كيف يمكن الحد من تأثير الهواء على قيمة فاتورة المياه؟
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
الفيصلي يهزم البقعة بثلاثية نظيفة ويحافظ على صدارة درع الاتحادزاد الاردن الاخباري -
في إطار سعي وزارة المياه والري لتعزيز الشفافية والتواصل المباشر مع المواطنين، أثار وزير المياه والري م. رائد أبو السعود، مؤخرا، موضوع “احتمالية احتساب الهواء في عدادات المياه” ببعض الحالات، وهو ما يعد خطوة إيجابية نحو الاعتراف بالتحديات الفنية التي قد تواجه شبكات المياه في ظل نظام التزويد المتقطع الذي تعتمده المملكة منذ سنوات.
وتعد الإشارة إلى هذه الإشكالية من قبل الوزير، تأكيدا على نهج الوزارة في التعامل الواضح مع الجمهور، حيث تدرك الوزارة أن بعض ظروف الضخ، خاصة عند الانقطاعات المؤقتة، قد تؤدي إلى دخول الهواء إلى الشبكة، مما قد ينعكس على أداء بعض العدادات الميكانيكية القديمة.
وبينما تعمل وزارة المياه، على توسيع استخدام العدادات الذكية الحديثة التي لا تتأثر بتدفق الهواء وتعطي قراءات دقيقة، تؤكد في الوقت ذاته، أن شبكات المياه مزودة بأنظمة تهوية وتفريغ هواء مدروسة، تسهم بالحد من هذه الظاهرة، مع وجود إجراءات فنية تضمن فحص العدادات التي يشتبه بتأثرها، وإمكانية الاعتراض الرسمي من قبل المواطنين.
وتأتي تصريحات الوزير، بسياق جهود تطوير المنظومة المائية وتحسين الخدمة المقدمة للمشتركين، بخاصة مع تنفيذ خطط استراتيجية لتحديث العدادات، وتقليل الفاقد، وتحسين البنية التحتية، بما ينسجم مع التحديات المائية الصعبة التي يواجهها الأردن، باعتباره من أفقر دول العالم مائيا.
وتؤكد الوزارة أن كل حالة اعتراض يتم التعامل معها بجدية، عبر مراجعة الفواتير ومقارنة معدلات الاستهلاك السابقة، والفحص الفني الميداني للعدادات، بما يضمن حقوق المواطنين، ويعزز العدالة في تقديم الخدمة.
التحديات المائية لا تقتصر على الجانب التقني
وفي رده على الجدل المثار، يؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه والري عمر سلامة، في تصريحات صحفية، أن شبكات المياه مزودة فعليا بهوايات رئيسية لتفريغ الهواء، مشيرا إلى أن العدادات الحديثة لا تحتسب الهواء “إلا في حال وجود عطل”، كما أن للمشتركين الحق بتقديم اعتراضاتهم عند الشك في دقة القراءة.
وبين أن التحديات المائية في الأردن لا تقتصر على الجانب التقني، بل تشمل كلفة التزويد العالية المرتبطة بضخ المياه لمسافات طويلة وارتفاعات شاهقة، حيث تصل تكلفة ضخ المتر المكعب من مياه الديسي إلى عمان إلى نحو 70 قرشا كمصاريف كهرباء فقط، عدا عن الصيانة والتشغيل، وهو ما ينعكس حتما على واقع الفوترة للمواطن.
وفي بلد يعد من بين الأكثر شحا في المياه عالميا، لا يمكن عزل الجدل المتكرر حول فواتير المياه عن السياق المائي العام في الأردن، والذي يتسم بندرة المصادر، وارتفاع الكلفة التشغيلية، وتزايد الضغوط الديموغرافية والمناخية.
وفيما تسير الوزارة تدريجيا نحو توسيع استخدام العدادات الذكية، التي يمكن قراءتها عن بعد وتتمتع بقدرة أعلى على الدقة، تبقى التحديات مرتبطة أيضا بتمويل هذه التحولات التقنية، وضمان شمولها للمناطق كافة، لا سيما الأطراف والمناطق المرتفعة.
وفي إطار المساعي الهادفة لتعزيز كفاءة إدارة المياه في الأردن، برز مقترح تقني وإجرائي متكامل لمعالجة حالات الشكوى من احتساب “الهواء” ضمن فواتير المياه، بما يؤثر على دقة القراءة وكفاءة العدادات، خاصة في ظل نظام التزويد القائم على الضخ المتقطع.
