اخبار الاردن

وكالة رم للأنباء

سياسة

«حين تتقدّم الصلاة على حياة الإنسان… أين الرحمة؟» :

«حين تتقدّم الصلاة على حياة الإنسان… أين الرحمة؟» :

klyoum.com

رم - الدكتور نسيم أبو خضير

في بيوتٍ طهّرها الله ورفع شأنها ، يجتمع المؤمنون على كلمةٍ سواء يؤدّون الصلاة خلف إمامٍ واحد ، قلوبهم معلّقة بالله، وأرواحهم تتوق إلى الطمأنينة والسكينة. لكن … يحدث أحيانًا ما يهزّ تلك السكينة: يسقط أحد المصلّين فجأة ، أو يبقى ساجدًا لا يرفع رأسه ، وقد يكون قد تعرّض لإغماء أو لنوبةٍ صحيّة خطيرة أو حتى لوفاة ، بينما يستمر من حوله في أداء الصلاة وكأنّ الأمر لا يعنيهم .

هذه الظاهرة المؤلمة تستحق التوقف أمامها. ليس لأنها تتكرر فحسب ، بل لأنها تكشف أحيانًا عن فهمٍ خاطئ لمعنى الصلاة ، ولحقيقة ما يريده الله من عباده .

حفظ النفس… عبادة مقدّمة على كل عبادة .

إنّ من مقاصد الشريعة الكبرى حفظ النفس ، فلا عبادة تُقدَّم على حياة إنسان يواجه الخطر. فكما قال العلماء : «الضرورات تُبيح المحظورات» ، فكيف إذا كان الأمر ليس محظورًا أصلًا، بل هو واجب ؟!

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:

«لا ضرر ولا ضرار»،

ويقول أيضًا :

« من لم يرحم الناس لا يرحمه الله ».

فهل من الرحمة أن نرى أخًا لنا يتألم أو يفقد وعيه أو ربما يفارق الحياة ، ثم نكمل الركوع والسجود كأن شيئًا لم يكن ؟!

الصلاة لها وقت… ولكن حياة الإنسان لا تنتظر

الصلاة لها وقتٌ موسّع ، يستطيع المسلم أن يصليّه ما دام في وقته ، لكن حياة إنسان قد تنتهي في ثوانٍ معدودات .

والقاعدة الفقهية واضحة :

« ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ».

وإنقاذ النفس واجب ، وبالتالي يصبح قطع الصلاة واجبًا إذا كان فيه إنقاذ لحياة مسلم .

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته ونزل من على المنبر ليحمل طفلًا يبكي! فكيف لو كان الأمر حياةً تُفارق ؟

الخشوع لا يعني الغياب عن الواقع

إنّ الخشوع الحقيقي ليس انغلاقًا عن الناس ، ولا تعاليًا عن آلامهم ، ولا هروبًا من مسؤولياتنا تجاه بعضنا . الخشوع الحقيقي يحمل الرحمة في قلبه، والإنتباه إلى حاجات الآخرين ، وإستشعار أن كل نفسٍ عند الله لها قيمة عظيمة .

قال تعالى :

{ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا }.

فتخيّل أن الله يكتب لك أجر إحياء البشر جميعهم لأنك أسرعت لإنقاذ رجلٍ وقع بجانبك في الصف !

المساجد بيوت رحمة… لا مواطن جمود

المسجد مكان يتجسّد فيه معنى الأخوة ، فإذا غاب هذا المعنى غابت الروح التي لأجلها شرعت الصلاة جماعة .

والمؤمن الذي يمدّ يده لإنقاذ أخيه أعظم أجرًا عند الله من المؤمن الذي يكمل ركوعه وسجوده تاركًا أخاه يصارع الخطر .

رسالة إلى كل مصلٍّ

إذا رأيت في المسجد رجلًا يقع ، أو مصلٍ لا يتحرّك ، أو حالة خطر واضحة :

إقطع صلاتك فورًا . إقترب. ساعد. نادِ على من لديه خبرة . إفتح الطريق . إفعل ما أمكنك .

فالله أرحم بك من أن يحاسبك على صلاة قطعتها لإنقاذ نفس .

بل يكتبها لك أجرًا مضاعفًا ورحمةً وبركةً .

*المصدر: وكالة رم للأنباء | rumonline.net
اخبار الاردن على مدار الساعة