السردية الأردنية: استعادة الوطن من فوضى الروايات
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
أمي منعتني من جنازة والدي.. أسماء جلال تلجأ للقضاء بسبب تصريحات عائليةلا تعود السردية الأردنية إلى مجرد محاولة لإعادة صياغة قصة وطن بل إلى حاجة داخلية لإعادة ترتيب الذاكرة الجمعية بعد أن امتلأت العقود الماضية بتأويلات كثيرة، بعضها وُلِد من التحولات الإقليمية وبعضها من أسئلة الهوية التي لم تجد دائماً جواباً واضحاً. السردية هنا ليست رداً على أحد ولا محاولة لافتعال بطولة بل فعل وعي يضع الأردني أمام صورته من دون رتوش.
الأردن بطبيعته بلد تشكل على مراحل وكل مرحلة خلّفت أثرها في الشخصية الوطنية. من بناء الدولة الحديثة إلى استيعاب موجات اللجوء المتتالية إلى التوازن السياسي الذي حافظ على استقرارٍ ندر مثله في المنطقة، هذه العناصر لم تكن مجرد أحداث تاريخية بل أصبحت جزءاً من "الهوية العملية" التي يتعامل الأردني معها دون أن يسميها. فالهوية الأردنية ليست شعاراً يُرفع بل طريقة في الحياة: اعتدال، واقعية، ميل للحلول الوسط، وتلك السمة التي لا تخطئها العين... حسّ المسؤولية الجماعي الذي يجعل الناس يتجاوزون خلافاتهم عندما يتعلق الأمر بالوطن.
السردية الأردنية، بهذا المعنى ليست بحثاً عن بطل خارق ولا محاولة لبناء خطاب موسمي إنها إعادة ترتيب للمشهد كي لا تُسرق حكاية المكان، وكي لا تُروى من خارج سياقها. فالتحديات التي واجهها الأردن لم تكن صغيرة، لكن الكبار الذين قادوا الدولة واجهوا هذه التحديات ببراغماتية تحولت مع الوقت إلى جزء من الشخصية العامة.
من هنا يمكن فهم اهتمام سمو ولي العهد الأمير الحسين بهذا المفهوم ، فهو يدرك بحكم موقعه واحتكاكه العميق بالجيل الجديدأن العالم تغيّر وأن الدول التي لا تمتلك روايتها الخاصة تصبح مادة لخطابات الآخرين. والأمير في كل ظهور له يتحدث لغة تتقاطع مع جوهر السردية: احترام التاريخ دون تقديسه، والانفتاح على المستقبل دون الارتهان لوعوده الوردية، هو يدرك أن الهوية ليست قالباً مغلقاً ، بل مشروع وعيٍ يحتاج إلى تحديث مستمر، وإلى شباب يعرفون لماذا يحملون هذه الهوية لا كيف يرددونها فقط.
إن أهمية السردية الأردنية اليوم تتجاوز السياسة والثقافة فهي محاولة لاستعادة التوازن بين الصورة التي نعرفها عن أنفسنا، والصورة التي تُرسم لنا من الخارج، وبين الانتماء الذي نحمله فطرة، والانتماء الذي نصنعه فهماً. إنها باختصار رواية وطن يريد أن يقول للعالم هذه حكايتنا كما نراها نحن لا كما يكتبها الآخرون.