فروقات هائلة بأسعار الأدوية في الأردن تصل إلى عشرة أضعاف مقارنة بدول أخرى... ومطالب بتعديل التسعيرة ومكافحة الاحتكار
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
روميرو أفضل لاعب في الدوري الأوروبيزاد الاردن الاخباري -
خاص - ماجد المساعيد - تشهد السوق الدوائية في الأردن انتقادات متصاعدة في الأوساط الشعبية والطبية بسبب فروقات "غير منطقية" في أسعار عدد كبير من الأدوية، مقارنة بأسعارها في دول مجاورة وحتى في الأسواق الأوروبية. حيث كشفت تقارير رقابية وشكاوى مواطنين أن أسعار بعض الأدوية في الأردن تفوق نظيراتها في الخارج بما يصل إلى عشرة أضعاف، ما يطرح تساؤلات جدية حول آلية تسعير الأدوية، وفعالية الرقابة، ودرجة تأثير اللوبيات والشركات الكبرى على السوق المحلية.
أرقام صادمة.. أدوية تتجاوز سعرها العالمي
وتظهر مقارنة حديثة أجرتها "زاد الأردن" بين أسعار أدوية متداولة في السوق الأردني ومثيلاتها في دول مثل تركيا ومصر ولبنان، وجود فجوة كبيرة في الأسعار، حتى مع احتساب فروق الضرائب وسلاسل التوريد. فعلى سبيل المثال:
دواء للضغط يبلغ سعره في الأردن 15 دينارًا، بينما لا يتجاوز 2 دينار في تركيا.
مضاد حيوي شائع يباع محليًا بـ 12 دينارًا، في حين يُباع في مصر بـ 1.5 دينار.
دواء للسكري قد يصل ثمنه إلى 60 دينارًا في الأردن، بينما لا يتعدى 10 دنانير في أسواق أوروبا الشرقية.
هذه الأرقام، بحسب مختصين في القطاع الدوائي، لا تعكس فقط غلاء المعيشة، بل تكشف عن خلل في السياسات التسعيرية التي تعتمدها وزارة الصحة، والتي تستند إلى آلية تعود لأكثر من عقدين دون مراجعة شاملة أو شفافية في تطبيقها.
آلية تسعير تحتاج لإعادة نظر
وبحسب نقابة الصيادلة، فإن تسعير الأدوية في الأردن يتم وفق ما يسمى بـ"الدول المرجعية"، حيث تتم مقارنة سعر الدواء في خمس إلى سبع دول يتم اختيارها مسبقًا، إلا أن اعتماد دول ذات أسعار مرتفعة أصلاً أو تجاهل السوق المحلي يؤدي إلى رفع الكلفة على المواطن.
ويقول د. إيهاب شحادة، خبير اقتصادي في الشأن الصحي، إن "تسعيرة الأدوية في الأردن لا تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن، بل تراعي أولاً مصلحة الشركات الموردة والتجار"، مشيرًا إلى أن "هناك ضغطًا من قبل بعض الشركات الكبرى للحفاظ على هوامش ربح مرتفعة، مستغلين غياب البدائل المحلية الكافية".
المواطن يدفع الثمن.. والتأمين لا يغطي
وتنعكس هذه الفجوة في الأسعار على جيب المواطن، خاصة غير المشمولين بالتأمين الصحي أو أصحاب الأمراض المزمنة، الذين يضطرون إلى شراء أدوية شهرية مكلفة. وتقول السيدة منى العجارمة، وهي مريضة سكري، إنها تنفق أكثر من 100 دينار شهريًا على الأدوية، وتضطر أحيانًا إلى تقليل الجرعات لتوفير المال، وهو ما يعرض صحتها للخطر.
وفي المقابل، لا يغطي التأمين الصحي الحكومي أو الخاص سوى نسبة ضئيلة من هذه الكلفة، ما يفتح الباب لظاهرة "تهريب الأدوية" من الخارج أو شرائها عبر الإنترنت بأسعار أقل، ما يعرّض حياة المرضى للخطر في حال اللجوء إلى مصادر غير موثوقة.
الحكومة تَعِد بمراجعة.. لكن التغيير بطيء
وزارة الصحة كانت قد أعلنت في وقت سابق عن نيتها مراجعة آلية التسعير الدوائي، وتشكيل لجنة لدراسة الأسعار ومقارنتها بالدول المجاورة، إلا أن نتائج هذه الجهود لا تزال غير ملموسة حتى اليوم.
وفي تصريحات سابقة، قال وزير الصحة إن "الوزارة حريصة على تحقيق التوازن بين توافر الدواء وضبط أسعاره"، لكنه أشار إلى "حساسية الملف" نظراً لتشابك المصالح مع قطاع التصنيع الدوائي المحلي، الذي يعد من الأعمدة الاقتصادية في المملكة، ويوظف آلاف الأردنيين.
مطالب بتعديل جذري ومكافحة الاحتكار
وتطالب فعاليات نقابية وبرلمانية الحكومة باتخاذ إجراءات أكثر جرأة، تشمل:
تعديل قائمة الدول المرجعية لتسعير الأدوية.
تعزيز المنافسة ومنع الاحتكار في التوريد.
تشجيع تصنيع البدائل الجنيسة المحلية وتسهيل تسجيلها.
دعم التأمين الصحي الشامل ليغطي أكبر عدد من المواطنين.
فتح باب الاستيراد الفردي للأدوية غير المتوفرة بأسعار عادلة.
النائب أحمد السواعي، عضو لجنة الصحة النيابية، قال في تصريح لـ"زاد الأردن" إن اللجنة بصدد فتح تحقيق برلماني موسع في الملف الدوائي، مؤكدًا أن "صحة المواطن يجب أن تكون أولوية فوق أي اعتبارات تجارية".
خلاصة: سوق دوائية تحتاج إلى إنقاذ
في ظل استمرار الشكاوى، والضغوط المعيشية، وتراجع القدرة الشرائية، تبدو الحاجة ملحة إلى إصلاح جذري في قطاع الأدوية، يحقق العدالة الدوائية، ويوفر العلاج بسعر منطقي وآمن لكل مواطن، بعيدًا عن معادلات السوق المغلقة والمصالح الضيقة.
هل نشهد قريبًا ثورة في تسعير الأدوية في الأردن؟ أم أن "الدواء" سيبقى حكرًا على من يستطيع إليه سبيلا؟