تقليل فاقد المياه
وفي هذا السياق، أشارت الخبيرة الأردنية في دبلوماسية المياه م. ميسون الزعبي، إلى أن سلطة المياه وشركات المياه بدأت، منذ سنوات، وبعد دراسات مستفيضة، باستبدال العدادات الميكانيكية القديمة بعدادات ذكية، وذلك ضمن الخطة الاستراتيجية لتقليل فاقد المياه، وبدعم من المشاريع الممولة عبر المنح والمساعدات لتحسين البنية التحتية المائية وتقليل الفاقد.
وأكدت الزعبي أن الشركات التي قامت بتركيب العدادات الذكية، أكدت دقة هذه الأجهزة في قياس كميات المياه فقط، من دون احتساب أي كميات هواء تمر عبرها.
وقالت إن هذه العدادات يمكن قراءتها عن بعد، وتخضع لجميع الفحوصات الفنية من قبل مختصين محليين ودوليين، بالإضافة إلى هيئة المواصفات والمقاييس الأردنية، وذلك لضمان مطابقتها للمواصفات والمعايير الوطنية، كما يضمن المصنع جودة هذه العدادات، ويتحمل مسؤولية أي عيوب محتملة.
وأضافت، أن تسرب الهواء إلى شبكة المياه قد يحدث نتيجة انقطاع المياه لفترات طويلة، الأمر الذي يسمح بدخول الهواء إلى الأنابيب عند استعادة الخدمة.
وأوضحت أن النظام الحالي لضخ المياه يعتمد على الضخ المتقطع، ما يسهم ببقاء الهواء داخل الأنابيب عند عودة المياه، مشيرة إلى أن انخفاض ضغط المياه قد يكون ناتجا عن أعطال بالشبكة أو أعمال صيانة أو تسريبات في الأنابيب، وكلها عوامل تهيئ الظروف لتسرب الهواء للنظام، مضيفة أنه حتى التسريبات البسيطة قد تكون كافية لدخول الهواء والتسبب في دوران عداد المياه.
وأكدت أنه لمعالجة مشكلة “عدّ الهواء” في عداد المياه، يمكن لشركة المياه تركيب صمام محكم الإغلاق (فتحة تهوية) قبل العداد، إضافة للقيام بإخراج الهواء يدويا من الأنابيب عبر فتح الصنابير بعد إغلاق المياه، موضحة أنه من الضروري التأكد من أن شبكة المياه المنزلية للمستهلك في حالة جيدة، للكشف عن أي تسريبات قد تؤثر على أداء العداد.
وشددت على أهمية قيام المشتركين بالتواصل مع شركة المياه في حال ملاحظة أي قراءات غير طبيعية للعداد أو تكرار الشكاوى المتعلقة بالفواتير، إذ قد يستدعي الأمر فحص العداد أو الشبكة لتحديد موطن الخلل ومعالجته.
وبينت أن وجود الهواء في الشبكة يؤثر بشكل خاص على العدادات الميكانيكية، فيما تعمل العدادات الذكية بكفاءة أكبر مع تحسن نظام التزويد المائي، خاصة في المناطق التي تم تركيبها فيها، مؤكدة أن الفرق الجوهري بين النوعين يتمثل في أن العداد الميكانيكي يعتمد على حركة الأجزاء الداخلية لتسجيل تدفق المياه، بينما العداد الذكي يستخدم تقنيات إلكترونية متقدمة، مثل القراءة عن بعد أو نظام الدفع المسبق، ما يوفر دقة أعلى في القياس، إلى جانب مزايا إضافية مثل التسجيل الإلكتروني والتحكم عن بعد.
وأضافت، أن العدادات الذكية مصممة لقراءة وحساب مرور السوائل فقط، ولا تقوم بحساب أي كمية من الغازات، بما في ذلك الهواء، مشيرة إلى أن هذه العدادات لا تحتوي على أجزاء ميكانيكية تتأثر بمرور الهواء، وبالتالي فهي لا تسجل أو تقيس الهواء بأي شكل من الأشكال.
