صفقة الحليب المجفف الفاسد .. استهزاء بحياة الأردنيين
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
بالفيديو : مركبة تقتحم محطة وقود في الزرقاء دون إصاباتفي واقعة تُثير القلق والاستنكار، كشفت الجهات الرقابية في الأردن عن فضيحة مدوية تتعلق بصفقة الحليب المجفف الفاسد، التي تحولت اليوم إلى ملف قضائي في انتظار العدالة. هذه الجريمة التي ارتكبها ضعاف النفوس لا تترك مجالاً للتساهل أو الصمت، إذ إنها تستهدف الصحة العامة، وخاصة فئة الأطفال الذين هم الأثمن والأكثر عرضة للخطر.
لقد صدمنا جميعاً عندما أعلنت المؤسسة العامة للغذاء والدواء في 7 أيار 2025 عن ضبط كميات من الحليب المجفف تُستخدم بشكل مخالف وخطير في تصنيع منتجات الألبان. والمؤلم أن هذا الحليب غير مطابق للمواصفات، وتم استعماله بطريقة غير قانونية من قبل بعض المصانع، بما يشكل تهديداً مباشراً لصحة المواطنين. المدير العام للمؤسسة، الدكتور نزار مهيدات، أكد أن هذه الممارسات قد تؤدي إلى أمراض مزمنة وخطيرة مثل السرطان وأمراض القلب والشرايين. أي عقل يقبل أن يتم التلاعب بصحة أبناء الوطن بهذه الطريقة الشنيعة؟
وللأسف، هذه ليست مجرد مخالفة عادية بل استهزاء صارخ بحياة الأردنيين، والعبث بصحة أطفالنا، الذين هم أمانة في أعناقنا. كيف يمكن لأناس أن يتجرأوا على استغلال غياب الرقابة لصنع ألبان ملوثة وغير صالحة للاستهلاك؟ وكيف نقبل أن تبقى هذه القضية في الظل دون إعلان واضح ومكاشفة تامة عن الجهات المتورطة، لتكون عبرة لكل من تسول له نفسه اللعب بأرواح الناس؟
الحكومة، استجابةً لهذه الفضيحة، قررت تشكيل لجنة مختصة تضم وزارات الصناعة والتجارة والتموين، والزراعة، بالإضافة إلى مؤسستي المواصفات والمقاييس والغذاء والدواء، ودائرة الجمارك الأردنية، لمراقبة وضبط عمليات استيراد واستخدام الحليب المجفف. خطوة ضرورية وطموحة، ولكن هل ستكون هذه اللجنة فعالة بما يكفي لتجفيف منابع هذه التجارة القذرة؟
من واجب الجهات المعنية إعلان أسماء المتورطين والجهات التي ينتمون إليها، فالمواطن الأردني يستحق أن يعرف من هم هؤلاء الذين استباحوا صحته وصحة أطفاله، لكي يتخذ الحيطة والحذر في التعامل مع منتجاتهم. كما أن على القضاء أن يطبق العقوبات الرادعة التي تعكس حجم الجريمة وتأثيرها المدمر، فلا مكان لمن يعبث بأرواح الأبرياء.
الأمر لا يقتصر فقط على التحقيق والمحاكمة، بل يجب أن تصحب القضية تغطية إعلامية شفافة، تُمكّن المواطن من متابعة مجريات التحقيقات وفهم أبعاد القضية كاملة. لا يجوز أن تُترك هذه الفضيحة بعيداً عن أنظار الرأي العام، الذي هو رأس الحربة في مراقبة أي تجاوز أو انتهاك.
في النهاية، يجب تفعيل رقابة الرأي العام ليكون العين الساهرة التي تحمي المجتمع من مثل هذه الجرائم، وأن نتحلى جميعاً باليقظة والمسؤولية لنمنع تكرار هذه الكوارث التي تهدد أمننا الصحي والاجتماعي.
صفقة الحليب المجفف الفاسد هي صرخة مدوية في وجه كل من يفكر في التلاعب بصحة الأردنيين. لن نقبل أبداً أن يكون أطفالنا ضحية جشع وفساد هذه الفئة الضعيفة من النفوس.