اخبار الاردن

زاد الاردن الاخباري

سياسة

توازنات جديدة.. “النواب” أمام اختبار استعادة الثقة

توازنات جديدة.. “النواب” أمام اختبار استعادة الثقة

klyoum.com

زاد الاردن الاخباري -

فيما افتُتحت الأحد الماضي أعمال الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين بخطبة العرش السامي، بدا واضحا ومنذ اللحظات الأولى، أن المجلس أمام اختبار حقيقي لجدية دوره وقدرته على مرافقة التحولات الوطنية الكبرى، ليس عبر مناقشة القوانين وتمريرها فحسب، وإنما من خلال رقابته على أداء الحكومة بما يضمن التقدم نحو الأهداف المرسومة دون تباطؤ أو تعثر.

وعزز هذا الاختبار ما ورد في خطاب العرش، إذ وضع من خلاله جلالة الملك عبد الله الثاني ملامح مرحلة جديدة ترتكز بوضوح على استكمال برامج التحديث الثلاثية؛ السياسي والاقتصادي والإداري، وفتح الطريق أمام مشاريع كبرى تسهم في تحفيز النمو وجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل ورفع مستويات المعيشة للمواطنين.

وفي حين تضمنت خطبة العرش رسائل واضحة ومباشرة؛ حملت أروقة المجلس مع بدء الدورة الجديدة جملة من التحولات الداخلية، كان أبرزها التفاهمات المتعلقة بتوزيع مواقع المكتب الدائم بين الكتل النيابية.

تلك التوافقات التي استثنت كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي، جاءت لتعكس واقعاً سياسياً متحركاً وتوازنات جديدة داخل المجلس، حيث أسفرت عن تغيير شامل في تركيبة المكتب الدائم، فلم يبق أي من أعضاء المكتب السابق في عضوية المكتب الدائم، وهذا يؤشر إلى رغبة واضحة لدى النواب في تجديد القيادة وإعادة بناء إدارة المجلس على أسس مختلفة قد تحمل معها تطلعات لرفع مستوى الأداء وتفعيل الدور التشريعي والرقابي.

تفاهمات وتحالفات

وأفضت التفاهمات النيابية التي حصلت إلى تسمية كل من مازن القاضي، عضو كتلة الميثاق، رئيسا للمجلس بالتزكية، والنائب خميس عطية عضو كتلة مبادرة نائبا أول للرئيس عن طريق الانتخاب، حيث نافسه النائب آية الله فريحات، وهو أحد النائبين المستقلين في المجلس؛ أما موقع النائب الثاني فحصلت عليه كتلة عزم عن طريق النائب إبراهيم الصرايرة بالتزكية.

وحصل الائتلاف الذي يضم الأحزاب الوسطية والحزب الوطني الإسلامي على موقعي المساعدين عن طريق النائبتين هالة الجراح، وميسون قوابعة، ونافسهما على الموقع النائب عن حزب جبهة العمل الإسلامي مالك الطهراوي.

ويشير استبعاد كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي عن المشاركة في التفاهمات التي أفضت إلى توزيع مواقع المكتب الدائم، إلى تموضع جديد للكتلة قد يذهب بها إلى ممارسة أدوار أخرى تحت القبة، إذ إن معادلة توزيع النفوذ البرلماني ربما تنعكس لاحقاً على شكل الاصطفافات خلال مناقشة التشريعات الكبرى، ما يضع الكتل الأخرى أمام اختبار توسيع التحالفات أو إعادة هندسة علاقات القوة داخل المجلس.

وسيكون المكتب الدائم الجديد، والمستند إلى تحالفات مختلفة ورهانات غير تقليدية، أمام مسؤوليات مضاعفة، إذ يُنتظر منه إعادة بناء ثقة الرأي العام بالمؤسسة التشريعية وتحسين إدارة الجلسات، وتعزيز الشفافية في آليات اتخاذ القرار، فضلاً عن قدرته على احتواء التباينات داخل الكتل وتوجيه بوصلة العمل النيابي نحو الأولويات الوطنية، بعيداً عن المناكفات السياسية أو الحسابات الضيقة.

ليس هذا فحسب، بل إن الحقيقة الثابتة أن الأعباء تزداد على المجلس مع تراكم الملفات المؤجلة التي تتطلب معالجة عاجلة خلال الدورة الحالية؛ فالأزمة الاقتصادية وتحديات التشغيل وارتفاع كلف المعيشة ما تزال تتصدر اهتمامات المواطنين، في وقت تتوسع فيه مطالب الشباب بفرص عمل عادلة وبعيدة عن المحسوبية.

كما يواجه المجلس مسؤولية متابعة تنفيذ برامج تحديث القطاع العام والتحول الرقمي وإعادة هيكلة المؤسسات، بما فيها مراقبة أداء الهيئات البديلة لتلك التي تم إلغاؤها، وفي مقدمتها ديوان الخدمة المدنية، والتأكد من أن هذه التغييرات لا تنعكس سلباً على حقوق المواطنين أو جودة الخدمات.

مخاض إقليمي

أيضا؛ فإن الدورة العادية الثانية تأتي في ظل مخاض سياسي غير مستقر على المستوى الإقليمي، وعلى رأسه تصاعد التحديات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، ما يعني أنه سيكون على المجلس أن يوازن بين انشغالاته التشريعية الداخلية ودوره الوطني والعربي في التعبير عن مواقف الأردن الثابتة، والدفاع عن مصالحه الإستراتيجية، خصوصاً فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه.

في المجمل، فإن الدورة العادية الثانية ستكون محطة فاصلة في تقييم أداء مجلس النواب وقدرته على أن يكون شريكاً فاعلاً في صنع التحولات التي دعا إليها جلالة الملك، فالوعود التي ترافق كل دورة لم تعد كافية لإقناع الشارع بجدوى العملية التشريعية، ما لم تُترجم إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في واقعه المعيشي وفرصه الاقتصادية ومستوى خدمته العامة.

من هنا، فإن التحدي الأكبر أمام النواب يتمثل في تجاوز إطار الشعارات نحو منهج عمل منظم، يقوم على الإنجاز التشريعي والرقابي، وبناء جسور الثقة مع الشارع الذي ينتظر أداءً نوعياً لا تكراراً للخطاب التقليدي.

ويقف المجلس أمام فرصة لإعادة تعريف دوره وتثبيت حضوره في معادلة الدولة، مستنداً إلى إرادة ملكية واضحة تدفع باتجاه التحديث وتعزيز سيادة القانون والارتقاء بالمصلحة الوطنية، ويبقى السؤال المفتوح؛ هل يمتلك مجلس النواب بأطيافه كافة القدرة على استثمار هذه الفرصة وتحويلها إلى مرحلة جديدة من العمل البرلماني المنتج؟ أم أننا سنكون أمام دورة أخرى تطغى عليها الحسابات السياسية الضيقة وتغيب عنها النتائج الملموسة؟

سؤال ستحمل الأسابيع المقبلة إجابات أوضح عنه، مع بدء مناقشة الملفات الثقيلة التي وضعت على طاولة السلطة التشريعية.- الغد

*المصدر: زاد الاردن الاخباري | jordanzad.com
اخبار الاردن على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com