اخبار الاردن

وكالة مدار الساعة الإخبارية

سياسة

حدادين يكتب: الفراغ الفكري والخطأ الاستراتيجي في إقحام أيديولوجيات داخل الشارع الأردني

حدادين يكتب: الفراغ الفكري والخطأ الاستراتيجي في إقحام أيديولوجيات داخل الشارع الأردني

klyoum.com

منذ انطلاقها، ارتكزت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على بنية فكرية تمزج بين العقيدة الدينية والعمل المقاوم، محاولةً توسيع نفوذها داخل وخارج الأراضي الفلسطينية. لكن هذه البنية، التي لم تواكب التحولات المعقدة في الإقليم، كشفت عن فراغ فكري يتجلى بوضوح في محاولات الحركة فرض أيديولوجيتها على ساحات لا تنتمي إلى بيئتها، مثل الأردن. ورغم الرمزية العالية للقضية الفلسطينية في الوجدان الأردني، فإن محاولة حماس لاستثمار هذه الرمزية في سياق تعبوي وسياسي داخل الأردن تُعد خطأً استراتيجياً في التقدير، وربما نذير أزمة أعمق تعاني منها الحركة. "الفراغ الفكري" لا يعني غياب المشروع، بل يشير إلى انسداد في الأفق، وعجز عن إنتاج رؤية قابلة للتطور. فخطاب "حماس" ظل أسير شعارات لم تعد تقنع الجمهور العربي، خصوصاً في بيئات مثل الأردن، حيث يملك الشارع وعياً سياسياً حاداً، ويُحسن قراءة مآلات الخطابات العابرة للحدود. الحركة تستنسخ مفرداتها من سياق غزة، وتُلقي بها في بيئة سياسية معقدة كالأردن، وكأنها لا ترى اختلاف المعطيات والظروف.محاولة "حماس" إقحام خطابها داخل الشارع الأردني تتجاهل حقيقة أن الأردن ليس دولة رخوة، بل كيان سياسي متماسك، يقوم على شبكة مصالح إقليمية ودولية، وتوازنات دقيقة في بنيته الداخلية. ومهما بلغت سخونة المشهد الإقليمي، فإن الدولة الأردنية، تاريخياً، لطالما وضعت استقرارها الداخلي فوق أي اعتبارات أيديولوجية، وهو ما يجعل رهانات "حماس" على تعبئة الشارع لفرض مراجعة في الموقف الرسمي ضرباً من الوهم.تعتمد "حماس" على ما يمكن تسميته بـ"سيكولوجيا الجماهير"، محاولةً تحريك العاطفة العامة عبر استحضار الرموز والقصص الملهمة والمظلومية التاريخية. غير أن هذا الأسلوب، وإن كان مجدياً في لحظات الانفعال، سرعان ما يفقد زخمه في مجتمعات ناضجة سياسياً، تخضع لتقديرات عقلانية أكثر من استجابات عاطفية. الأردن نموذج صارخ لهذا النوع من المجتمعات، حيث الجمهور لا ينجر وراء الشعارات بقدر ما يزنها بميزان المصالح الوطنية.يبدو أن جزءاً من مشروع "حماس" يقوم على فرضية أن ضغط الشارع يمكن أن يُحدث تغييرات في سياسة الدولة الأردنية تجاهها. وهذه فرضية تنم عن سوء فهم عميق لبنية النظام السياسي الأردني، الذي بُني على فكرة الدولة المستقرة، صاحبة القرار المستقل، والمحكومة بإدراك واضح لتوازنات الداخل والخارج. من هنا، فإن المراهنة على أن أحداث غزة، مهما كانت مأساويتها، يمكن أن تفرض تحولاً في الموقف الأردني تجاه "حماس"، هو استثمار في الفراغ أكثر من كونه قراءة استراتيجية.إن خروج "حماس" من مأزقها لن يتحقق بمحاولات التمدد إلى دول الجوار أو الرهان على تعبئة عاطفية مؤقتة، بل يتطلب مراجعة فكرية حقيقية تعيد ترتيب أولوياتها، وتفصل بين الوطني والديني، وبين الأيديولوجي والواقعي. أما الأردن، فسيظل عصياً على الإخضاع، محكوماً بمؤسساته، ويقظته السياسية، وصلابة وعيه الشعبي، الذي بات يدرك أن القضية الفلسطينية لا تعني بالضرورة احتضان حركات تستثمر فيها أكثر مما تضحي من أجلها.

