“العمل الدولية”: دمج اللاجئين السوريين بسوق العمل الأردني ضرورة اقتصادية
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
مكافأة مالية لمن يعثر على كلب مفقود بعمانزاد الاردن الاخباري -
في الوقت الذي يستضيف فيه الأردن مئات آلاف اللاجئين السوريين وغيرهم، بات دمجهم في سوق العمل ليس مجرّد شعار إنساني، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية، على قاعدة أن الأردن – الذي يعيش على وقع تحديات اقتصادية وضغوط على الخدمات العامة – وجد في مشاركة اللاجئين في العمل فرصة لتخفيف الأعباء، ودعم الاستقرار المحلي، وبناء جسور للتعايش والتنمية.
وتحمل تجربة منظمة العمل الدولية (ILO) دروسا مهمة في هذا المسار، من التصديق على الخبرات السابقة، إلى منح تصاريح العمل، والتدريب المهني، والمبادرات الخضراء في الزراعة والبنية التحتية.
ومن أبرز المشاريع التي نفذتها المنظمة في الأردن، مُبادرة “تسوية دخول سوق العمل القانوني” (Phase II)، وتهدف لدعم الأردنيين واللاجئين السوريين للوصول إلى عمل لائق، عبر تنمية المهارات والتأكد من الاعـتراف بالخبرة السابقة (RPL)، وخاصة في قطاعات البناء والتصنيع، فضلاً عن التأكيد على دعم المرأة لدخول سوق العمل والبقاء فيه.
وتستهدف مشاريع “العمل الأخضر” في الزراعة والغابات، اللاجئين والمجتمعات المضيفة معاً، عبر تشغيل مؤقت ضمن برامج كثيفة العمالة، لتحسين البنى التحتية الريفية والبيئية، وإصدار تصاريح عمل للاجئين في هذا السياق.
وهناك مشروع PROSPECTS الذي يعمل على عدة محاور؛ سياسية وسيكورية وميدانية، من بينها تطوير إطار تشريعي شامل، وتعزيز الشراكات مع أصحاب المشاريع، والتدريب والتوجيه المهني، ودعم الانتقال من المساعدات النقدية إلى فرص عمل مستدامة.
كما أن هناك اتفاقية بين “مؤسسة التدريب المهني والتقني” وILO للاعتراف بالخبرات العملية للعمال اللاجئين وغير النظاميين، ومنحهم شهادات معتمدة، بالإضافة إلى دعم النساء وتشجيعهن على العمل في القطاع الرسمي، وتسهيل إصدار تصاريح العمل.
أما بالنسبة للنتائج والآثار من حيث إصدار تصاريح العمل، فقد صدرت آلاف التصاريح للاجئين، خصوصاً في الزراعة، والبناء، وبعض المشاريع الخضراء، ما ساهم في تقليل العمل غير الرسمي.
وعلى صعيد تحسين المهارات والاعتراف بالخبرات، تم تدريب آلاف اللاجئين والأردنيين واعتماد خبراتهم السابقة، ما خفّض الفجوة بين ما يمتلكونه من قدرات، وما يُطلب منهم في سوق العمل.
وفي إطار المساهمة في البنى التحتية والتنمية المحلية، تم ذلك من خلال المشاريع كثيفة العمالة، مثل ترميم الطرق، البنى الزراعية، والمدافئ، وتحسين نظم الري، حيث أسهمت هذه المشاريع في توفير أيام عمل كثيرة لكل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
وفيما يخص المساواة وتمكين المرأة، ورغم التحديات، تم التركيز على مشاركة النساء؛ بتوفير تدابير دعم مثل الشهادات، والتدريب، والمساعدة في التنقل وخدمات داعمة لتخفيف العوائق التي تواجههن.
أما على صعيد التحديات فيتمثل أهمها بالعمل غير الرسمي الذي لا يزال واسع الانتشار بين اللاجئين (بنسبة تقارب 99 % في بعض الدراسات) ما يعرّضهم للاستغلال، فضلا عن ضعف الأجور، وظروف العمل غير اللائقة.
ويواجه اللاجئون أيضا حواجز قانونية وبيروقراطية، إذ لا يمتلك الكثير منهم تصاريح عمل، أو يواجهون تعقيداً في الحصول عليها، ما يدفعهم للعمل بشكل غير رسمي، فضلا عن المنافسة مع العمال المحليين والمهاجرين، إذ يخشى الأردنيون من أن العمالة اللاجئة قد تُستخدم لتخفيض الأجور أو تزايد المنافسة على الوظائف غير الماهرة، مما يخلق توتّراً اجتماعياً.
ويعانون كذلك من الفجوة في المهارات والتعليم، فالعديد من اللاجئين قدموا من خلفيات زراعية أو ريفية، ومهاراتهم لا تتوافق دائماً مع متطلبات القطاع الصناعي أو الخدمات.
وبالنسبة للآفاق المستقبلية والإمكانيات، يتعين توسيع الاعتراف بالخبرات السابقة والشهادات المهنية لما له من أثر كبير في تمكين اللاجئين من الدخول إلى سوق العمل الرسمي وتحسين فرصهم.
والمطلوب أيضا تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لضمان ألا تكون فرص العمل المستدامة حكرا على المشاريع المدعومة، بل تشمل الصناعات والقطاعات التي تستطيع استيعاب العمال اللاجئين بشكل دائم.
وينبغي دعم سياسات تصاريح العمل المرنة، بحيث لا تكون مرتبطة بصاحب عمل واحد، خاصة في القطاعات الزراعية، ما يزيد من حرية التنقل الوظيفي ويحسن من شروط العمل.
ويتطلب الأمر كذلك الاستثمار في التدريب المهني المستجيب لسوق العمل، مع التركيز على القطاعات الناشئة أو ذي الطلب المرتفع، وربط التدريب بالعمل الفعلي داخل الشركات.
وتعد الموارد المالية والدعم الدولي ضروريين للاستمرار في هذه المبادرات، خصوصاً في ظل الضغوط الاقتصادية على الأردن.
وفي الخلاصةـ تظهر تجربة الأردن بمبادرات منظمة العمل الدولية، أن إدماج اللاجئين في سوق العمل ليس ممكناً فحسب، بل مفيد للجميع، للاجئين، والمجتمعات المضيفة، والدولة.
وثبت أنه من خلال التدريب، والتصاريح، والمشاريع التي توفّر فرص عمل لائقة، يمكن تخفيف الضغط الاقتصادي وتحسين الاستقرار الاجتماعي، غير أن النجاح الكامل يعتمد على استدامة هذه المبادرات، وإزالة الحواجز القانونية والإدارية، وتحقيق التوازن بين حماية العمال المحليين وضمان حقوق اللاجئين.
ويقف الأردن اليوم أمام فرصة تجعل من تجربته نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، إذا ما توفّرت الإرادة السياسية والدعم اللازم.- الغد