اخبار الاردن

صحيفة السوسنة الأردنية

سياسة

تواصل تنظم ندوة حوارية في دارة جميلة حول العلاقة بين الأدب والمكان

تواصل تنظم ندوة حوارية في دارة جميلة حول العلاقة بين الأدب والمكان

klyoum.com

السوسنة - نظمت جمعية تواصل الثقافية، ندوة حول "العلاقة بين الأدب والمكان"، بحضور عدد من الأكاديميين والنقاد والأدباء والفنانين.

جاءت الندوة الحوارية المنوعة ضمن برنامج تواصل الثقافي ومشروع المسار الثقافي "الدارات" في دارة القاصة والأديبة جميلة عمايرة بمقرها في زي/ السلط.

قدم الورقة الرئيسة أستاذ علم الاجتماع الدكتور حلمي ساري بعنوان "المكان: فضاء سردي للإبداع"، لافتا إلى أن المكان يشكّل فضاءً سرديا حيوياً ملهما للإبداع الأدبي والفكري عند الأديب " الحسّاس "، وعند عالم الاجتماع المنتمي إلى المكان، والملتزم بالدفاع عنه وعن أصالة هويته.

وبين د. ساري في الندوة التي قدمه فيها الكاتب مفلح العدوان، أن كل مفردة من مفردات المكان تتحول عند الأديب والسوسيولوجي إلى شخصيات حيّة فاعلة تنبض بالحياة، وإلى دلالات رمزية لا يفهم كنهها إلأ من يربطه بالمكان عروة وثقى.

وقال العدوان: إن هذه الندوة تأتي في سياق المسار الثقافي لجمعية تواصل لتفعيل البرنامج الإبداعي لدارة الأديبة جميلة عمايرة، لما للأمكنة والأبنية التراثية من أثر على منتج الأدباء الإبداعي، حيث تتجلى في سياقاتها المعنوية والنفسية في ما يكتبه الأديب من رواية وقصة وشعر نصوص وجدانية، ليحضر المكان لا بوصفه المادي فقط، بل بحضوره الدلالي والمجازي فيما يبدعه الأديب.

وأضاف العدوانإننا نرى المكان حاضرا بقوة، وفي أدبنا الأردني كانت تباشره في شعر مصطفى وهبي التل الذي كان أكثر من احتفى بالمكان أردنيا وعربيا، وكذلك عند غالب هلسا الذي تحضر مأدبا وماعين كثيرا في كتاباته، والحال عند زياد قاسم في أبناء القلعة والزوبعة وباقي روايته، والقائمة تطول، وفيها دلالة على ما للمكان من أثر في كتابات المبدعين.

وتابع أستاذ علم اجتماع التواصل والإعلام في الندوة التي حضرها عدد من الأكاديميين والنقاد والشعراء والروائيين والناشطين الثقافيين: أن الأديب وعالم الاجتماع ، يرى كل منهما المكان بعين مختلفة عن نظرة العيون الأخرى له ؛ فعدسات عيونهما، مختلفة عن عدسات عيون اللآخرين، حيث يتوقف الأديب وعالم الاجتماع عند هذه المفردات ليعطيها من روحه ونَفَسِه المعنى الذي يضفي عليها دلالة عميقة، ويمنحها بعدا مهما من أبعاد الهوية.

وأشار صاحب كتاب مبادئ علم الاجتماع، إلى أن المكان عند الأديب وعند عالم الاجتماع ، بما فيه من شجر، وحجر، ونهر، وسهل، وعين ماء ....، يصبح ليس مجرد مفردات عادية بلا معنى، بل تراث أمة ، وهوية شعب، مبينا أن هذه المفردات التراثية التي يعج ّ بها المكان في بلاد الشرق، ليست مفردات ميّتة، وإنما تشكل في النص فعل بناءٍ يعيد الحياة إلى مفردات المكان، وفعلُ تثبيت لرمزيتها ، والمحافظة عليه من الزوال والمحو.

