اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
هآرتس: بعيدا عن الأضواء، إجراء عملية ضم هادئة ومتواصلة لمنطقة واسعة في الضفة الغربية
بينما تنفّذ كتائب الهجوم التابعة لـ'يشعستان' مهمتها بطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من أراضيهم، يجري في الوقت عينه نوع آخر من التهجير، لكن من دون أن يثير ضجة إعلامية. ولا يتمثل عنف هذا التهجير في القضبان الحديدية والرصاص الحي، بل في الأوامر والقواعد التي صاغها قضاة مجهولو الهوية، وتحمل تواقيع ضباط كبار وموافقة المحكمة العليا. يُعرف هذا التهجير الصامت باسم 'منطقة التماس'، وهي مساحة شاسعة تبلغ نحو 320 ألف دونم، تقع بين جدار الفصل الذي شُيّد عميقاً في داخل الضفة الغربية وبين الخط الأخضر، وهي منطقة مفتوحة أمام الإسرائيليين، ومغلقة أمام الفلسطينيين.
فالإسرائيليون والسياح أحرار في التجول فيها كيفما يشاؤون، وفي تطوير مستوطناتهم التي تُعتبر غير قانونية، وفق القانون الدولي. أمّا سكان الأرض التي احتُلت سنة 1967، فهذه منطقتهم الطبيعية المُبعدة ما وراء 'جبال الظلام'. خلال العامين الأخيرين، حصلت قلة قليلة من المزارعين من القرى الواقعة بين قلقيلية ويعبد على تصاريح لدخول أراضيهم هناك، وبعد التماسات قُدمت من 'مركز الدفاع عن الفرد'، مُنح بعضهم في الشهر الماضي تصاريح ليومين، أو ثلاثة، لجني محاصيل الزيتون، وندموا على ذهابهم؛ لقد فُطِرت قلوبهم حزناً على أشجار الزيتون اليابسة والخراب الذي حلّ بأراضيهم.
عندما قال الخبراء الحقيقيون في السياسة الإسرائيلية، أي الفلسطينيون واليسار ومنظمات حقوق الإنسان، في بداية الألفية، إن مسار جدار الفصل يهدف إلى ابتلاع مزيد من الأراضي الخصبة، أبدى ممثلو الدولة دهشتهم، وقالوا: 'مَن، نحن؟ هل نريد أكبر مساحة من الأرض مع أقل عدد ممكن من الفلسطينيين؟ طبعاً لا! من أين جئتم بهذا الكلام؟ الأمن وحده هو ما يهمنا'.
لكن في الواقع، ما يحدث اليوم يثبت أن الضم بدأ فعلاً منذ زمن، فالعصابات الاستيطانية تضع كرافانات وأكواخاً غير قانونية على بُعد مترين فقط من كروم الزيتون الفلسطينية، ثم تزعم أن جني الزيتون يهددها، وأن حقها الإلهي يبيح لها مهاجمة المزارعين وسفك دمائهم. أمّا الدولة، فتحكم على السكان الذين احتلت أراضيهم سنة 1967 بمصير أبدي، كونهم رعايا لا حقوق لهم، وكل بئر مياه، أو سوق شعبية، أو جولة منظمة في المنطقة المصنّفة منطقة (ج) بشكل مصطنع، تُعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. وفي منطقة التماس، التي تبلغ ضعف مساحة المنطقة (ج)، فإن القيود صارمة إلى حدّ أن آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في القرى المحاصرة بداخلها لا يستطيعون السكن في بيوتهم، إلّا إذا تكرّمت إسرائيل وأصدرت لهم تصريح إقامة خاصاً.
مؤخراً، أضيفَ إلى هذه الفئة سكان ثلاث قرى تقع شمال غربي القدس: بيت إكسا، والنبي صموئيل، والحلايلة؛ بالنسبة إليهم، هذا لم يشكل تحولاً حقيقياً، لأنهم في الأساس كانوا معزولين تماماً عن أقاربهم وأصدقائهم وأماكن عملهم. وعلى مدى نحو عشرين عاماً، فُرضت قيود شديدة على الحركة والبناء هناك. وبسبب هذه القيود، تحوّل المجال الحيوي الذي كان يربط القرى بأراضيها إلى منطقة 'نظيفة' من الفلسطينيين، ضُمّت فعلياً إلى إسرائيل. لكن الآن، أصبح سكان القرى الثلاث مطالَبين أيضاً بالحصول على تصريح إسرائيلي للإقامة بمنازلهم. إلّا إن المئات منهم لم يحصلوا عليه، والعشرات بلغّوا أنهم لن يحصلوا عليه إطلاقاً، والموظفون الإسرائيليون، منفّذو الأوامر، هم الذين سيقررون مَن سيُسحب منه التصريح مستقبلاً، وفقاً لشروط سكنٍ سيبتكرونها بأنفسهم.
إنه ترحيل صامت، متواصل، يجري بعيداً عن الأضواء. وهو يوضح لماذا لا يتأثر الإسرائيليون، في معظمهم، بالتهجير الدموي الصريح الذي ينفّذه رُسل الرب، ولا يخرجون في تظاهرات حاشدة لوقفه؛ في النهاية، كلهم يؤيدون الحصول على ثروة عقارية كبرى لليهود.
* عميره هاس












































