الذهب الروسي في الأردن: بريق "زائف" لتخفيف أعباء الزواج
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
الميثاق الوطني يستنكر حملة خفافيش الظلام ضد الوطنزاد الاردن الاخباري -
طارق ديلواني - في ظل تحولات اجتماعية واقتصادية متسارعة يتجه عدد متزايد من الأردنيين المقبلين على الزواج إلى شراء ما يعرف بـ"الذهب الروسي" كخيار بديل عن الذهب التقليدي الذي تجاوز سعر الغرام منه حاجز الـ100 دولار ليصبح عبئاً مالياً يفوق قدرة كثر.
هذا التوجه الذي ينظر إليه كثر كخروج عن المألوف أو تقليل من قيمة "الشبكة" بات اليوم حلاً عملياً لتجنب كلف باهظة، لكنه في الوقت ذاته يفتح نقاشاً واسعاً حول مكانة الذهب في الثقافة المجتمعية الأردنية، وما إذا كان "الذهب الروسي" يهدد رمزاً متجذراً في طقوس الزواج أم يعكس فقط واقعاً اقتصادياً لا يمكن تجاهله.
إقبال كبير
يقول صاغة وعاملون في محال الذهب إن ثمة إقبالاً كبيراً على "الذهب الروسي" نظراً إلى الأوضاع الاقتصادية الحالية وعدم قدرة كثر على شراء الذهب، يضيف هؤلاء "الذهب الروسي" ليس معدناً ثميناً، بل هو اسم شائع لنوع من الأكسسوارات المعدنية المطلية بطبقة لامعة تشبه الذهب من حيث الشكل، لكنه لا يحوي أية قيمة استثمارية، إذ لا يتجاوز سعره 10 في المئة من قيمة الذهب الحقيقي.
يعمد البعض إلى شراء قطعة ذهب حقيقية واحدة، بينما يكون الباقي ذهباً روسياً، وتوسع تجار في بيعه بسبب الإقبال المرتفع عليه بخاصة في المحافظات.
أما نقابة الصاغة الأردنيين فحذرت بدورها من خلط الذهب الروسي بالذهب الحقيقي في بعض الأسواق، مما يشكل نوعاً من الغش.
ويعزو اقتصاديون إقبال الشباب الأردني على شراء الذهب الروسي إلى أسباب عدة من بينها الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب الذي وصل في بعض الأسابيع إلى نحو 100 دولار، فيما يتوقع آخرون أن يصل مستقبلاً إلى 130 دولاراً للغرام الواحد.
وترافق هذا الصعود السريع مع تدهور القوة الشرائية للمواطن الأردني عموماً، بخاصة فئة الشباب المقبل على الزواج في ظل معدلات بطالة تجاوزت 24 في المئة.
ومع تحول الذهب الحقيقي إلى رفاهية لا يمكن تحمل كلفتها نما نمط جديد من التفكير الاقتصادي لدى فئة الشباب الذي يفضل إنفاق الأموال على تأسيس منزل أو مشروع صغير بدلاً من استثمارها في الذهب التقليدي.
رفض مجتمعي
لكن في المقابل ترى شريحة واسعة من العائلات في التخلي عن الذهب الحقيقي تقليلاً من قيمة العروس أو تقصيراً في حقها الاجتماعي والخشية من إعادة تعريف مفهوم "المهر" وتجهيز العروس التي ظلت ثابتة لأعوام وعقود بوصفها جزءاً من تراث الأردنيين في الأعراس، فضلاً عن تراجع هيمنة العادات والتقاليد في فرض الذهب كمعيار في مقابل زيادة الوعي بين الشباب بأهمية الاقتصاد على حساب المظاهر.
في السياق ذاته ثمة تحذيرات من تأثير هذه الظاهرة على تراجع الحركة في سوق المجوهرات المحلية وتحول الذهب من مخزون استثماري إلى سلعة ثانوية عند فئات الشباب، في مؤشر واضح إلى مدى استعداد المجتمع للتكيف مع متغيرات العصر.
ويوضح أحد العاملين في هذا المجال بالقول "من حيث المظهر الخارجي يبدو الذهب الروسي شبيهاً جداً بالذهب الحقيقي. ويجري صبُّه في القوالب نفسها المستخدمة للذهب الأصلي، مما يجعل من الصعب التمييز بينهما نظراً إلى مظهرهما البراق المتطابق، وتباع بعض قطع الذهب الروسي بكلفة زهيدة لا تتجاوز في أحسن الأحوال الـ100 دولار.
ويخضع عقد الزواج في الأردن وما يتضمنه من تفاصيل كالمهر لأحكام قانون الأحوال الشخصية باعتباره حقاً للزوجة، إذ إن أي اتفاق ينص على مقدار معين يكون ملزماً. في حين أن الترويج لمجوهرات مزيفة على أنها ذهب حقيقي يعد غشاً ويعاقب عليه وفق نص القانون.
وتداول الأردنيون مصطلح "الذهب الروسي" منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي بعد رواج تجارة الأكسسوارات، على رغم عدم استيراده من روسيا تحديداً وصناعته بصورة محلية في كثير من الأحيان، كما توضح نقابة تجار صناعة وصياغة الحلي والمجوهرات التي تتخذ موقفاً حاداً من هذه السلعة وتسميتها بالذهب لأسباب تجارية، في حين أنه ليس ذهباً ولا روسياً.
independentarabia