كيف تنتقل من دور الضحية إلى استعادة الذات
klyoum.com
السوسنة - عند التعرّض للأذى العاطفي، خاصة من أشخاص وضعنا ثقتنا فيهم، يتسرّب اللوم إلينا تلقائيًا. نلوم من جرحنا، نلوم أنفسنا، نلوم الظروف. ورغم أن اللوم قد يمنحنا وهم السيطرة، إلا أنه في الحقيقة يُبقينا عالقين في الماضي.
التمكين، على عكس ذلك، لا يحتاج إلى تبرير أو انتقام. هو فعل داخلي يعيدنا إلى الحاضر، حيث يمكننا استعادة القرار. إنه لا ينكر الألم، بل يحوّله إلى دافع للتقدّم. عندما نُمعن في اللوم، فإننا نُعيد سرد القصص ذاتها التي تُثبّتنا عند لحظة الانكسار، بينما التمكين يفتح أمامنا نافذة لإعادة بناء المعنى، وتحديد المسار من جديد.
الغضب الناتج عن اللوم قد يمنح شعورًا مؤقتًا بالقوة، لكنه لا يلبث أن يتحول إلى شعور عميق بالحزن والخذلان. كثيرون يرفضون فكرة الشفاء لأنهم يعتبرونه “تنازلاً” أو “تبرئة” لمن تسببوا بالألم. لكن هذا التفكير يُبقي الشخص سجينًا في دور الضحية، غير قادر على التحرر.
لبناء هوية تتجاوز الألم، لا بد من تبنّي ما يُعرف بـ”هوية الشفاء”؛ وهي هوية تنبع من المرونة والرغبة في التغيير، دون إنكار أو تهرّب من ما حدث. صاحب هذه الهوية يرى الذكريات المؤلمة كمعلّمات لا كسجون، ويتعامل معها كعلامات تحذير لا كأعذار للبقاء عالقًا.
حين نمنح أنفسنا الحق في الشفاء، يتحوّل الألم إلى طاقة واعية تدفعنا لاختيارات جديدة. الذكريات المؤلمة قد تبقى، لكنها تتبدّل في معناها. وما كان جرحًا يُبكينا، يمكن أن يصير لاحقًا لحظة امتنان، حين ندرك ما تعلمناه من الخسارة.
في النهاية، لا يمكن للّوم والتمكين أن يتشاركا المساحة نفسها داخل النفس. الأول يُغذّي الضعف، والثاني يزرع القوة. وكل إنسان يملك القرار: أن يبقى شاهدًا على ألمه، أو أن يصبح صانعًا لتعافيه.
اقرأ ايضاً: