ترامب والباشا الجديد
klyoum.com
قالوا إن رجلا جاء من وراء المحيط ببدلة زرقاء داكنة وربطة عنق لامعة يوزع صكوك غفران على الشرق الممزق قالوا إن اسمه ترامب
لكنه بدا كظل باشا قديم عاد بوجه جديد يمسك بمفاتيح فلسطين كأنها أوراق شراكة في شركة مفلسة
احتشد الرجال في الساحة مثلما كانوا يحتشدون لرؤية الباشا حين يدخل على صهوة حصانه هذه المرة
لم يكن هناك حصان بل طائرة رئاسية تحط في الصحراء
والوجوه كما بالأمس هاشة باشة تبتسم رغم أنها تعرف أن القادم لا يحمل إلا مزيدا من القهر
ترامب تكلم صوته جاء مثل صافرة قاض يعلن انتهاء المباراة قال إن الحرب ستقف
وإن الأسرى سيتبادلون وإن السلام سيعود إلى أرض أنهكتها المذابح
فصفقوا
صفق من لا يملك شيئا وصفق من باع كل شيء
العرب قالوا نعم إسرائيل قالت نعم حتى الهواء صرخ نعم
لكن المقاومين هناك في الأزقة في المخيمات في الأنفاق كانوا يضحكون
لم يكن ضحك فرح بل ضحك مرارة لأنهم يعرفون أن الفكرة لا تؤسر
يمكن أن يسجن الجسد أن يطارد السلاح أن تقصف البيوت
لكن الفكرة لا تموت ما دامت إسرائيل هناك جاثمة كالغربان على تلال فلسطين
قالوا إن حماس لم تعد شرعية كررها القادة في المؤتمرات كررها الإعلام كررها حتى الناس المنهكون
لكن آخرين رددوا ومن منح السلطة الفلسطينية شرعية أصلا ومن أعطى العالم الحق أن يوزع الشرعيات كما يوزع المأمور الضرائب على الفلاحين
الشرعية لا تأتي بختم على ورق بل تأتي من دم على الأرض وصوت في المخيم وطفل يصرخ في جنازة أبيه
فلسطين منذ أن وضعت بين فكي الصهيونية لم تعرف الراحة الصهيونية ليست حزبا ولا دولة ولا جيشا فقط
هي شبح عالمي جذر ممتد في كل مكان يرفع الناس أصواتهم ضدها يلعنونها يتظاهرون في الشوارع
لكنها تمضي لأنها لم تأت لتسمع بل لتفرض
ولكل زمان ترامب ولكل ديرة باشا يأتي بوجه جديد بكلمات منمقة بشعارات وقف الحرب وإطلاق المعتقلين وسلام الأجيال لكن تحت كل شعار هناك فخ وأد فكرة شرعنة احتلال توطين مستوطنين وصناعة وهم كبير اسمه السلام
أما نحن العرب فما زلنا نحترف جلد الذات نهاجم إسرائيل نهاجم حماس نهاجم أمريكا نهاجم حكامنا نهاجم أنفسنا
ثم نعود لنقف على الأطلال نلعن الزمن الذي جعلنا على حدود كيان لا يعرف الاستقرار
إسرائيل ولدت بيننا مثل شوكة في الحلق
وفلسطين تركت وحيدة ينهشها الجميع ثم يقال لها اصبري ترامب قادم بالحل
لكن الفكرة لا تموت حتى لو غطى الغبار كل الأزقة
حتى لو غرقنا في الانقسام
حتى لو صفق العالم لبيانات البيت الأبيض
الفكرة تظل مثل جذر زيتون متمرد على كل جرافة!.