من المملكة إلى ميلانو… سامر علامة يحصد المركز الثالث عالميًا بعد رحلة إعداد استثنائية

في إحدى قاعات فندق كراون بلازا الشهير في ميلانو، حيث يتلاقى الضوء مع العزيمة، وقف لاعب كمال الأجسام سامر علامة على منصة التتويج ليحصد المركز الثالث في فئتي Heavy Weight +40 & +45 ضمن بطولة NPC EUROMASTERS، بعد رحلة إعداد امتدت ستة أشهر حملت في طياتها الكثير من التحديات والانتصارات الشخصية.

رحلة بطل سعودي عاش مع اللعبة منذ عام 1995، وتشبعت روحه بالتزام لا يعرف المساومة.

في هذا الحوار، نقترب من تفاصيل الحكاية… من الفلسفة التي يحملها سامر تجاه الرياضة، ومن الثمن الذي دفعه ليصل، ومن الأشخاص الذين شكلوا جزءًا من هذه المسيرة

بدايةً… كيف تصف لحظة تتويجك في ميلان بعد هذا المشوار الطويل؟

لحظة التتويج كانت مزيجًا من الهدوء الداخلي والفخر العميق. لم تكن مجرد منصة أو ميدالية، بل كانت نتيجة ستة أشهر من الإعداد الصارم، وستة وعشرين عامًا من الممارسة والانضباط. عندما سمعت اسمي بين الفائزين في واحدة من أقوى بطولات NPC في العالم، شعرت بأن كل التعب والانعزال والسهر والتحديات كان لها معنى. كانت فرحة مختلفة… فرحة رجل أثبت لنفسه قبل الآخرين أنه قادر على الوصول.

مشاركتك جاءت بعد حصولك سابقًا على المركز الثاني في بطولة المملكة. ما الذي تغيّر في رحلة الإعداد لإيطاليا؟

رحلة الإعداد لإيطاليا كانت أصعب بكثير. كنت أعرف تمامًا أنني ذاهب إلى بطولة تُمنح فيها 42 بطاقة احتراف، وهذا بحد ذاته يعني مستوى غير مسبوق من المنافسة.

واجهت منعطفات كثيرة… بعضها جميل وبعضها مرهق جدًا، لكنني التزمت بالخطة:

تمارين مقاومة بتكنيك محدد

تمارين كارديو لفترتين يوميًا (ساعة في كل فترة)

نظام غذائي صارم محسوب بالسعرات

نوم منظم بساعات محددة

انعزال كامل عن الحياة الاجتماعية

لم يكن هناك مجال للخطأ. كان الهدف واضحًا، وكل ما حولي كان يجب أن يخدم هذا الهدف.

كثيرون يعتقدون أن كمال الأجسام تعتمد على القوة، لكنك تحدثت عن “الصلابة الذهنية”. كيف ترى ذلك؟

كمال الأجسام ليست رياضة عضلات… هي رياضة عقل.

الصلابة الذهنية هي الأساس، لأنها رياضة تبنيك طوال العام، وليس في موسم محدد.

الالتزام بالنظام، تحمل الألم، مقاومة الرغبات، القدرة على الاستمرار رغم الانهاك… هذه ليست مهارات جسدية بل عقلية.

صحيح أنها ليست رياضة أولمبية لاعتبارات صحية، لكن في رأيي الشخصي:

لا يوجد رياضي ملتزم طوال العام بقدر لاعب كمال الأجسام.

نحن نعيش نظامًا صارمًا لا يتوقف، ويتطور حسب الهدف. ولهذا أرى أن هذا الطريق يصنع رجالاً يعرفون قيمة الانضباط الحقيقي.

كيف كانت المنافسة في إيطاليا مقارنة بالبطولات الأخرى؟

بطولة إيطاليا من أقوى وأضخم البطولات عالميًا.

اللاعبون يأتون من أوروبا وآسيا وأفريقيا والأميركيتين، وكلهم في مستوى عالٍ جدًا. بالمقارنة مع بطولات تمنح 10 بطاقات احتراف فقط، فبطولة NPC EUROMASTERS تمنح 42 بطاقة، وهذا يعكس حجم التحدي.

ورغم ذلك، وبفضل الله، كنت من أفضل اللاعبين على مستوى العالم في فئتي. التنظيم كان رائعًا، والمنافسة شرسة لكنها ممتعة وملهمة.

ستة أشهر من العزلة، الجهد، الألم… كيف واجهت اللحظات الصعبة؟

اللحظات الصعبة كثيرة… لكن هناك عناصر ساعدتني على الاستمرار:

الإيمان بالهدف

الروتين المنظم

تحمل الألم كجزء من اللعبة

تذكّر أن كل يوم التزام يقربني خطوة من المنصة

لكن من يقف وحده طويلًا قد يسقط… وهنا يأتي دور الأشخاص الذين كانوا سندًا حقيقيًا.

من هم الأشخاص الذين كانوا شركاء حقيقيين في هذا الإنجاز؟

أولًا: مدربي وأخي عباس الجساس.

هو الشخص الذي رسم الخطة، تابعني لحظة بلحظة، وحافظ على قوتي الذهنية قبل الجسدية.

ثانيًا: المحترف منير الجساس.

له “اللمسات السحرية” في آخر أسبوعين… مرحلة التفنيش التي تعتبر أهم مراحل البطولة.

وثالثًا… وهو الأهم بالنسبة لي:

زوجتي الغالية.

كانت الدعم الحقيقي في كل لحظة انهيار، ووقفت معي بلا تردد. بدونها لم يكن بإمكاني المواصلة. هي جزء أصيل من كل إنجاز حققته.

أخيرًا… ما الرسالة التي توجهها للجيل الجديد من اللاعبين؟

رسالتي لهم بسيطة وعميقة في الوقت ذاته:

الانضباط يهزم الموهبة إن لم تنضبط الموهبة.

لا تنظر للنتائج… انظر للطريق.

تعلّم أن تواجه ذاتك، أن تتحمل الألم، وأن تحب اللحظة التي تقترب فيها من السقوط… لأنها تعلّمك من أنت.

كمال الأجسام ليست مجرد رياضة؛ إنها طريقة حياة، تبني منها نسخة أقوى وأصدق من نفسك.