اخبار الاردن

ار تي عربي

سياسة

"اتفاق السويداء": طريق مصالحة أم مسار تدويل؟

"اتفاق السويداء": طريق مصالحة أم مسار تدويل؟

klyoum.com

لم يحسم الجدل بعد حول "اتفاق السويداء" الموقع بين أمريكا والأردن وسوريا. حيث تبدو الظروف المحلية والدولية غير ناضجة لتطبيقه.

ويعزز ذلك احتمالية أن يكون الاتفاق قد أبرم على عجل بقصد هندسة الترتيبات الأمنية بين إسرائيل والحكومة السورية والمتعلقة بفرض منطقة منزوعة السلاح تشمل الجنوب السوري بأكمله انطلاقا من اتفاقية السويداء التي ترى دمشق أنها قطعت الطريق على نزعة انفصالية تنادي بها قوى فاعلة في السويداء فيما يرد آخرون بأن الاتفاقية قد عززت من هذه النزعة بعدما حولت أهالي السويداء إلى طرف مفاوض يجلس قبالة الدولة ليفرض شروطه وفق ما يرى أنه حق مشروع يصار في نهايته إلى تحقيق حلم تقرير المصير.

تعزيز سلطة الدولة

يرى المحلل السياسي فراس خليل أن اتفاق السويداء قد قطع على أصحاب "الرؤوس الحامية" في المحافظة طريق الذهاب نحو الانفصال بعدما تصرفت الحكومة السورية بعقل وحكمة وأفسحت المجال أمام الحلول التفاوضية التي هدأت من مشاعر الاحتقان وأفسحت المجال أمام اتفاق لا يسلخ السويداء عن الوطن ويمكن البناء عليه لاحقاً من أجل استعادة الثقة المفقودة بين الدولة وجزء أصيل من شعبها.

وفي حديثه لـRT، أشار خليل إلى أن أهالي السويداء قد تلقفوا بالكثير من الاطمئنان حديث عمان عن رعايتها مع واشنطن للمفاوضات ما بين ممثلي المجتمع المحلي في السويداء والحكومة السورية من أجل إنجاز ما سمي بـ"خارطة طريق" يصار من خلالها إلى طي صفحة الخلاف بينهما، مشيرا إلى أن الحكومة قد تعهدت بمحاسبة من اعتدى على المدنيين وممتلكاتهم بمساعدة وإشراف دولي كما وعدت بضمان تدفق المساعدات الإنسانية والطبية للمحافظة وتعويض المتضررين وترميم القرى والبلدات وتسهيل عودة النازحين بما يمد أبناء السويداء بأسباب الإطمئنان ويهيأ لبناء أرضية مشتركة من الثقة مع الدولة.

وأشار المحلل السياسي إلى أن الحكومة السورية عرفت كيف تتسلل مجدداً وبطريقة ناعمة إلى السويداء من دون أن تثير بواعث القلق عند أهلها حين أقرت نشر قوات محلية من وزارة الداخلية بغرض حماية الطرق وتأمين حركة الناس والتجارة فيما بدت جدية أكثر من أي وقت مضى في كشف مصير المفقودين وإعادة المختطفين إلى ذويهم إدراكا منها لحساسية هذه المسألة عند أهل السويداء باعتبارها بوابة المصالحة الوطنية ومبعثا لكل خير يرتجى من المحافظة ولها. .

وختم خليل حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن الدولة السورية قد استدركت ما يمكن استدراكه بشأن السويداء في هذه المرحلة الخطيرة والحساسة وهي انتزعت بهذا الاتفاق اعترافا دولياً بوحدة الأراضي السورية ومن ضمنها السويداء من خلال تواجد مؤسساتها الأمنية والخدمية داخل المحافظة ولو بعناصر محلية من أبنائها وهو أمر كان حتى ساعات قليلة مضت مرفوضا من قبل معظم القوى الروحية والفصائلية في السويداء.

سحب للذرائع الإسرائيلية

"اللجنة القانونية العليا في السويداء" ترفض خطة الحكومة السورية

من جانبه يرى المحلل السياسي فهد العمري أن اتفاق السويداء سيحد بشكل تلقائي من التغول الإسرائيلي في الأراضي السورية أوالعربدة في أجوائها بفعل وجود دول ضامنة له وإشارة واضحة من قبل وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي للهواجس الأمنية بين إسرائيل وسوريا.

وفي حديثه إلى "RT" لفت العمري إلى أن اتفاق السويداء يشكل التوطئة الطبيعية لأي اتفاق قادم ما بين إسرائيل وسوريا تؤخذ فيه مخاوف إسرائيل الأمنية بعين الاعتبار ربطا بحديث الوزير الصفدي الواضح عنها، مشيراً إلى وجود علاقة عضوية ما بين اتفاق السويداء الذي أعلن عنه بالأمس واتفاق آخر لم يبصر النور بعد بين إسرائيل وسوريا.

وشدد المحلل السياسي على أن دمشق التي تتطلع لاتفاق أمني منصف ومتوازن مع إسرائيل نجحت في رفع الضغوط الأمريكية عنها إلى حد ما من خلال إبرامها لاتفاق السويداء ومهدت الطريق من أجل إنجاز اتفاق أمني آخر مع إسرائيل بالتزامن مع مشاركة الرئيس الشرع في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال الشهر الجاري .

