العتبة النووية، وتحجيم ذراعها الصاروخية المتنامية. وبدعم أميركي غير محدود ,لوجستيًا وسياسيًا واستخباراتيًا, استطاعت اسرائيل تحقيق اكثر مما اعلنت: منشآت تخصيب في نطنز وفوردو تعرّضت لتدمير بالغ، مخازن صواريخ ومصانع مسيّرات ومراكز قيادة إلكترونية في أصفهان وكرمان وغيرها سُوّيت بالأرض، شبكات الاتصالات والتحكم المرتبطة بالقوة الإيرانية الدقيقة تفككت جزئيًا، والأهم: اغتيل عدد كبير ومهم من علماء البرنامج النووي والقيادات العسكرية البارزة في الحرس الثوري.
لم يكن ذلك انتصارًا شاملًا، لكنه أصاب قلب البرنامج النووي والصاروخي الإيراني، بل وهيبة النظام الايراني ذاته. وهو ما يُعد "نصرًا تكتيكيًا من العيار الثقيل"، دون الغرق في مستنقع الحرب الشاملة.
بالمقابل، ردّت إيران بأدنى قدر ممكن من القوة. ما فاجأ المراقبين لم يكن الرد بحد ذاته، بل طبيعته المحدودة وحجمه المضبوط. أطلقت طهران بعض الصواريخ والمسيّرات، لكنها لم توسّع رقعة النار، فيما بقيت الأذرع التقليدية من حزب الله إلى الحوثيين صامتة، في قرار يبدو أنه اتُّخذ مركزيًا في طهران , او لحسابات داخلية لكل ذراع.
هكذا، خاضت إيران معركة دفاع استراتيجي، لا مواجهة ردع متكافئة. وخرجت بخسائر حقيقية، لكنها دون انهيار داخلي أو تغيير جوهري في بنيتها السياسية.
في الخلفية، بدت الولايات المتحدة وكأنها العرّاب الصامت للحرب. تدخّلت في الوقت المناسب، دعمت تل أبيب بوسائل الحرب الإلكترونية، وقدّمت غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا كاملاً، وساهمت بفعالية في ضرب قلب البرنامج النووي الإيراني. لكنها لم ترسل جنودًا إلى الميدان، ولم تغرق في الوحل الشرق أوسطي.
واشنطن خرجت من الحرب وهي تعيد تأكيد رسالتها: لا تزال القوة الأهم حين تقرر أن تكون كذلك.
أما الجانب الأكثر إثارة للقلق فكان الغياب الكامل للدور العربي. فالمعركة دارت في قلب الإقليم العربي، وعلى تخوم أمنه القومي، ومع ذلك لم يكن هناك موقف سياسي موحد، ولا مبادرة تهدئة، ولا تأثير مباشر على خطوط النار.
فمن انتصر؟ الاجابة ليست سهلة, لكنها ممكنة : إذا قسنا النصر بتحقيق الأهداف المعلنة، فإن إسرائيل والولايات المتحدة خرجتا بانجاز فعلي: البرنامج النووي الإيراني تراجع، الصواريخ الدقيقة والمسيّرات تلقت ضربة مؤلمة، والمعركة بقيت محصورة، ولم تتدحرج إلى حرب كبرى.
خرجت إيران من الحرب مثقلة بجراح استراتيجية، لكنها لم تُهزم ولم تُجرد من قدرتها على المناورة، فيما ظل العرب خارج مشهد الفعل، في لحظة إقليمية كانت تتطلب حضورًا لا مراقبة. الحرب لم تُنهِ الصراع، بل أعادت ترسيم خطوطه: إسرائيل تضرب استباقيًا، إيران تعيد التسلح في الظل، وأميركا تتدخل حين ترى أن التوازن مهدد. أما النظام العربي، فإن استمراره في موقع المتفرج سيجعله هدفًا لا لاعبًا، وجغرافيته مفتوحة لقرارات تُتخذ باسمه لا بمشاركته.