من أحا إلى حبلها يولدها .. ازدواجية تربوية فجّة
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
جرش وما أدراك ما جرشعادت قضية ازدواجية المعايير داخل المنظومة التربوية في المملكة إلى الواجهة، بعد حادثتين متزامنتين أثارتا جدلاً واسعًا في الرأي العام، الأولى تتعلق بطالب في المرحلة الثانوية (التوجيهي) حُرم من التقدم لدورتين امتحانيتين بسبب تلفظه بكلمة عامية اعتُبرت خارجة، بينما جاءت الثانية من قمة الهرم التربوي، حيث أطلق أمين عام وزارة التربية والتعليم عبارة وُصفت بأنها غير لائقة في مقابلة تلفزيونية علنية.
البداية كانت حين تم حرمان طالب توجيهي من التقدّم لدورتين امتحانيتين بعد أن تلفّظ بكلمة عامية "أحا" داخل المدرسة، الأمر الذي قوبل بإجراءات عقابية صارمة من الوزارة، رغم أنه لا يزال طالبًا ضمن مقاعد الدراسة ويتلقى تربيته الأكاديمية والسلوكية في إطار المدرسة.
وفي المقابل، خلال لقاء تلفزيوني أجري مؤخرًا، وُجه سؤال لأمين عام وزارة التربية والتعليم حول مستقبل نقابة المعلمين الأردنيين، فجاء الرد الصادم من المسؤول التربوي بالقول: "أنا لا علاقة لي بالموضوع.. اللي حبلها يولدها"، وهي عبارة أثارت استهجانًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة وأنها صدرت من شخصية رفيعة في قطاع يُفترض أن يكون قدوة في السلوك واللغة.
الجدل لم يتوقف عند الألفاظ، بل امتد إلى جوهر القضية وهو "ازدواجية المعايير" في تطبيق القيم التربوية. فبينما يُحاسب طالب على تعبير انفعالي قد يُفسَّر في سياق الغضب أو الضغط، يُسمح لمسؤول باستخدام لغة غير رسمية دون أي محاسبة تُذكر، رغم التأثير الواسع لكلماته على الرأي العام والطلبة والمجتمع التربوي ككل.
وفيما حاول البعض الدفاع عن استخدام كلمة "أحا" بالإشارة إلى أصولها في اللهجة العامية المصرية، حيث تُستخدم أحيانًا للتعبير عن الغضب أو الرفض، بل وحتى ادعى البعض أنها اختصار لعبارة "أنا حقًا أعترض" التي انتشرت بعد خطاب تنحي الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، فإن هذا لا يغيّر من واقع العقوبة المشددة التي تعرض لها الطالب.
في المقابل، لم تكن عبارة "اللي حبلها يولدها" بحاجة إلى تفسير، بحسب ما علق كثيرون، مؤكدين أنها تتنافى مع مقام المتحدث ومسؤوليته، خصوصًا حين تُستخدم للرد على قضية بحجم نقابة المعلمين.
الحادثتان فتحتا الباب واسعًا أمام تساؤلات مشروعة من قبل الأهالي والمعلمين والطلبة، حول معايير العدالة والانضباط في النظام التربوي الأردني. إذ طالب كثيرون بضرورة اعتماد معايير موحّدة في التعامل مع السلوكيات اللغوية، سواء صدرت عن الطلاب أو المسؤولين، لا أن يكون الطالب هو الحلقة الأضعف في سلسلة العقوبات.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الحاجة باتت ملحة إلى مراجعة شاملة للسياسات السلوكية والتواصلية داخل مؤسساتنا التعليمية، مع التأكيد على أن القدوة تبدأ من الأعلى، وأن غرس القيم لا يكون فقط بالمناهج بل أيضًا بالسلوك العام لمن يتحدثون باسم التربية والتعليم.