أمطار اصطناعية في الهند .. حيلة "مكلفة" لم تقنع الخبراء
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
الحرارة أعلى من معدلاتها بـ 7 درجات الجمعةتشكل تجربة الأمطار الاصطناعية التي أجريت مؤخرا في العاصمة الهندية نيودلهي أحدث محاولة في سجل طويل من المبادرات التي يوصف بعضها بأنه "غريب"، هدفها التخفيف من وطأة الضباب الدخاني السام.
ورغم إيمان السلطات بهذه الخطوة، إلا أنها لم تلق تأييدا يذكر من الخبراء والناشطين البيئيين، الذين يرون فيها مجرد "عرض مكلف" لتجاهل الأسباب الجذرية للأزمة.
تلقيح السحب.. فشل أول يكلف 310 آلاف يورو
بعد تأخير استمر طويلا، انطلقت التجارب الأولى لما يسميه المتخصصون "تلقيح السحب" فوق المدينة الضخمة التي تحتضن نحو 30 مليون نسمة.
وقد نفذت العملية باستخدام طائرة صغيرة، حيث تقتضي هذه التقنية رش السحب بمادة كيميائية، مثل يوديد الفضة، بهدف توليد أمطار تعمل على تنظيف الهواء من الجسيمات السامة العالقة.
لكن الاختبارات الأولية، التي دعمتها السلطات في العاصمة وتمت تحت إشراف علماء من المعهد الهندي للتكنولوجيا في كانبور، لم تأت بنتائج مرضية. أشار العلماء إلى أن أسباب الفشل كانت مناخية بالدرجة الأولى، موضحين أن "الغطاء السحابي كان غير كاف"، إضافة إلى أن "مستويات الرطوبة كانت منخفضة جدا لتحدث أمطارا غزيرة".
على الرغم من إخفاق التجربة الأولى، لم يثن ذلك المسؤول عن حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي في نيودلهي، فيريندرا ساشديفا، عن مواصلة المشروع. وقال في تصريح صحافي إن "النجاح لا يتحقق دائما من المحاولة الأولى".
وبحسب وسائل إعلام محلية، أنفقت البلدية على هذه التجارب ما يزيد عن 310 آلاف يورو.
أزمة التلوث.. القضاء على المصادر هو الحل
يغطي أكبر مدينة في الهند ضباب دخاني سام، ينجم عن المصانع وحركة السيارات، ويتفاقم الوضع كل شتاء جراء الدخان الناجم من حرق النفايات الزراعية في الأراضي المحيطة.
والخميس الماضي، ارتفعت مستويات الجزيئات العالقة الملوثة "بي إم 2,5" (PM2.5) — وهي جسيمات دقيقة خطرة تدخل مجرى الدم — إلى مستويات تجاوزت عشرين مرة الحد الأقصى اليومي الذي توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوزه.
في المقابل، تشير الإحصائيات الصحية إلى أن الثمن البشري لهذه الأزمة باهظ، إذ أشارت دراسة نشرت العام الفائت في مجلة "ذي لانسيت" الطبية إلى أن 3,8 ملايين هندي قضوا بسبب تلوث الهواء بين عامي 2009 و2019.
ولم تقتنع الناشطة البيئية بهافرين كاندهاري بجدوى استخدام طائرات صغيرة في هذه المعركة. وتقول كاندهاري إن "عددا محدودا من العمليات بطائرة سيسنا لن يغير شيئا"، وتشدد على أن "لن نتمكن من السيطرة على تلوث الهواء إلا بالقضاء على مصادره".
حتى لو نجحت عملية تلقيح الغيوم في نهاية المطاف في إنزال مطر غزير، فإن موهان جورج من مركز العلوم والبيئة في نيودلهي يحذر من أن آثارها ستكون "قصيرة الأمد فقط".
ويؤكد: "ترتفع مستويات التلوث فور توقف المطر تقريبا. وسبق أن لاحظنا هذه الظاهرة خلال موسم الرياح الموسمية".
"سوء تطبيق العلم وتجاهل الأخلاق"
في السنوات الأخيرة، أظهرت الهند محاولات لا حدود لها في جهودها للحد من التلوث، حيث لجأت إلى "إجراءات مكلفة أكثر من كونها فعالة"، بدأتها بطائرات الرش المسيرة وصولا إلى أبراج نشر الهواء المصفى.
ويأتي الانتقاد الأشد لتقنية تلقيح الغيوم، التي ابتكرت في أربعينات القرن الماضي واستخدمت بنتائج متباينة، من الأوساط الأكاديمية نفسها.
يرى عالمان من المعهد الهندي للتكنولوجيا في نيودلهي، وهما شهزاد غاني وكريشنا أتشوتاراو، في هذه التقنية مجرد "حيلة جديدة".
وكتب العالمان في صحيفة "ذي هندو" أن التجربة هي "مثال واضح على سوء تطبيق العلم وتجاهل الأخلاق".
وأوضحا أن أسباب التلوث في نيودلهي معروفة جيدا، وكذلك حلول الحد منه، مثل "استخدام وقود أنظف، وإدارة أفضل للنفايات، وتطبيق أكثر صرامة لقوانين مكافحة التلوث".
ومع ذلك، يرى العالمان أن بعض الفاعلين في الأوساط العلمية، من باحثين ومستشارين ومؤسسات، "يمنحون مصداقيتهم لعرض مكلف لن يعالج السبب الجذري للمشكلة".