منذ انطلاقها، ارتكزت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على بنية فكرية تمزج بين العقيدة الدينية والعمل المقاوم، محاولةً توسيع نفوذها داخل وخارج الأراضي الفلسطينية. لكن هذه البنية، التي لم تواكب التحولات المعقدة في الإقليم، كشفت عن فراغ فكري يتجلى بوضوح في محاولات الحركة فرض أيديولوجيتها على ساحات لا تنتمي إلى بيئتها، مثل الأردن. ورغم الرمزية العالية للقضية الفلسطينية في الوجدان الأردني، فإن محاولة حماس لاستثمار هذه الرمزية في سياق تعبوي وسياسي داخل الأردن تُعد خطأً استراتيجياً في التقدير، وربما نذير أزمة أعمق تعاني منها الحركة.

"الفراغ الفكري" لا يعني غياب المشروع، بل يشير إلى انسداد في الأفق، وعجز عن إنتاج رؤية قابلة للتطور. فخطاب "حماس" ظل أسير شعارات لم تعد تقنع الجمهور العربي، خصوصاً في بيئات مثل الأردن، حيث يملك الشارع وعياً سياسياً حاداً، ويُحسن قراءة مآلات الخطابات العابرة للحدود. الحركة تستنسخ مفرداتها من سياق غزة، وتُلقي بها في بيئة سياسية معقدة كالأردن، وكأنها لا ترى اختلاف المعطيات والظروف.

محاولة "حماس" إقحام خطابها داخل الشارع الأردني تتجاهل حقيقة أن الأردن ليس دولة رخوة، بل كيان سياسي متماسك، يقوم على شبكة مصالح إقليمية ودولية، وتوازنات دقيقة في بنيته الداخلية. ومهما بلغت سخونة المشهد الإقليمي، فإن الدولة الأردنية، تاريخياً، لطالما وضعت استقرارها الداخلي فوق أي اعتبارات أيديولوجية، وهو ما يجعل رهانات "حماس" على تعبئة الشارع لفرض مراجعة في الموقف الرسمي ضرباً من الوهم.

تعتمد "حماس" على ما يمكن تسميته بـ"سيكولوجيا الجماهير"، محاولةً تحريك العاطفة العامة عبر استحضار الرموز والقصص الملهمة والمظلومية التاريخية. غير أن هذا الأسلوب، وإن كان مجدياً في لحظات الانفعال، سرعان ما يفقد زخمه في مجتمعات ناضجة سياسياً، تخضع لتقديرات عقلانية أكثر من استجابات عاطفية. الأردن نموذج صارخ لهذا النوع من المجتمعات، حيث الجمهور لا ينجر وراء الشعارات بقدر ما يزنها بميزان المصالح الوطنية.

يبدو أن جزءاً من مشروع "حماس" يقوم على فرضية أن ضغط الشارع يمكن أن يُحدث تغييرات في سياسة الدولة الأردنية تجاهها. وهذه فرضية تنم عن سوء فهم عميق لبنية النظام السياسي الأردني، الذي بُني على فكرة الدولة المستقرة، صاحبة القرار المستقل، والمحكومة بإدراك واضح لتوازنات الداخل والخارج. من هنا، فإن المراهنة على أن أحداث غزة، مهما كانت مأساويتها، يمكن أن تفرض تحولاً في الموقف الأردني تجاه "حماس"، هو استثمار في الفراغ أكثر من كونه قراءة استراتيجية.

إن خروج "حماس" من مأزقها لن يتحقق بمحاولات التمدد إلى دول الجوار أو الرهان على تعبئة عاطفية مؤقتة، بل يتطلب مراجعة فكرية حقيقية تعيد ترتيب أولوياتها، وتفصل بين الوطني والديني، وبين الأيديولوجي والواقعي. أما الأردن، فسيظل عصياً على الإخضاع، محكوماً بمؤسساته، ويقظته السياسية، وصلابة وعيه الشعبي، الذي بات يدرك أن القضية الفلسطينية لا تعني بالضرورة احتضان حركات تستثمر فيها أكثر مما تضحي من أجلها.

*المصدر: وكالة مدار الساعة الإخبارية | alsaa.net
اخبار الاردن على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com