اخبار الاردن

جريدة الغد

منوعات

فيديوهات أطفال غزة.. معايير غائبة

فيديوهات أطفال غزة.. معايير غائبة

klyoum.com

تتوالى الفيديوهات القادمة من غزة، والتي يَظهَر الأطفال في معظمها وهم يتسابقون لنيل حصة من الطعام الشحيح الذي بالكاد يصل إلى القطاع. غير أن قلة من الناقلين والمتناقلين، من إعلاميين ومدوّنين ومتفاعلين، يفطنون إلى معايير النشر في حالة كهذه.

من نافلة القول، إن هذه الفيديوهات نقلت المعاناة الدائرة في القطاع بعد مرور خمسة أشهر على بدء حرب كيان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، غير أن الشعرة الرفيعة بين الحرص على نقل كل شيء، وبين النقل كيفما اتفق، تكاد تكون غائبة.

يقف المصوّر في هذه الفيديوهات عن بُعد ثم لا يلبث أن يقترب من الطفل، موجها له عددا من الأسئلة من قبيل عدد أفراد عائلته ومكان السكن قبل النزوح، حتى هنا يبدو هذا جيدا وفيه نقل مشكور لمعاناة الغزيين، بيد أن التلاعب لاحقا في مشاعر الطفل، ومحاولة ابتزازه بتقديم مزيد من الطعام لأجل أن يضيف مزيدا من التشويق على محتوى الفيديو، أمر ينافي أبجديات الإعلام، من قبيل تقريب الكاميرا من قدميه الحافيتين وسؤاله بإلحاح أين هو نعاله، أو القول له سأمنحك مزيدا من الطعام في مقابل أن تمجّد كيان الاحتلال لأجل سماع احتجاج الطفل وإصراره على أن الجوع لا يعني الركوع للمحتل، أو أن تذهب بعثات عربية مع “عدّة” التصوير لهؤلاء الأطفال لسؤالهم أي نوع من “الساندويتش” تحبون؟ السلامي والحبش المدخن أم الجبنة الصفراء؟

معلوم أن الحرب استثناء، وأن نقل مجريات الحروب وتبعاتها استثناء كذلك، غير أن الأخلاقيات الناظمة لمهنة الإعلام لا سيما في التعامل مع القاصرين، لا بد أن تكون شيئا لا مساومة عليه حتى في أحلك الظروف.

القاعدة الأبرز في التعامل مع القاصرين هي ألا تتم مقابلتهم إلا بإذن ذويهم. مفهوم أن ذوي هؤلاء الأطفال على الأغلب قد قضوا، بيد أن المعيار الذي يجدر الاحتكام إليه في هذه الحالة هو حفظ الكرامة الإنسانية للفرد ودرء أي ضرر اجتماعي محتمل عنه، أي أن يتصرف الصحفي بمسؤولية تجاه الطفل كما لو كان هو وليّ أمره فعلا، لا سيما في ظل غياب وليّ الأمر الحقيقي. 

لئن كان الغزيّون الآن في حالة صدمة وذهول مما يجري، فإنه يجدر بالإعلاميين أن يكونوا على قدر المسؤولية في النقل، وألا يسجّلوا لحظات إحراج الأطفال وانتزاع تصريحات منهم مقابل مزيد من الطعام.

القضية الفلسطينية تترافع عن ذاتها بجدارة؛ إذ إن عدالتها أمر لا جدال فيه، وبالتالي فإنه لا يجدر بالإعلامي خرق القوانين والأخلاقيات في النقل لغايات إضفاء مزيد من التشويق على الحكاية. 

أن يحدث كل هذا معناه بالضرورة أن الطفل الغزي ليس بخير، أن تحدث الحرب كلها معناه أن الإنسانية برمتها ليست بخير. بالتالي، ليس هنالك من داعٍ للهرع نحو الطفل الباحث عن الطعام وحشره في الزاوية ليدلي بتصريحات هو نفسه غير مدرك لمعانيها، وغير مضطر للإدلاء بها مقابل مزيد من الطعام. ولعل قول طفلة غزية لأحد أصحاب الفيديوهات “والله إني انفضحت”، لهي برهان جليّ أن فطرة الطفلة أشعرتها بأن ثمة شيء غير مقبول اجتماعيا في هذه المقابلة وهي تزاحم الجموع لنيل الطعام.

على العاملين في قطاع الإعلام تذكّر: لا يقع على عاتق الطفل الغزي رفع نسبة مشاهدات الفيديو والوسيلة الإعلامية. 

*المصدر: جريدة الغد | alghad.com
اخبار الاردن على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2024 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com