اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
ملكٌ لا يهدأ… ووطنٌ في قلبه لا يغيب
الدكتور المحامي محمد الزبيدي
تابعتُ، كما تابع الأردنيون جميعًا في مختلف مناطق المملكة، جولة جلالة الملك الآسيوية الطويلة، تلك الجولة التي حملت على أكتافها هدفًا واضحًا: تعزيز الشراكات الاقتصادية وفتح أسواق جديدة أمام المنتج الأردني. رحلة لم تكن سهلة، قطع فيها جلالته عشرات الساعات من الطيران، وأجرى خلالها لقاءات مكثّفة في عدة مدن وتبدّل عليه الطقس مرارًا، وكل ذلك في سباق مع الزمن؛ ليعود ومعه فرص جديدة تضخ دمًا اقتصاديًا في شرايين الوطن لتشغيل ابنائه.
ومع هذا الإرهاق الذي يدركه الجميع إرهاق السفر، ضغط الاجتماعات، وطول الملفات، وتغيّر المناخ والطعام والنوم إلا أن المشهد يتكرر مع كل عودة ملكية لا محطة للراحة، ولا لحظة لالتقاط الأنفاس. فما إن حطت طائرته في عمّان، حتى توجه مباشرة إلى منطقة القسطل الصناعية، يتفقد المصانع، ويقف على احتياجات المستثمرين، ويطمئن على مواقع تُشغل الأردنيين وتدعم اقتصادهم.
هذا ليس مجرد برنامج عمل مزدحم… بل نهج حياة، نهج ملك تتقاطع على طاولته قضايا العالم وأزماته، لكنه لا يبتعد يومًا عن نبض مدنه وأهلها. فبين زيارة وأخرى، بين رحلة دولية وأخرى، يبقى الملك قريبًا من شعبه يقرأ همومهم، يشارك مناسباتهم، يقف معهم في أفراحهم كما في أتراحهم، نموذج نادر لقيادة هاشمية باتت استثناءً على مستوى العالم؛ قيادة تعيش بين شعبها، لا خلف الأسوار ولا في جدران العزلة.
وفي ظل هذا النهج، يبرز دور الديوان الملكي الهاشمي بقيادة معالي يوسف العيسوي، الوجه الميداني الدائم لجلالته، فالعيسوي لا يكتفي بتمثيل مؤسسة رسمية يعتبرها الأردنيون جميعًا بيت لهم، بل يمثل امتدادًا للقرب الملكي من الناس، يزور، يستمع، يواسي، ويواكب أدق التفاصيل، كما ظهر مؤخرًا خلال زيارته لمعالي وزير التعليم العالي عزمي محافظة، في مشهد يعكس المتابعة والاهتمام وتقدير الرجال الذين يعملون بصمت لخدمة الوطن.
ولعل أجمل ما في هذا المسار أن جلالة الملك لا ينظر إلى الأردنيين بوصفهم 'مواطنين” فحسب، بل بوصفهم أهلاً… أهلًا لهم حكاياتهم وتعبهم وأحلامهم ومسيرتهم. لذا نراه حاضرًا في كل الجغرافيا الأردنية، في المحافظات والبوادي والمخيمات،في المصانع والجامعات، وفي البيوت والمستشفيات، يسمع عن قرب ويسأل ويطمئن، ويمنح كل من يلتقيه شعورًا صادقًا بأنه شريك في القرار، وشريك في الاهتمام.
لقد قدّم جلالة الملك، عبر سنوات طويلة، درسًا للعالم اجمع، أن القيادة ليست منصبًا، وليست خطابات، وليست مراسم، القيادة هي أن تختصر المسافة مع الناس، وأن تمد يدك إليهم، وأن يبقى قلبك مفتوحًا لهم دائمًا.












