وتوقع العمري أن تسعى إسرائيل إلى رفع سقف شروطها على دمشق من خلال المفاوضات التي ستسبق الاتفاق المرتقب بين البلدين لكنه أمل أن تمارس الدول الضامنة ضغوطها على إسرائيل بعد تبريد مخاوفها الأمنية انطلاقاً من التزام الحكومة السورية بطمأنة الجميع حول نواياها المتصلة بتحقيق السلام وفض النزاع والتفرغ للتنمية وإعادة الإعمار وجلب الاستثثمارات .

تشكيك ورفض

ولعل أولى حجج المشككين بنجاح اتفاق السويداء رغم ترحيب قوى خارجية وداخلية به تمثلت في تباين النسخة التي أعلن عنها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع تلك التي نشرتها وزارة الخارجية الأردنية عبر منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

المحامي وحيد قبلان أكد في حديثه لموقعنا أن اللجنة القانونية العليا في المحافظة والمقربة من الشيخ الهجري استندت في رفضها للاتفاق إلى ذلك التناقض الوارد في بيان الخارجية السورية حول دعوة لجنة التحقيق المستقلة الخاصة بسوريا وتأكيدها في الوقت نفسه على مرجعية القانون السوري في محاسبة المجرمين الذين مارسوا للانتهاكات في المحافظة. الأمر الذي يجعل من المتهم قاضياً على نحو مؤلم ومستفز. . كما يقول .

وشدد قبلان على غياب الثقة بالمؤسسات الأمنية التابعة للحكومة وعدها طرفا رئيسياً في المجازر التي ارتكبت في السويداء في الوقت الذي لم تكلف فيه الحكومة نفسها إدانة ما جرى من انتهاكات. على نحو يمسح على مشاعر الأهالي.

فتش عن إسرائيل

أحمد الشرع: اتفاقية الأمن مع إسرائيل ضرورة والتطبيع ليس على الطاولة

ويرى مراقبون بأن الاتفاق هو تطبيق أولي للقرار الدولي/2254/ حتى وإن لم يأت على ذكره .

المحامي والمحلل السياسي حمدان عبد الحق وهو ابن مدينة السويداء أكد أن اتفاق السويداء لا يعدو كونه التزاما قهريا من دمشق بتطبيق القرار الدولي/ 2254/ في حيز جغرافي محدود قبل أن ينسحب على مناطق أخرى لا تزال مستريبة من سياسة الحكم الحالي في دمشق، ما يعني أن اتفاق السويداء أبرم على عجل أما اتفاق الحل النهائي على مستوى سوريا فقد تم ترحيله لحين تنفيذ الفقرة الأولى من الاتفاق التي تدعو صراحة لحل سياسي شامل في البلاد.

وفي حديثه لـRT، أكد عبد الحق أن المطلع بتمعن على بنود الاتفاق لن يصعب عليه أن يكتشف بأنه أشار إلى دمشق كطرف يحاور أطرافا أخرى من بينها السويداء التي مثلتها كل من واشنطن بالنيابة عن المجتمع الدولي وعمان كممثلة عن الدول العربية، وهو ما أشار إليه صراحة وزير الخارجية الأردني الذي تعهد بنقل هواجس أهل السويداء إلى دمشق ومناقشتها بشأنهم مع الجانب الامريكي، الأمر الذي يحول الإدارة الحالية في دمشق من سلطة جامعة إلى طرف محلي يناور للحصول على أكبر قدر من المكاسب أو تقديم الحد الأدنى من التنازلات، وهو أمر ينتقص من شأنها، كما يقول.

واستدل المحلل السياسي على ذلك بالإشارة إلى أن الاتفاق منح السويداء الحق في تشكيل "مجلس محافظة" لا يرتبط بدمشق بأي حال من الأحوال أي ما يشبه " الإدارة الذاتية" التي تم تفويضها من قبل القوى والفصائل في السويداء من أجل الوصول إلى تسوية خلال المرحلة الانتقالية الحالية التي باتت بحكم المنتهية نتيجة تدويل الحالة السورية وتسليم مقاليد الأمور فيها إلى جهات دولية وإقليمية خولها الاتفاق الحالي محاورة كل القوى السورية المتنوعة عرقيا ومذهبيا بغية الوصول إلى حل سياسي شامل يضمن مشاركة جميع المكونات السورية في هيئة حكم انتقالية لاحقة.

ولفت عبد الحق إلى أن الإدارة السورية الحالية قد أزاحت عن كاهلها عبئ التفاوض بشأن الجنوب السوري حين عمدت إلى تقويض واشنطن بعملية التفاهم مع إسرائيل بشأنه مع طلب خجول بالتشاور معها وهو تشاور وفق المحلل السياسي لا يلزم واشنطن بأخذ مخاوف دمشق بعين الاعتبار لأن مصلحة إسرائيل تبقى بالنسبة لها فوق أي اعتبار.

المصدر: RT

*المصدر: ار تي عربي | arabic.rt.com
اخبار الاردن على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com