أسرة سودانية بأكملها تفقد بصرها بسبب (الماء الأسود)
klyoum.com
زاد الاردن الاخباري -
في القرية (7) بمحلية الفاو في ولاية القضارف شرق السودان، على بُعد 251 كيلومتراً شرق الخرطوم، وفي مشهد يختزل قسوة المعاناة الإنسانية، تحوّلت مأساة أسرة سودانية إلى قضية رأي عام، بعدما فقد عشرة من أفرادها بصرهم بالكامل نتيجة إصابتهم بمرض "الغلوكوما" الوراثي، المعروف شعبياً بـ"الماء الأسود". فيما يواجه آخرون من ذات العائلة المصير نفسه مع ضعف حاد في النظر ينذر بالعمى التام.
ورغم هول المأساة، فالأسرة، المكوّنة من 31 فرداً، تكابد أوضاعاً معيشية بالغة الصعوبة، حيث إنها مثقلة بالديون وتكاليف العلاج، في ظل غياب أي دعم رسمي جاد، باستثناء بعض الزيارات والوعود الحكومية التي لم تتحول إلى واقع.
بداية القصة
يروي سيبويه حسب الله آدم، أحد أفراد الأسرة، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" أن رحلة المعاناة بدأت مع والده وهو في الثانية عشرة من عمره، حين ظهرت عليه أعراض ضعف شديد في النظر أثناء رعي الأغنام، قبل أن يتطور الأمر سريعاً إلى فقدان كامل للبصر. ويضيف: "في البداية لجأنا إلى المعالجين الشعبيين، ثم سافر والدي وأخي يوسف إلى الخرطوم عام 2005، حيث تبيّن أن المرض هو غلوكوما وراثية".
انتشار المرض بين الأبناء
لم يتوقف الأمر عند الأب، إذ سرعان ما بدأ المرض يتفشى داخل الأسرة. فقد الأخ الأكبر يوسف بصره، ثم لحق به سيبويه نفسه، ثم أعقبه خمس من شقيقاته، وصولاً إلى الشقيق الأصغر هشام. وعلى الرغم من خضوع عدد منهم لعمليات جراحية في مستشفيات متخصصة بالخرطوم، فإن محاولات الأطباء لم تُفلح في وقف تقدّم المرض، لتستقر الحال عند عشرة مكفوفين بالكامل، فيما يظل آخرون على حافة العمى.
ويولد الطفل بقدرة بصرية طبيعية، لكن ما إن يصل إلى سن السابعة أو الثامنة حتى تظهر لديه علامات ضعف في النظر، يتطور تدريجياً حتى يصل إلى فقدان البصر التام.
حياة يومية شاقة
ورغم قسوة التجربة فالأسرة تحاول التكيّف مع واقعها. يقول سيبويه: "لم نستعمل يوماً عصا المكفوفين. نمارس حياتنا بشكل طبيعي. أعمل أنا وبعض إخوتي في نسج الأسِرّة التقليدية المعروفة محلياً بـ(العناقريب) المصنوعة من الخشب الخام والمشدودة بحبال من سعف النخيل أو الحبال البلاستيكية".
أما الوالد، فقد عمل في مهن متعددة قبل أن تنهك صحته بسبب إصابته بمرض السكري. بينما عانى الابن الأصغر هشام من صدمة نفسية قاسية، لكنه اليوم يواصل دراسته بمساعدة معلميه.
وفي مقطع مصوّر، أكد الأب حسب الله آدم أن الأطباء أبلغوه قبل عشرين عاماً بأن جميع أبنائه سيُصابون بالعمى، وهو ما تحقق تدريجياً.
عبء اقتصادي خانق
تتفاقم مأساة الأسرة مع الضغوط المعيشية. يقول سيبويه: "نعيش على الديون، ولدينا التزامات مالية تجاه المركز الصحي. لم نتلقَ أي دعم حكومي ثابت، فقط وعود لم تُنفذ".
عزاء بالإيمان
ورغم المصاعب، وجدت الأسرة عزاءها في الإيمان والقرآن الكريم، إذ أتم سيبويه ومعظم شقيقاته حفظ القرآن في خلاوي ولاية الجزيرة. ويقول: "نحمد الله على كل حال، فقد جعلنا هذا الابتلاء أكثر قرباً من كتاب الله، وأشد رضاً بالقضاء والقدر".