توسيع استخدام العدادات الذكية
من جانبه، أكد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري م. إياد الدحيات، أهمية القيام بتوسيع استخدام العدادات الذكية التي تم البدء بتركيبها جزئيا في العاصمة، مع إتاحة خدمة قراءة العداد ذاتيا من قبل المشترك، وإرسال الاستهلاك إلكترونيا إلى شركة المياه عبر تطبيق مماثل لتطبيقات قراءة عداد الكهرباء، بما يعزز الثقة والمسؤولية المشتركة بين مزود الخدمة والمواطن.
وفيما يتعلق بالتوصيات الفنية التي يمكن للمشتركين اتباعها لتقليل تأثير الهواء على فواتيرهم، أوصى الدحيات بضرورة أن يقوم المشتركون بإغلاق المحابس قبل العداد خارج فترة دور المياه الأسبوعية، وذلك لمنع دخول فقاعات الهواء خلالها. كما دعا إلى مراقبة عمل العداد والقرص الدوار داخله خلال دور المياه، والتأكد من أن ما يجري احتسابه هو تدفق المياه فقط.
وأشار إلى أهمية الإبلاغ الفوري لشركة المياه في حال ملاحظة تدفق الهواء داخل العداد خلال فترة الضخ أو في أي وقت آخر، وذلك لطلب الفحص الفني أو استبدال العداد إن لزم الأمر، كما نبه إلى أن وجود رواسب أو أوساخ داخل العداد قد يتسبب في انسداده أو تعطل دورانه، وهو ما يجب الانتباه إليه أيضا.
وطرح الدحيات آلية فنية مقترحة لإعادة احتساب فواتير المياه في الحالات التي يثبت فيها تأثر تسجيل العدادات بوجود الهواء في الشبكة، مؤكدا أهمية أن تستند هذه المعالجة إلى أسس عادلة وعلمية تضمن دقة الفواتير وشفافية الإجراءات.
وأشار الدحيات إلى أهمية الاستعانة بطرف ثالث متخصص يعمل مع شركات المياه الحكومية، بهدف تدقيق ومقارنة كمية استهلاك المياه الشهرية المثبتة على الفاتورة المعترض عليها، مع معدل الاستهلاك للاشتراك نفسه خلال فترة زمنية سابقة قد تمتد إلى عامين.
ولفت إلى ضرورة إجراء مقارنة دقيقة بين كميات الاستهلاك القديمة والجديدة، بالإضافة إلى تنفيذ مسح حسي لعقار الاشتراك المعترض بهدف تقييم منطقية الاستهلاك، سواء داخل المنزل أو لأغراض مثل ري الحدائق.
وبين أن أدوار المياه الأسبوعية التي تعتمدها شركات المياه الحكومية تخطط لضخ كمية موحدة من المياه تقدر بـ4 إلى 6 م3 أسبوعيا لكل اشتراك، ما يعني أن العدادات يجب أن تعمل فقط خلال هذه الفترة، بينما لا يحتسب أي استهلاك خارجها.
وأكد أن هذه المعطيات مهمة عند دراسة الاعتراضات، خصوصا أن كمية التزويد المائي للفرد لم تشهد أي زيادة خلال السنوات الأخيرة، بل قد انخفضت إلى 61 م3 سنويا للفرد، مما يضعف فرضية ارتفاع الاستهلاك كمبرر لارتفاع الفواتير المعترض عليها.
وفيما يخص تطوير بروتوكول أو إجراء تنظيمي لمعالجة هذا الإشكال مؤقتا، إلى حين اكتمال مشروع ناقل المياه الوطني، دعا الدحيات لإدارة توزيع المياه بطريقة تضمن إيصال الحصص المائية للمواطنين عبر الانسياب الطبيعي عبر الخزانات الرئيسية التي تم إنشاؤها في السنوات الماضية في معظم المحافظات، مع وقف أي ضخ مباشر داخل الشبكة.
وأكد أن هذه الآلية تساعد على إدارة الضغوط بشكل مثالي والتخلص من الهواء الناتج عن التزويد المتقطع عبر محابس تخفيف الضغط والهوايات متعددة الأقطار الموجودة في الخطوط الرئيسية والفرعية قبل العدادات، مما يسهم أيضا في تقليل الكسور والتسربات كفاقد فني.
ودعا إلى توحيد جهة حكومية مسؤولة عن إصدار شهادات المطابقة الفنية للعدادات، والعودة إلى تركيب عدادات “ألتراسونيك” الذكية التي تقيس تدفق المياه بدقة من دون احتساب الهواء، وتخضع لنظام مراقبة أداء فعال.- الغد