اخبار الاردن

صحيفة السوسنة الأردنية

سياسة

إدارة جامعة اليرموك الجديدة والتركة الثقيلة

إدارة جامعة اليرموك الجديدة والتركة الثقيلة

klyoum.com

من المقرر أن يعقد مجلس أمناء جامعة اليرموك غدًا السبت جلسته الحاسمة لإقرار التشكيلات الأكاديمية الجديدة من نواب رئيس وعمداء. جلسة مشحونة بالترقب والانتظار، إذ إنها تمثل الاختبار الأول للرئيس الجديد، الذي أحاط مشاوراته بسياج من السرية الصارمة، على خلاف ما اعتدنا عليه في الماضي حين كانت الأسماء تتسرب مبكرًا، وتصبح "حديث المقاهي" قبل أن تصل حتى إلى طاولة مجلس الأمناء.

لكن هذه المرة تبدو المعادلة مختلفة، إذ لم يعد شيء مضمونًا. فمجلس الأمناء لم يعد مضطرًا لأن يلعب دور الختم المطاطي كما كان في السابق، حين توهّم أن الطاعة المطلقة للرئيس تفتح أبواب التميز. ولقد أثبتت التجربة أن تلك الطاعة لم تثمر إلا عن مزيد من الوهن: مناصب وزعت بالقرابة والواسطة، وألقاب منحت بالمجاملة، فيما تراجعت الكفاءة وغابت العدالة.

للأسف، تحولت الجامعة في تلك الحقبة إلى غنيمة شخصية. مناصب إدارية تُفصّل حسب المزاج، وتعيينات أكاديمية تُقرّر وفق الولاء لا الجدارة. والمشهد الأكثر فداحة أن أحد نواب الرئيس السابقين كان يجلس في مقهى شعبي ليفاخر بأنه "خدم أصدقاءه جميعًا": فمنهم من أصبح عميدًا وهو لا يعرف من الإدارة إلا حروفها الأولى، ومنهم من صار مديرًا وهو لا يفقه أبجديات القيادة، وآخر كُرّم كباحث متميز لمجرد أن له من يزكّيه، فيما حُرم الأكفاء لأنهم لم يملكوا واسطة تحميهم. أهذه جامعة أم "بازار سياسي أكاديمي"؟

إن ما حدث لم يكن مجرد انحراف إداري عابر، بل كان خيانة للرسالة الجامعية، ونسفًا لقيم العدالة والاستحقاق. لقد جُعلت الجامعة ميدانًا لتصفية الحسابات وتوزيع الغنائم، فتمزق نسيجها الأكاديمي، وضُربت سمعتها، وأُهينت تقاليدها. واليوم، مع مجيء إدارة جديدة، لا يملك الرئيس ومجلس الأمناء ترف التردد. عليهم أن يشكلوا فريقًا مقنعًا وقادرًا على إعادة الثقة، وانتشال الجامعة من إرث ثقيل خلفته الإدارة السابقة.

المطلوب الآن ليس مجرد تعيين نواب وعمداء جدد، بل إعادة بناء جامعة أُهملت قيمها وأُهدرت مواردها. المطلوب فتح ملفات المديونية وكشف حجم الكارثة والمسؤولين عنها، إصلاح التشريعات التي أنهكت أعضاء هيئة التدريس، وتحقيق العدالة الانتقالية بإنصاف من ظُلموا وعوقبوا لمجرد أنهم تجرأوا على قول "لا".

إن جامعة اليرموك اليوم تقف أمام مفترق طرق: إما أن تختار الكفاءة والاستحقاق وتستعيد مكانتها كمنارة وطنية للعلم والفكر، أو أن تعيد إنتاج نفس المسرحية القديمة بأبطال جدد وأقنعة مختلفة.

هذه الجامعة ليست ملكًا لفئة ولا لشخص، إنها مؤسسة وطنية ينبغي أن تُدار بعقل الدولة لا بعقل "المقهى". الاختبار غدًا سيكشف إن كنا بصدد بداية مشرّفة تنهي سنوات العبث، أم مجرد مشهد قديم ، يعاد انتاجه بوجه جديد يُضاف إلى "سلسلة الخيبات " وفق تعبير الكاتب الاردني الكبير حسين الرواشدة" .

اللهم ولِّ على هذه الجامعة خيارها، وأبعد عنها من جعلوا من العلم سلعة، ومن المنصب غنيمة، ومن الجامعة مسرحًا للولاء والمحسوبية.

*المصدر: صحيفة السوسنة الأردنية | assawsana.com
اخبار الاردن على مدار الساعة