وأكد د. ساري أن المكان بهذا المعنى يتجاوز كونه فضاءً مادياً جامدا، خال من المعنى، ليغدو فضاء مشبعا بالدلالات النفسية والاجتماعية والتاريخية والتراثية، يغذّي الذاكرة، ويثيري المخيال والذاكرة، ويسْتَجّرُ منهما نصا إبداعيا خالدا. وهكذا يصبح لكل مفردة من مفردات المكان دلالاتها الرمزية ، ومعناها التاريخي ، وشحنتها العاطفية.

وشدد صاحب كتاب "ثقافة الانترنت ..دراسة في التواصل الاجتماعي"، على خصوصية المكان، و"قدسيته" و " قدسية " ساكنيه، عند الأديب وعند عالم الاجتماع ؛ فهو عندهما ، ذاكرة حيّة ، يبثا فيه الحياة في المكان ، و يجعلانه يتكلم من جديد ،فيصبح ماثلا أمامهما ، وامامنا ، نكاد أن نتلمسه و"نشم رائحته" و"نرى" من عاش فيه.

وأشار إلى أن الأبنية التي نراها في قرانا ومدننا ، ومساجدنا وكنائسنا القديمة التي صلى فيها ألأجداد ، والأماكن المهجورة، هي ليست مجرد أماكن من حجارة جامدة ، بل مرآة للروح التي عاشت فيها: روح الآباء والأعمام والأخوال ، والأجداد ، لافتا أن للمكان بهذا المعنى ، قدرة مذهلة عند بعض الأدباء لاستفزازهم للكتابة الإبداعية .

ولفت صاحب كتاب "صورة العرب في الصحافة البريطانية: دراسة للثابت والمتغير في مجمل الصورة"، على الصلة الوثيقة بين عين الأديب وعين السوسيولوجي الملتزم بقضايا الوطن ، فكلاهما تريا " ما وراء المكان "، بكل ما في هذه " الماورائية " من دلات ورموز ومعاني . وهنا يصبح حفاظهم على المكان هو حفاظ على الهوية ، وحفاظ على التراث ، وحفاظ على التاريخ ، والإنتماء إلى المكان .

فالمكان/ الوطن عند محمود درويش هو : " البيت ، وشجرة التوت ، وقفير النحل ، ورائحة الخبر والسماء الأولى ..." .، وهو ليس سؤالا تجيب عنه وتمضي ، انه حياتك وقضيتك معا ". فليس الوطن هو الأناس الأحياء فوق الأرض ، بل هو أيضا الأموات تحتها .. وتتجلى قدسية المكان في المثل الشعبي، حيث قارب بين تمسك الإنسان الفلسطيني بأرضه، مقابل المحتل الاسرائيلي المتوحش الذي يدمر المكان، و يقول المثل: " اللي مش من ترابه، ما يهمّوا خرابه "

إلى ذلك تحدث د. سالم ساري الذي قارب ما بين "بوح القرى" لمفلح العدوان وعلاقة الأدب بالمكان، حيث يتجلى المكن في النص بطلا".

بينما تناول محمد العامري المكان من زاوية الذاكرة البصرية، وألقت جميلة عمايرة الضوء على ارتباطها بالمكان وتحديدا الشجرة التي تشكل جزءا من حكاية العائلة.

وإشار الكاتب محمد جمال عمرو إلى فكرة الأدب وضرورة التعريف بالمكان للطفل، بينما ذهب يحيى صافي إلى ذكرياته مع المكان ملقيا الضوء على المكان الطارئ والمكان المسروق.

فيما قرأ الشاعران د. راشد عيسى وموسى حوامدة من قديمهم الجديد قصائد جسدت العلاقة بين القصيدة والمكان.

وألقت رئيسة جمعية تواصل، ريما ملحم الضوء على برنامج مسارات التي تتبناها الجمعية والتي تمثل مبادرة للاحتفاء والتعريف بالمبدع في ارتباطه بالمكان، وتأثير المكان وتجلي عناصره في المتون والنصوص التي يكتبها المبدع.

وختمت أن المسارات تمثل جهودا رائعة لتدوين المكان وتوثيقه إيضا بوصفه عنوانا للكتابة، وبطلا للنص، لافتة أن برنامج مسارات الثقافي / الدارات انطلق صيف عام ٢٠٢٥ ليحتضن أدباء مبدعين من الوطن.

*المصدر: صحيفة السوسنة الأردنية | assawsana.com
اخبار الاردن على مدار الساعة