قديسات يكتب: العصيان المدني – أداة ضغط أم مدخل للفوضى؟
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
حماس : النصر المطلق الذي يروج له نتنياهو وهم كبيرفي ظل تصاعد الأحداث في فلسطين المحتلة، وارتفاع منسوب الغضب الشعبي في الشارع العربي، يعود السؤال الأزلي إلى الواجهة: كيف يمكننا أن ندعم القضية الفلسطينية دعمًا حقيقيًا يتجاوز حدود الشعارات والخطابات العاطفية؟وبينما يختار البعض طريق الصراخ والشعارات، ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك بالدعوة إلى العصيان المدني، يبرز تيار ثالث يدعو إلى التفكير العميق: إلى أين يأخذنا كل ذلك؟ وهل تقوية الداخل ليست هي الخطوة الأولى للدفاع عن قضيتنا المركزية؟قد يختلف تعريف السياسة من مدرسة فكرية إلى أخرى، وقد يراها البعض فنًّا في استدرار المشاعر، بينما يراها آخرون فنّ الممكن. لكن العودة إلى أبجدياتها تكشف لنا أن السياسة – في جوهرها – فكرة تستنفر العقل، لا خطابًا يستجدي العاطفة.ومع أن العاطفة قد تكون أداة مشروعة لكسب التأييد، فإن الإفراط في استخدامها دون إدراك للواقع قد يقود إلى تزييف الوعي، وتضليل الجمهور.نظرة واحدة إلى الشارع الأردني تكفي لقراءة مكامن الخلل: اقتصاد متهالك، ضغط اجتماعي متصاعد، وثقة شعبية في حالة مدّ وجزر. الواقع، بكل وضوح، لا يُشبه الأمل الذي نحمله في داخلنا.لكن المفارقة أن هذه الدولة – رغم محدودية مواردها وموقعها الجيوسياسي وسط إقليم مشتعل – ما زالت تصمد، وتقوم بما لا يتوقعه كثيرون.لا يختلف اثنان في الأردن – لا شعبًا ولا دولة – على مركزية القضية الفلسطينية. فالموقف الرسمي الأردني تجاه العدوان الإسرائيلي الأخير تصاعد بتدرج عقلاني مدروس، عكس حرص الدولة على عدم الانزلاق في ردود فعل غير محسوبة، رغم الضغوط.هذه المواقف لا يمكن أن تُنكر إلا من اثنين: إما جاهل لا يقرأ المشهد، أو حاقد يتربّص ويُحرّف الوقائع.في خضم هذه الحالة، خرجت دعوات للعصيان المدني، فتباينت الآراء بين من يراها فعل مقاومة، ومن يراها مدخلًا للفوضى. لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن العصيان، في واقع هش كالذي نعيشه، قد يتحول من أداة ضغط إلى فتيل أزمة وطنية، بل ودعوة غير مباشرة للخراب.من السهل إشعال الشارع، لكن من الصعب جدًا إعادة ترميم الثقة إذا انهارت. فهل هذا ما تحتاجه القضية الفلسطينية؟ هل يساهم إضعاف الأردن في تقوية موقفها؟ أم أن تقوية الداخل هو خط الدفاع الأول عنها؟إن أقوى دعم يمكن أن نقدمه لفلسطين، هو أن نُقوّي أنفسنا، أن نبني وطنًا منتجًا، متماسكًا، واعيًا، قادرًا على التفاعل السياسي لا فقط الانفعال العاطفي حيث لا يمكن دعم القضية الفلسطينية بأدوات منخورة من الداخل. فإن أقوى ما يمكن أن نقدمه لفلسطين هو أردنٌ موحد، منتج، مستقر، قادر على التأثير، لا بلدًا مثقلًا بالأزمات.السياسي الحقيقي لا يستمد مشروعيته من عواطف الناس، بل من إدراكه للواقع، ورؤيته الاستشرافية. ومن لا يرى الواقع، لا يمكنه أن يصنع المستقبل، ولا حتى قيد أُنملة.ومن يبني خطابه على العاطفة وحدها، لن يصنع إلا وهمًا، سرعان ما ينكسر أمام أول اختبار.فلنتوقف لحظة، نفكّر بعمق، ونعيد ترتيب الأولويات: لنقوّي وطننا حتى لا يُكسر ظهر قضيّتنا.
