اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
بسام حدادين يفجر العمل الحزبي من خلال (ما فيش فايدة).. هل نعيش حالة حزبية حقيقية؟ #عاجل
كتب د. محمد أبو بكر -
حين غادر بسام حدادين السجن في أواخر العام ١٩٨٩، وهو القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومن ثم حزب الشعب الديمقراطي (حشد)، حملوه على الأكتاف في مدينة الزرقاء ومخيم حطين، وتاليا حملوه نحو العبدلي، حيث مجلس النواب، ذلك المجلس الذي مازلنا نتغنى به وبشخوصه، الذين غيب الموت غالبيتهم، كليث شبيلات ومحمد ابو فارس، وفارس النابلسي وخليل حدادين وكثيرين غيرهم، ومنهم مازال يعيش بيننا.
كان بسام حدادين حزبيا عريقا، يمتلك من الخبرات ما يحسده عليها كثيرون، خمسون عاما والرجل غارق في معمعة العمل الحزبي، ووصل إلى موقع الوزارة وزيرا للتنمية السياسية، وبقي كما هو ذلك الحزبي المخضرم.
حاول وبجهود مع آخرين جمع شتات اليسار، وهو المشتت أصلا، ضاق ذرعا بكل ما يحدث على ساحة العمل الحزبي، إلى أن رفع راية التقاعد والإنسحاب من الحياة الحزبية بصورة كاملة، فحدادين اليوم يرمي يمين الطلاق بالثلاثة على الأحزاب والحزبيين.
هذه حالة من حالات كثيرة، ويمكن القول بأن ما قام به حدادين يلخص الحالة الحزبية اليوم، التي لا تعرف إلى أين المنتهى والمسير، صحيح أن لدينا عشرات الأحزاب، وتمتلك نوابا في البرلمان، ولكن يسأل حزبي مخضرم.. هل هؤلاء النواب هم فعلا نواب حزبيون، يملكون فكرا واضحا وبرامج أوضح؟
في تسعينيات القرن الماضي حتى بدايات الألفية، كان عدد المؤسسين للحزب السياسي خمسين شخصا، ورغم العدد المحدود، إلا أننا عشنا فترة ازدهار حزبي ونشاطا لافتا من العديد من هذه الأحزاب، والتي كانت لها أدوار يمكن القول بأنها فاعلة، وتختلف عما بين أيدينا اليوم.
غالبية المجلس النيابي من الحزبيين، والمواطن الأردني لا يشعر بذلك أبدا، فالنائب الحزبي وجدنا بأنه لا يختلف أبدا عن نائب الدائرة المحلية أو ممثل العشيرة، وبالتالي لا يمكن القول بأننا نعيش حياة حزبية حقيقية، بل كما وصفها وزير أسبق بالسراب الحزبي، نطارد خلفه ونهرول ولا نستطيع الوصول إليه، وحين سألناه عن ماهية الحل، كانت الإجابة واضحة باتجاه نسف قانون الانتخابات الحالي والتوافق على قانون جديد، وبما يسمح حقيقة بوجود حياة حزبية بعد أكثر من خمسة وثلاثين عاما من التخبط، إضافة لتغيير جذري في قانون الأحزاب.
في خمسينيات القرن الماضي وفي عهد حكومة المرحوم فوزي الملقي صدر قانون الأحزاب الذي كان ينص على أن يكون عدد المؤسسين عشرة أشخاص، ورغم هذا الرقم المتدني ، إلا أن الساحة الحزبية كانت حافلة تماما ، وتم تشكيل أول حكومة حزبية ، والأخيرة بالطبع ، برئاسة زعيم الحزب الاشتراكي سليمان النابلسي ، بعد أن سيطرت الأحزاب القومية واليسارية على غالبية المقاعد التي كان عددها الإجمالي أربعين ماعدا.
نحن اليوم نعيش مرحلة استثنائية في الحياة الحزبية ، ويرى كثيرون بأننا لم نصل بعد إلى ما يمكن تسميته بأحزاب سياسية تعبر عن المواطن خير تعبير ، حتى الأحزاب نفسها لا تعلم الجهة التي تقف فيها ، هل هي يسارية أو وسطية أو يمين الوسط .. وهكذا ، هي مجرد فزعة بإطار حزبي ، وتماشيا مع قانون ، مازلت أعتبره من أغرب القوانين الحزبية في العالم ، ففي لبنان مثلا يكفي سبعة أشخاص لتأليف حزب ، وفي إيطاليا تحصل على الترخيص من البلدية .
فهل نكرر قول بسام حدادين .. ما فيش فايدة ، أم ننتظر لثلاثين عاما أخرى ؟ ربما حينها نحفل بأحزاب سياسية ، تريحنا من حالة السراب الحزبي الذي نعيشه ، وتخرجنا من هذه الهشاشة التي باتت مجالا للتندر في العديد من صالونات السياسيين أو حتى في صالونات الحلاقة وأمام دكان عمي أبو محمود في جبل الجوفة.












































