اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
مَنْ يَضبطُ إيقاع مَنْ؟ الدولة أم الشعب؟
د. ابراهيم النقرش
نُبارك لدولة رئيس مجلس النواب وكافة أعضاء المجلس على ما يبذلونه من جهدٍ في إدارة الحوار الوطني، والسعي لتطوير أداء المؤسسة التشريعية وتعزيز العلاقة بين الدولة والمواطن , وهذا يستحق منا التقدير والاحترام.
لكن، ومن باب إثراء النقاش العام ,وبعيدا عن النقد والجدليه ، تبقى فكرة 'ضبط الإيقاع” بين الدولة والشعب موضوعاً يستحق التأمل. 'فالدولة، في جوهرها، ليست سلطة فوق المجتمع'، بل أداة بيده لتنظيم شؤونه وتحقيق مصالحه. الشعب هو الأصل، والدولة هي الفرع؛ هو من يمنح الشرعية، وهي من تُحاسَب إن انحرفت عن إرادته.
في الفلسفة السياسية، نشأت الدولة من 'عقد اجتماعي' بين الناس والسلطة، كما بيّن 'روسو” وغيره. هذا العقد يعني أن الأفراد سلّموا جزءًا من حريتهم للدولة مقابل التزامها بحمايتهم وضمان حقوقهم وخدمتهم بعدل ,وهذا هو العقد الإسلامي بيعه قائمه على الشورى والعدل والمساواة والمسؤولية المتبادلة ,الحاكم وكيل والأمة لها الرقابة والمسائلة أي أن العلاقة بين الطرفين تبادلية وليست تسلطية: الشعب يختار ويمنح الشرعية، والدولة تنفّذ وتخضع للمساءلة .
وعليه، فالصحيح أن الحكومات هي التي تضبط إيقاعها مع نبض الشعب، لأنه هو من يضع اللحن، والدولة تعزف على إيقاعه لا أن تفرض عليه نغمة لا يريدها.
وفي المفهوم الديمقراطي الحقيقي، الشعب هو مصدر السلطات، والبرلمان 'المنتخب' ممثلٌ لإرادته، والحكومة أداة لخدمته، والإعلام عين المجتمع لا 'بوق السلطة'. أما ما يسمى 'بالديمقراطية العربية” فالمفهوم مختلف، الدولة هي 'الأب” والشعب هو 'الابن والبنت القاصر” الذي يُطلب منه أن 'يفهم الواقع” ويتكيف معه، لا أن يشارك في صنعه.
إن 'ضبط الإيقاع” الحقيقي لا يكون بطلب الصمت من الشعب، بل بالإصغاء إليه. فالدولة التي لا تسمع لمواطنيها تفقد شرعيتها تدريجيًا مهما امتلكت من أدوات القوة والخطاب. أما الدولة التي تحترم العقد الاجتماعي، فهي التي تحاسب نفسها قبل أن تطلب من الناس الطاعة، وتربط شرعيتها برضاهم لا بطول بقائها.
. فالأكثر صحة وعدلاً أن نقول :على الدولة أن تضبط إيقاعها على نبض الشعب، لأنه الأصل والغاية، وهي الوسيلة والأداة.”
فحين تفهم الدولة ذلك، ينتظم الإيقاع، ويصبح اللحن الوطني سمفونية حقيقية من الانسجام بين الشعب والسلطة، لا ضجيجًا في زحمة الحياه












































