اخبار الاردن

سواليف

سياسة

حين يُكافأ الفساد… ويُقصى العلماء: هل نقرأ الفاتحة على البحث العلمي؟

حين يُكافأ الفساد… ويُقصى العلماء: هل نقرأ الفاتحة على البحث العلمي؟

klyoum.com

أخر اخبار الاردن:

رحلة رجال التربية

#سواليف

حين يُكافأ #الفساد… ويُقصى #العلماء: هل نقرأ الفاتحة على #البحث_العلمي؟

بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

ها قد اكتمل المشهد، وانكشفت الأوراق كلها. لم تعد الأمور في بعض جامعاتنا،

العزيزة، مجرد خلل إداري عابر أو اجتهادات ناقصة، بل تحوّلت إلى انحدار سحيق بلغ حدّ تعهير العلم وتلويث قدسية البحث الأكاديمي.

ما شهدناه مؤخرًا، تحت عنوان "تكريم الباحثين المتميزين"، لم يكن سوى عرض مسرحي سمج، أُريد له أن يبدو احتفاءً بالتميز، لكنه في جوهره لم يكن إلا إهانة صريحة للعلماء الحقيقيين، ودفنًا لقيم البحث والنزاهة والجدارة تحت ركام المجاملة والشللية.

لقد تحوّل التكريم إلى أداة علاقات عامة، تُدار من خلف الكواليس لتلميع وجوه معينة، لا بناءً على عدد الأبحاث المحكمة أو جودة المخرجات العلمية أو حجم الاقتباسات، بل بناءً على مدى القرب من دوائر النفوذ، والانخراط في شبكة الولاءات التي تُدير الجامعة كما لو كانت إقطاعية شخصية، لا مؤسسة أكاديمية وطنية.

والمفجع أكثر أن بعض من تم "تكريمهم"، لم يكتفوا بانعدام التميز، بل تورطت أسماؤهم في نشر أبحاث سُحبت من مجلات علمية مرموقة بسبب انتهاكات أخلاقية أو علمية، وأسهموا – بطريقة أو بأخرى – في إدخال الجامعة إلى القائمة الحمراء في مؤشر النزاهة الأكاديمية.

فهل هذا هو التميّز الذي نُكافئ عليه اليوم؟

هل أصبح من يلوث سمعة المؤسسة الأكاديمية يُكافأ، ومن يرفع شأنها يُقصى ويُهمش؟

وأين ذهب الباحثون الحقيقيون؟ أولئك الذين رفعوا تصنيف الجامعة بعملهم الدؤوب وإنتاجهم النزيه؟

المؤلم أن هذا المشهد لم يكن استثناءً، بل بات سلوكًا متكررًا ونهجًا مؤسسًا، تديره إدارة ترى في المناصب مكاسب، وفي الكفاءات تهديدًا.

كليات عريقة، مثل كلية الآداب وكلية العلوم، تم تجاهلها بالكامل في هذا "التكريم"، وكأنها لم تكن يوماً منارات إنتاج ومعرفة وعلم.

أسماء وطنية لها بصمة في ميادين البحث، لم تُذكر لا لأن سجلها ضعيف، بل لأنها لم تنحنِ، ولم تُطبّل.

هذا الوضع لا يهدد فقط مكانة الجامعة، بل يُكرّس نمطًا خطيرًا: مكافأة الفساد وتصفية المتميزين.

إننا، كأساتذة جامعيين، لا نطالب بالتكريم لأنفسنا، بل نطالب بإعادة الاعتبار لمبدأ التقييم العادل، وللقيم التي على أساسها بُنيت الجامعات: النزاهة، الشفافية، والاحترام الحقيقي للعلم.

لذلك، لا نملك في هذا المقام إلا أن نُعزّي أنفسنا وأبناءنا وطلابنا، ونقرأ الفاتحة على ما تبقى من أخلاقيات البحث العلمي في هذه المؤسسة.

نعم، نُشيّع البحث العلمي إلى مثواه الأخير، ونُلبسه ثوب الكفن، بعد أن ذُبح على يد من يفترض أنهم حرّاسه.

لكننا، رغم كل شيء، لن نصمت.

سنظل نكتب، ونشهد، ونقاوم هذا العبث حتى آخر نفس.

*المصدر: سواليف | sawaleif.com
اخبار الاردن على مدار الساعة