في ظل تصاعد الأحداث في فلسطين المحتلة، وارتفاع منسوب الغضب الشعبي في الشارع العربي، يعود السؤال الأزلي إلى الواجهة: كيف يمكننا أن ندعم القضية الفلسطينية دعمًا حقيقيًا يتجاوز حدود الشعارات والخطابات العاطفية؟
وبينما يختار البعض طريق الصراخ والشعارات، ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك بالدعوة إلى العصيان المدني، يبرز تيار ثالث يدعو إلى التفكير العميق: إلى أين يأخذنا كل ذلك؟ وهل تقوية الداخل ليست هي الخطوة الأولى للدفاع عن قضيتنا المركزية؟
قد يختلف تعريف السياسة من مدرسة فكرية إلى أخرى، وقد يراها البعض فنًّا في استدرار المشاعر، بينما يراها آخرون فنّ الممكن. لكن العودة إلى أبجدياتها تكشف لنا أن السياسة – في جوهرها – فكرة تستنفر العقل، لا خطابًا يستجدي العاطفة.
ومع أن العاطفة قد تكون أداة مشروعة لكسب التأييد، فإن الإفراط في استخدامها دون إدراك للواقع قد يقود إلى تزييف الوعي، وتضليل الجمهور.
نظرة واحدة إلى الشارع الأردني تكفي لقراءة مكامن الخلل: اقتصاد متهالك، ضغط اجتماعي متصاعد، وثقة شعبية في حالة مدّ وجزر. الواقع، بكل وضوح، لا يُشبه الأمل الذي نحمله في داخلنا.
لكن المفارقة أن هذه الدولة – رغم محدودية مواردها وموقعها الجيوسياسي وسط إقليم مشتعل – ما زالت تصمد، وتقوم بما لا يتوقعه كثيرون.
لا يختلف اثنان في الأردن – لا شعبًا ولا دولة – على مركزية القضية الفلسطينية. فالموقف الرسمي الأردني تجاه العدوان الإسرائيلي الأخير تصاعد بتدرج عقلاني مدروس، عكس حرص الدولة على عدم الانزلاق في ردود فعل غير محسوبة، رغم الضغوط.
هذه المواقف لا يمكن أن تُنكر إلا من اثنين: إما جاهل لا يقرأ المشهد، أو حاقد يتربّص ويُحرّف الوقائع.
في خضم هذه الحالة، خرجت دعوات للعصيان المدني، فتباينت الآراء بين من يراها فعل مقاومة، ومن يراها مدخلًا للفوضى. لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن العصيان، في واقع هش كالذي نعيشه، قد يتحول من أداة ضغط إلى فتيل أزمة وطنية، بل ودعوة غير مباشرة للخراب.
من السهل إشعال الشارع، لكن من الصعب جدًا إعادة ترميم الثقة إذا انهارت. فهل هذا ما تحتاجه القضية الفلسطينية؟ هل يساهم إضعاف الأردن في تقوية موقفها؟ أم أن تقوية الداخل هو خط الدفاع الأول عنها؟
إن أقوى دعم يمكن أن نقدمه لفلسطين، هو أن نُقوّي أنفسنا، أن نبني وطنًا منتجًا، متماسكًا، واعيًا، قادرًا على التفاعل السياسي لا فقط الانفعال العاطفي حيث لا يمكن دعم القضية الفلسطينية بأدوات منخورة من الداخل. فإن أقوى ما يمكن أن نقدمه لفلسطين هو أردنٌ موحد، منتج، مستقر، قادر على التأثير، لا بلدًا مثقلًا بالأزمات.
السياسي الحقيقي لا يستمد مشروعيته من عواطف الناس، بل من إدراكه للواقع، ورؤيته الاستشرافية. ومن لا يرى الواقع، لا يمكنه أن يصنع المستقبل، ولا حتى قيد أُنملة.ومن يبني خطابه على العاطفة وحدها، لن يصنع إلا وهمًا، سرعان ما ينكسر أمام أول اختبار.
فلنتوقف لحظة، نفكّر بعمق، ونعيد ترتيب الأولويات: لنقوّي وطننا حتى لا يُكسر ظهر قضيّتنا.