اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
رم - د. رانيا إسماعيل
فيديو ليس كباقي الفيديوهات؛ فقد انتشر كالنار في الهشيم في مختلف الدول. وهنا أؤكد أنني أحلل ظاهرة وليس أشخاصًا. هنالك عوامل نفسية متعددة ساهمت في انتشاره، وبعيدًا عن السياسة، ورغم أن المشهد يعكس صراعًا سياسيًا وجماعيًا بين نواب من خلفيات مختلفة — النائب العربي البدوي مقابل النائبة اليهودية الإسرائيلية — فإن خطاب الدكتور البدوي سمير بن سعيد لم يكن خطابًا رسميًا فحسب، بل كان خطابًا شعبيًا بلهجته البدوية التي تدل على الهوية الأصيلة والانتماء للأرض والوطن والقبيلة. كلماته البدوية لامست نبض القلوب المنكسرة، لأنها تعكس رفضه للهيمنة والمنظومة التي يتواجد فيها، كما شعر الناس بأنها لحظة حقيقية وليست مُحضّرة، وهو ما منح الفيديو مصداقية عالية وجعل المداخلات الجريئة وغير المتوقعة تثير دهشة الجمهور.
يُصنف هذا الفيديو كفيديو ذو محتوى عميق، لأنه يجمع تناقضات كبيرة وجوهرية ضمن منطقةٍ مستعِرة بالصراعات. فيه من الاستفزاز والحقيقة ما يجعل الناس تتداوله بالسخرية أو الضحك أو التعليق أو النشر أو القبول أو الرفض، وهي جميعها وقود مهم لانتشاره. فديناميات الخوارزميات رفعته إلى المستويات الأعلى لأنه مستفز وناقد ومثير للجدل، ومن ناحية أخرى يحمل تأكيدًا على الوجود الإنساني المهدد. لقد تجلت فيه لهجة التحدي بوضوح، وهذا ما لفت انتباه الشباب والشعوب العربية التي تحتاج لهذا النوع من الخطاب، إذ كسر النائب البدوي الزيف الرسمي الذي يراه، واستخدم منبره ليعبّر عن الأصوات المخفية التي لا تُسمع في مجتمعه، وفي الوقت ذاته عبّر عن رغبته بتشكيل بعد سياسي جديد.
أما بالنسبة للغة الجسد والصوت التي استخدمها بن سعيد، فكانت تدل على أنه المتحكم بإطار المشهد من خلال قوة نبرة صوته وحدّتها وارتفاع إيقاعه. الإيماءات والنظرات المستديرة عبّرت عن إيمان عميق بما يقوله، كما استخدم ديناميات المواجهة ومزج الفصحى بالعامية ليضع خصمه في موضع الغريب والدخيل على المكان. استخدم التصعيد المتبادل، وفي الوقت ذاته حافظ على تدفّق كلماته وأفكاره، رغم محاولات الطرف الآخر (النائبة) تشتيته بالصوت العالي والجعجعة. لقد انتشر الفيديو لأنه جعلنا نشعر قبل أن نفكر.
هذا المقال تحليل نفسي اجتماعي لمشهد عام متداول، يهدف إلى الفهم العلمي لظاهرة الانتشار، ولا يتضمن أي تقييم شخصي أو سياسي. الآراء الواردة تحليلية بحتة في إطار البحث والإرشاد النفسي.












































